الاثنين، 6 يناير 2014


في مناسبة عيد الميلاد المجيد
 
كان ميلاده آية ورحمة
=========
 
المستشار‏:‏ توفيق علي  وهبة
-------------------------
    في هذه الأيام المباركة , في ذكري ميلاد المسيح عليه  وعلي نبينا الصلاة والسلام , أتقدم الي الاخوة أقباط مصر  بل لكل المصريين  وللمسيحيين في كل بقاع االأرض بالتهنئة والتحية , داعيا المولي عز وجل أن يديم علي مصرنا الحبيبة السلام والأمن والأمان , وأن يبعد عنها الشرور والأشرار والحاقدين والموتورين والعملاء وكل الأعداء سواء كانوا دولا أو جماعات خارجية أو عملاؤهم في الداخل
    ثم نقول :
  لقد احتفي القرآن الكريم احتفاءا كبيرا بسيدنا عيسي عليه السلام وأمه العذراء المباركة السيدة مريم بنت عمران رضي الله عنها‏,‏ بل ومن شدة اهتمام الدين الإسلامي بقضية ميلاد السيد المسيح وأمه أن جعل الله باسمها سورة في القرآن الكريم هي سورة مريم‏,‏ وهي المرأة الوحيدة في تاريخ البشرية كله التي وردت سورة باسمها‏,‏ فلم تنل مثل هذا التكريم حتي ولا أمنا حواء أم البشر‏.‏

وذلك لكي يبين سبحانه وتعالي مكانة مريم وولادتها المعجزة للسيد المسيح عليه السلام‏,‏ وقد جعلها وابنها آيتين للعالم أجمع‏,‏ وقد قرن القرآن الكريم ولادة عيسي بخلق آدم‏,‏ إذ جعل هذه الولادة معجزة مثل معجزة خلق آدم عليه السلام فقال سبحانه وتعالي‏:(‏ إن مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون‏)‏ آل عمران‏/59‏

ومقابل هذا التكريم والاحتفاء بمريم كان عليها أن تؤدي الشكر والحمد لله علي ما خصها به من نعم كثيرة‏,‏ فقد طلبت منها الملائكة أن تقوم بهذا الشكر وذلك الثناء فقالت لها الملائكة كما يحكي ذلك القرآن الكريم في قوله تعالي : ( وإذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين‏,‏ يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين‏)‏ آل عمران‏43/42.‏

وعندما بشرها جبريل عليه السلام بالحمل بالسيد المسيح عليه السلام اندهشت وأخذها العجب لأن ذلك خرق للعادة وللناموس وخارج عن  طبيعة البشر‏,‏ وسألت مستفسرة وخائفة‏(‏ قالت اني يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا‏)‏ سورة مريم‏/20.‏

فطمأنها  جبريل عليه السلام وأعلمها أن تلك هي إرادة الرب ومشيئته‏:(‏ قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا‏,‏ وكان أمرا مقضيا‏)‏ سورة مريم‏/21.‏

وفي الإنجيل قال لها الملاك جبريل‏(‏ سلام عليك ايتها المنعم عليها‏,‏ الرب معك مباركة أنت في النساء‏)‏ ثم بشرها بميلاد المسيح قائلا لها‏:(‏ الروح القدس يحل عليك‏,‏ وقوة العلي تظلك‏)‏ لوقا ـ‏34/28/1‏

ولما ولد عليه السلام استنكر قومها ولادتها دون أن يكون لها زوج كعادة كل البشر ولم يدر بخلدهم هذا الميلاد المعجز‏,‏ فرد عليهم عيسي عليه السلام وهو في المهد يرد عليهم ما يدور في خلدهم من اثم  هي بريئة منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب : ‏(‏ قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا‏)‏ مريم‏/30,‏ فبهت القوم فمنهم المصدق وكثير منهم مكذبون‏.‏

فهلل المصدقون وكبروا‏,‏ وحمدوا الله علي نعمة بعث رسول منهم بالمعجزات التي كان أولها الميلاد المعجز‏.‏

وهلل ملاك الرب ومعه جند كثيرة من السماء وحمدوا الله وأنشدوا كما روي الإنجيل قائلين‏:(‏ الحمد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة‏)‏ لوقا‏14/2.‏

وقال لهم السيد المسيح في ختام حديثه وهو مازال في المهد صبيا كما روي القرآن الكريم‏:(‏ والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا‏)‏ مريم‏/33.‏

يبشرهم بأن بعثته ستكون بدعوة السلام التي ستخرجهم من الظلمات إلي النور ومن العداوة والتشاحن والبغضاء إلي الحب والوئام والسلام‏.‏

ولما بدأ يبشر قال لتلاميذه‏(‏ قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل‏)‏ مرقص‏15/1.‏

وفي ذلك يقول القرآن الكريم‏:(‏ وآتينا عيسي بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس‏)‏ البقرة‏87,‏ وقال سبحانه وتعالي‏:(‏ وقفينا علي آثارهم بعيسي بن مريم وآتيناه الإنجيل‏)‏ الحديد‏/27.‏

لقد بعث الله السيد المسيح عليه السلام بدعوة الحب والعدل والسلام والتسامح فقال عليه السلام‏(‏ سمعتم أنه قيل‏:‏ تحب قريبك‏,‏ وتبغض عدوك‏,‏ وأما أنا فأقول لكم‏:‏ احبوا أعداءكم‏,‏ باركوا لاعينكم‏,‏ احنوا إلي مبغصيكم‏,‏ وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات فإنه يشرق شمسه علي الأشرار والصالحين‏,‏ ويمطر علي الأبرار والظالمين‏,‏ لأنه إذا أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك؟ وان سلمتم علي اخوانكم فقط‏,‏ فأي فضل تصنعون؟ أليس العشارون أيضا يفعلون هكذا؟ فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماء هو كامل‏)‏ انجيل متي‏5‏ ـ‏48/43.‏ فهل هناك تسامح وحب أفضل من ذلك‏.‏

ليت أهل أمريكا وأوروبا وكل العالم المسيحي من حملة الإنجيل ودعاته من ملوك ورؤساء وساسة ووزراء وعلماء ورجال دين وعامة الشعب وخاصتهم يلبون نداء المسيح عليه السلام ويعملون بتعاليمه السمحة‏,‏ حتي يعم السلام والحب والوئام أرجاء الدنيا كلها‏,‏ بدلا من الحرب والعداء والتشاحن‏.‏وتدبير المؤامرات والتخطيط للسيطرة علي الدول الصغيرة والضعيفة لانتهاك حريتها واستلاب مواردها وخيراتها لتصير دولهم قوية وغنية وتبقي تلك الدول ضعيفة ومستغلة ومستعمرة ..
    يا الله: أين ذلك من دعوة المسيح عليه السلام  ؟ : أحبوا أعداءكم , باركوا لاعنيكم ..منتهي الحب والتسامح ..

انني أدعو الجميع مسلمين ومسيحيين ويهودا وأصحاب كل المذاهب والديانات بل وكل البشر في كل مكان أن يجعلوا من هذا العيد بداية حقيقية للسلام‏,‏ فإن المسيح كان يحب ذلك‏.‏ ‏(‏ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون‏)‏ يونس‏/82.‏

وسلام علي عيسي في الخالدين‏,‏ وسلام عليه وعلي نبينا محمد صلي الله عليه
وآله وصحبه وسلم إلي أن يقوم الناس لرب العالمين‏.‏
 
 
----------------
 
** رئيس المركز العربي للدراسات والبحوث
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات: