السبت، 4 يوليو 2015

المستشار توفيق وهبه يكتب: بين القرآن الكريم وما يسمي بمصحف فاطمة

28 يونيو,2015 ، آخر تحديث 12:12 م - أخبار حصري
توفيق وهبة
تروج بعض الروايات بين المفكرين والعامة من أهل السنة ومن الشيعة عن وجود مصحف لدي الشيعة يسمي مصحف فاطمة. ويفهم البعض من هذه الروايات ان هذا المصحف قرآن نزل به الوحي علي فاطمة عليها السلام بعد انقطاع الوحي بوفاة رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم , وأنه أكثر من ثلاثة أضعاف القرآن الكريم. والروايات التي ذكرت هذا المصحف لم تذكر أنه قرآن وانما فهم البعض ذلك. أو فهم من تلك الروايات علي غير الحقيقة فروج لهذه الفرية التي لم يقصد منها إلا تشكيك المسلمين في قرآنهم وهو مصدر الدين الأول ومن ثم هدم الإسلام نفسه.
أهم الروايات :
   هناك روايات مختلفة في هذا الشأن نشير إلي اهمها فيما يلي:
 أولا: ان رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يحدث ابنته فاطمة عليها السلام ببعض الأحاديث وكانت ترويها للامام علي كرم الله وجهه وكان يكتب لها ذلك فسمي بمصحف فاطمة.
 ثانيا: بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم مكثت فاطمة خمسة وسبعين يوماً حتي لقيت ربها. وكانت حزينة حزناً شديداً علي فراق والدها فكان جبريل ينزل عليها يكلمها ويواسيها. وكان الامام علي رضي الله عنه يكتب لها ما يحدثها به جبريل عليه السلام.
 ثالثا: ان فاطمة عليها السلام كانت تدون ملاحظات وتفسيرات علي حواشي المصحف. ولذلك سمي مصحف فاطمة. ولعل هذه الرواية هي الأقرب إلي الصحة.
 رأي أئمة آل البيت في هذا المصحف:
 سئل الامام جعفر الصادق عن الجفر ومصحف فاطمة فقال: “هو والله مسك ماعز ومسك ضأن ينطبق أحدهما علي الآخر” “أي ان جلد ماعز وجلد ضأن ينطبقان كالحقيبة لحفظ الأشياء” قال رضي الله عنه: “فيه سلاح رسول الله والكتب ومصحف فاطمة. أما والله ما أزعم أنه قرآن” وفي رواية أخري قال: “إنه جلد ثور مدبوغ كالجراب فيه كتب وعلم ما يحتاج إليه الناس إلي يوم القيامة من حلال وحرام. املاء رسول الله صلي الله عليه وسلم وآله وسلم بخط علي عليه السلام. وفيه مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن وان عندي لخاتم رسول ودرعه وسيفه ولوائه”.
   ومن مجموع هذه الروايات نتبين ان هذا المصحف ليس قرآنا ولا يوجد بين مراجع الشيعة و علمائهم الكبار من يري انه قرآن بل هي صحائف كتب فيها بعض الأقوال. فهي ليست قرآنا ولكن الالتباس جاء من تسميته مصحفا وعلي كل حال لا وجود لهذا المصحف الآن وكل ما هو موجود فهي الروايات المشار إليها. أما الكتاب نفسه فمفقود.
تعريف المصحف لغة وشرعاً:
 كلمة مصحف مأخوذة من الصحف والصفحات فكل كتاب له أوراق وصفحات يسمي مصحفا. وعلي هذا الأساس يطلق علي القرآن الكريم “مصحف”. قال الفيروز أبادي: المصحف – مثله الميم – من أصحف بالضم. أي جعلت فيه الصحف. ويسمي المصحف مصحفا لأنه من أصحف أي جعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدفتين.
      وقال أبوهلال العسكري في الفروق اللغوية: الفرق بين الكتاب والمصحف. ان الكتاب يكون ورقة واحدة ويكون جملة أوراق. والمصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صفحت. أي جمع بعضها إلي بعض. فالمصحف ليس اسما مختصا في القرآن. ولكن لما أطلق عليه بعد جمعه أول مرة صار الناس يجعلون الكلمة دالة علي القرآن الكريم.
    و روي السيوطي في الاتقان في علوم القرآن قال: لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال أبوبكر رضي الله عنه: التمسوا له اسما. فقال بعضهم. السفر. وقال بعضهم: المصحف. فإن الحبشة يسمونه مصحفا. وقال: وكان أبوبكر أول من جمع كتاب الله وسماه المصحف.
   رأي علماء الشيعة:
    وقد أكدت كل المراجع الشيعية المعتبرة ان مصحف فاطمة ليس بقرآن مقابل القرآن الكريم الذي نزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم وان الاشتباه عند البعض جاء – كما قلنا – من تسميته مصحفا باعتبار ان هذا الاسم ينصرف الي القرآن الكريم لاختصاصه به.
     وتروج أقاويل بأن الشيعة لديهم مصحف به 116 سورة بينما المصحف الامام “العثماني” لدي باقي المسلمين به 114 سورة فقط فما حقيقة ذلك؟
     هذه كلها ترهات وأباطيل لا أساس لها من الصحة فقد بحثت في المصاحف المطبوعة في إيران سواء في مطابع القرآن الكريم الحكومية أو المطابع الخاصة أو ما يباع في المكتبات. فلم أجد شيئاً من ذلك. وتحاورت مع الكثيرين من العلماء والفقهاء في الحوزات العلمية ومراكز البحوث والجامعات. وكان الاجماع منعقدا علي عدم صحة مثل هذه الأباطيل وان المصحف في إيران مثله مثل مصاحف العالم الإسلامي لا يزيد ولا ينقص فهو المصحف الامام الذي يتداوله المسلمون في العالم أجمع وانه هو كما هو محفوظ في الصدور. وقراء مصر يقرأونه في جميع أنحاء العالم في شهر رمضان من كل عام بما في ذلك جمهورية ايران الاسلامية . وقراءة الشيخ عبدالباسط عبد الصمد والشيخ مصطفي إسماعيل التي قرأوها في إيران سمعتها بنفسي تذاع دائما من الاذاعة والتليفزيون. فقرآننا واحد وإلهنا واحد ونبينا واحد وأصولنا واحداة وكل ما يقال خلاف ذلك فهو مردود. ولكن كتابات بعض المتعصبين من متأخري الشيعة ذكرت بعض هذه الأمور مما أثار البلبلة . ورغم ذلك  لا يلقي أحد إليها بالا. وقد رد عليهم علماء الشيعة وعلماء السنة وأبطلوا ادعاءاتهم. ولم يؤثر عن أحد من أئمة أهل البيت رضوان الله عليهم ان قال بذلك وان ما ينسب إلي بعض أهل العلم من الشيعة مردود مدسوس.
    وقد كتب بعض علماء ومراجع الشيعة ردودا علي ذلك منها:
1 – كتاب أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة تأليف رسول جعفريان و نشر مكتبة النافذة بالقاهرة بتقديم الأستاذ الدكتور محمد  عمارة, وكانت طبعته الأولي في مطابع الحكومة بطهران أي أن الدولة نفسها لا تعترف بالتحريف ,
2- وكذا كتاب تحريف القرآن : أسطورة أم واقع  تأليف آية الله السيد حسن طاهري الخرم آبادي نشر المركز العربي للدراسات والبحوث وسبق نشره باللغة الفارسية والعربية عدة مرات في طهران وقد أحضرته معي من ايران وقمت بتحقيقه بالمشاركة  مع الأستاذ الدكتور أحمد السايح رحمه الله .وقد أكد المؤلف علي عدم تحريف القرآن لا لدي الشيعة ولا لدي السنة وأن مصحف عثمان رضي الله عنه هو المتداول في جميع أنحاء العالم .
     وهذه الكتب وغيرها كثير تنفي موضوع تحريف القرآن وكذا ما يسمي بمصحف فاطمة نفيا تاما .
   وختاما  أقول ان القول بتحريف القرآن يتنافي مع حفظ الله سبحانه وتعالي له حيث يقول ربنا جل وعلا : ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ) . “سورة الحجر – آية 9″
 

ليست هناك تعليقات: