الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

(حديث الرؤيا -الصحيح- الطويل)
===================
عَنْ سمرة بن جندب قال :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه –وفي رواية : كان إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال :"هل رأى أحد منكم من رؤيا؟" قال:" فيقص عليه من شاء الله أن يقص" . وإنه قال ذات غداة :"إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني" وإنهما قالا لي انطلق :"وإني انطلقت معهما" –وفي رواية : إلى الأرض المقدسة – "وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ(1) رأسه فيتدهده الحجر هاهنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى" قال قلت لهما :"سبحان الله ما هذان؟!" قال قالا لي:" انطلق انطلق فانطلقنا" "فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه(2) إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى" قال قلت :"سبحان الله ما هذان؟!" قال قالا لي :"انطلق انطلق" قال فانطلقنا :"فأتينا على مثل التنور فإذا فيه لغط(3) وأصوات قال فاطلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضَوضَوا(4)" قال قلت لهما :"ما هؤلاء؟" قال قالا لي "انطلق انطلق" قال :"فانطلقنا فأتينا على نهر أحمر مِثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح –وإذا على شط النهر(5) رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة -وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح - ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا فينطلق فيسبح ما يسبح ثم يرجع إليه كلما رجع إليه فغر له فاه(6) فيلقمه حجرا." قال قلت :"ما هذان ؟!"قال قالا لي :"انطلق انطلق" فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المَرآة(7) كأكره ما أنت راء رجلا مرآة وإذا هو عند نار يَحُشُّهَا (8) ويسعى حولها قال قلت لهما ما هذا قال قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فأتينا على روضة (9) معتمة (10) –وفي رواية: معشبة (11) – فيها من كل لون ربيع –وفي رواية : خضراء فيها شجرة عظيمة - وإذا بين ظهراني الروضة رجل قائم طويل لا أكاد أن أرى رأسه طولا في السماء وإذا حول الرجل من أكثر ولدان (12) رأيتهم قط. قال قلت لهما :"ما هذا وما هؤلاء؟!" قال قالا لي :"انطلق انطلق" قال فانطلقنا –وفي رواية : فصعدا بي في الشجرة وأدخلاني دارا لم أر قط أحسن منها فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وصبيان ثم أخرجاني منها فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا هي أحسن وأفضل فيها شيوخ وشباب - فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر روضة قط أعظم منها ولا أحسن" قال قالا لي :"ارق فيها" فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء." قال قالا لهم :"اذهبوا فقعوا في ذلك النهر" قال :"وإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض (13) في البياض.. فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا وقد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة" قال قالا لي :"هذه جنة عدن وهذاك منزلك" قال :"فسما بصري صعدا فإذا قصر مثل الربابة البيضاء" قالا لي :"هذاك منزلك" قال قلت لهما :"بارك الله فيكما ذراني فأدخله" قال قالا:" أما الآن فلا وأنت داخله" –وفي رواية: :"إنه بقي لك عمر لم تستكمله فلو استكملت أتيت منزلك" – قال قلت لهما: "فإني قد رأيت منذ الليلة عجبا..فما هذا الذي رأيت؟!" قال قالا لي :"أما إنا سنخبرك أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه (14)وينام عن الصلاة المكتوبة" –وفي رواية: "علمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار يفعل به إلى يوم القيامة" – "وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق (15) وأما الرجال والنساء العراة(16) الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا (17)وأما الرجل الكريه المرآة (18)الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم (19)وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة قال فقال بعض المسلمين :"يا رسول الله وأولاد المشركين؟" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"وأولاد المشركين" وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسنا وشطر قبيحا فإنهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا تجاوز الله عنهم –وفي رواية: والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين وأما هذه الدار فدار الشهداء وأنا جبريل وهذا ميكائيل -
-------------------------------

رواه البخاري في صحيحه 1297 – 800 -1075 -4306-5631 - 6525 وأحمد 20094
معاني الكامات :
==========

1- يُثْلَغُ رَأْسُهُ : يشدخ
2- يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ : أي يقطعه ويشقه . والشدق : الفم
3- لَغَطٌ : الكلام الذي لا يفهم
4- ضَوْضَوْا : أي صوّتوا واستغاثوا
5- شَطِّ النَّهَرِ : أي جانبه
6- فَغَرَ فَاهُ : أي فتحه
7- كَرِيهِ الْمَرْآةِ : أي سيء المنظر
8- يَحُشُّهَا : أي يجمع لهبها
9- رَوْضَة : بستان
10- مُعتَمَّة : بفتح التاء بتشديد الميم أي تامة النبات..ويروى بكسر التاء وتخفيف الميم : أي سوداء
11- مُعشِبَة : كثيرة العشب والزهر
12- وِلدَان : أي أطفال
13- المَحض : الخالص
14- قَالَ اِبْن هُبَيْرَة : رَفْض الْقُرْآن بَعْدَ حِفْظه جِنَايَة . عَظِيمَة لِأَنَّهُ يُوهِم أَنَّهُ رَأَى فِيهِ مَا يُوجِب رَفْضه فَلَمَّا رَفَضَ أَشْرَفَ الْأَشْيَاء وَهُوَ الْقُرْآن عُوقِبَ فِي أَشْرَفِ أَعْضَائِهِ وَهُوَ الرَّأْس
15- الْكَذْبَة تبلغ الآفاق : كالشائعات
16- قال ابن حجر : مُنَاسَبَة الْعُرْي لَهُمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ أَنْ يُفْضَحُوا لِأَنَّ عَادَتهمْ أَنْ يَسْتَتِرُوا فِي الْخَلْوَة فَعُوقِبُوا بِالْهَتْكِ وَالزَّانِي مِنْ شَأْنه طَلَب الْخَلْوَة فَنَاسَبَ التَّنُّور، وَالْحِكْمَة فِي إِتْيَان الْعَذَاب مِنْ تَحْتِهِمْ كَوْنُ جِنَايَتهمْ مِنْ أَعْضَائِهِمْ السُّفْلَى.. والتَّنُّور : الفرن
وَفِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ " ثُمَّ اِنْطَلَقْنَا فَإِذَا نَحْنُ بِرِجَالٍ وَنِسَاء أَقْبَح شَيْء مَنْظَرًا وَأَنْتَنُهُ رِيحًا كَأَنَّمَا رِيحُهُمْ الْمَرَاحِيض"
17- قَالَ اِبْن هُبَيْرَة إِنَّمَا عُوقِبَ آكِل الرِّبَا بِسِبَاحَتِهِ فِي النَّهَر الْأَحْمَر وَإِلْقَامه الْحِجَارَة لِأَنَّ أَصْل الرِّبَا يَجْرِي فِي الذَّهَب وَالذَّهَب أَحْمَر ، وَأَمَّا إِلْقَام الْمَلَك لَهُ الْحَجَر فَإِنَّهُ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا وَكَذَلِكَ الرِّبَا فَإِنَّ صَاحِبه يَتَخَيَّل أَنَّ مَاله يَزْدَاد وَاَللَّه مِنْ وَرَائِهِ مَحَقَهُ.
قلت : ولما كان آكل الربا ماصاً لدماء المحتاجين المعوزين عوقب بالسباحة في نهر الدم..نسأل الله السلامة
18- إِنَّمَا كَانَ كَرِيه الرُّؤْيَة لِأَنَّ فِي ذَلِكَ زِيَادَة فِي عَذَاب أَهْلِ النَّارِ
19- وَإِنَّمَا اُخْتُصَّ إِبْرَاهِيم لِأَنَّهُ أَبُو الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ تَعَالَى ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم )
قال ابن حجر : وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد أَنَّ الْإِسْرَاء وَقَعَ مِرَارًا يَقَظَة وَمَنَامًا عَلَى أَنْحَاء شَتَّى

ليست هناك تعليقات: