الاثنين، 29 ديسمبر 2014

المستشار توفيق وهبة يكتب:التمييز الطبقي والعنصري بين الا سلام والنظم المعاصرة

28 ديسمبر,2014 ، آخر تحديث 11:28 ص - أخبار حصري
1396338990-700x420
 كان العالم قبل الإسلام يتخبط في ظلمات الجهل والتأخر، حيث كان يسود نظام الطبقات وما يتبع هذا النظام من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وظلمه له، وإهانته وإهدار كرامته. ولم يكن للمرأة أي شأن في تلك المجتمعات، بل كانت مجرد آلة في يد زوجها، يستطيع أن يبيعها أو يتنازل عنها أو يقتلها، كما أنها تعرضت لألوان شتى من الاضطهاد والتعذيب.
وظل الظلم، ظلم الرجل للرجل، وظلم الرجل للمرأة سائداً، حتى جاء الإسلام، فدعا إلى الإخاء، ورد للمرأة حقوقها كإنسانة لها كرامتها وشخصيتها في المجتمع، وبين أن ذلك الظلم والتفاوت مما يتنافى مع الطبيعة البشرية، إذ أن الناس يجب أن يكونوا سواسية لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، وأن الناس من سلالة واحدة يجب أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات.
ولم يفرق الإسلام بين سيد ومسود، ولا أسود وأبيض، وجعل الجميع إخواناً متحابين كما قال عليه السلام: وكونوا عباد الله إخواناً . وبذلك استطاع الإسلام أن يخلق أمة قوية متماسكة.
فالإسلام هو أول من أقر المساواة بين الناس – يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الناس سواسية كأسنان المشط ) ([1]) فلا تفاضل بينهم، يقول عليه السلام : “كلكم لآدم وآدم من تراب ” ([2])  فليس هناك فرق بين رجل وآخر ولا بين رجل وإمرأة .. ولا بين الغني والفقير إلا بالتقوى والعمل الصالح و بما يقدمه كل فرد لإخوانه ولوطنه من خير.
لقد قضى الإسلام على الطائفية والعصبيات الجاهلية فلا تفرقة بين الطبقات ولا بين العبيد والأحرار من أجل حسب ونسب إذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرب إليه كثيراً من العبيد ويقدمهم على بعض الصحابة، كما كان يرسلهم قادة على الجيوش التي تضم بين صفوفها خيرة  الصحابة وأجلاءهم. لقد أكد الإسلام المساواة ، وقرر أن الناس لا  يتفاضلون  الا بالتقوى والعمل الصالح.
يقول الله سبحانه وتعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) ([3])
ويقول جل شأنه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ([4])
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع. ” أيها الناس : إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد. كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عن الله أتقاكم، ليس لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر فضل إلا بالتقوى ….. ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد فليبلغ الشاهد منكم الغائب ” ([5]) .
من  وصايا الإمام علي كرم الله وجهه ورضي عنه :
يقول الإمام علي سلام الله عليه في رسالته إلى واليه على مصر مالك بن الأشتر :
” وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً ، تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان، إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتي على أيديهم في العمد والخطأ، فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك ، وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم”([6])
ومن ذلك يتبين لنا أنه كرم الله وجهه ورضي عنه يوصي بالمساواة العامة بين الرعية لا فرق بين عربي وأعجمي ولا بين أسود وأبيض، ولا بين طائفة وأخرى ولا بين مسلم وغير المسلم فكلهم في الإنسانية سواء، كلهم لآدم وآدم من تراب كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
    ومن مساواته بين المسلمين وغيرهم أنه رأى شيخاً كبيراً مكفوف البصرمن غير المسلمين ، يسأل فقال لهم أمير المؤمنين : استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه, انفقوا عليه من بيت المال.
وحدثت واقعة مماثلة في عهد أمير المؤمنين عمربن الخطاب اذ رأي شيخا من أهل الكتاب يسأل الناس فأخذه وأعطاه من بيت المال وأمر بنفقة له .
 لم يقرر الاسلام المساواة بين الناس قي قيمتهم الانسانية فحسب بل ساوي بين الجميع امام القانون وفي الحقوق العامة وغيرها فالكل أمام  القانون سواء, لافرق بين أمير وخفير , ولا بين ملك وصعلوك, ولا شريف ووضيع . 
التمييز الطبقي والعنصري في العصر الحديث :
على الرغم من أن الإسلام حارب التفرقة العنصرية منذ أربعة عشر قرنا إلا أن هناك بعض الدول غير الإسلامية لا تزال حتى الآن تفرق بين السكان بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو الدين .
ان بعض الدول المتمدنة الكبرى تفرق قوانينها بين البيض والسود وبين أصحاب الديانات المختلفة لدرجة وقوع الاشتباكات المسلحة بين أهل البلد الواحد .
وهناك التفرقة العنصرية الصارخة فى اسرائيل بين العرب أهل البلاد الأصليين والصهيونيين المستعمرين ، بل وبين الصهاينة أنفسهم من شرقيين وغربيين .
والإسلام – شريعة الله الخالدة – لا يعرف شيئا من هذه التفرقة ولا يقرها بل يحاربها ويقف ضدها ويتوعد مرتكبها بشديد العقاب من الله سبحانه وتعالى وعلى ولى الأمر تعزيزه .
لقد قضى الإسلام على التميسز الطبقي والعنصري  منذ آلاف السنين بينما لا تزال – كما رأينا – بعض الدول تمارس هذه التفرقة بشكل بشع ، وطالما نادت الأمم المتحدة بإلغاء هذه التفرقة ، ولكن تلك الدول مصرة على موقفها اللاإنسانى وتفرق قوانينها بين مواطنيها .
بل لقد وصل الحد ببعض الدول أن اعتدت على الأقليات الإسلامية بها وحاربتهم وحطمت مساكنهم ومنعتهم من القيام بشعائر عباداتهم ، ويحاول البعض الآخر طمس معالم الدين الإسلامى فى بلاده والحجر على حرية المسلين فى كل شئ.
أين هذا من سماحة الإسلام وعدله ومساواته بين الناس لا فرق بين حر وعبد بل ألغى العبودية والتمييز العنصرى وجعل الجميع أحرارا ولم يفرق بينهم على أساس طبقى أو طائفى أو عرقى أو دينى .
ان الدول الإسلامية مطالبة اليوم بالوقوف صفا واحدا ، فى مواجهة الدول التى تعتدى على الأقليات الإسلامية وتحاول إبادتها ، وعليها أن تمنعها من هذا التصرف المعادى للإسلام والمسلمين بل وللبشرية جمعاء .
بل ان هذه الدول المعادية تبث  الفتنة والضغينة والوقيعةبين الدول الاسلامية باثارة التمييز الطبقي والعنصري والطائفي لكي تبقي ضعيفة ومفككة ويسهل الاستيلاء عليها والسيطرة علي مولردها ومقدراتها .
إن أعداء الإسلام الذين يعملون ضده هذه الأيام لن يستطيعوا أن ينالوا منه أو يؤثروا فيه أو يكيدوا له مهما فعلوا .
وسيبقى الإسلام دائما فوق كل الشبهات وأقوى وأعلى من كل دعوة مهما روج لها المروجون ودعا إليها المبطلون الحاقدون .
{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } ([7]) 
([1]) من خطبة الوداع.
([2]) من خطبة الوداع.
([3])سورة النحل آية 13.
([4])سورة الحجرات آية 13.
([5]) من خطبته صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
([6]) نهج البلاغة – شرح ابن أبي الحديد
([7]) سورة التوبة آية 32 .
----------------------------------
مقال لنا علي الموقع  المتميز (أخبار   حصري) برئاست تحرير الكاتب الصحفي اللامع الآستاذ نبيل سيف

------------------------------
 

ليست هناك تعليقات: