الأربعاء، 11 ديسمبر 2013

المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية

 

     خطة لتطبيق حقوق الإنسان

 

 

                                                                المستشار توفيق على وهبة 

                                                رئيس المركز العربي للدراسات والبحوث – القاهرة

                                                                                    

 

 

  التربية الإسلامية تشمل علاقة العبد بربه وعلاقته بنفسه وعلاقته بغيره من الناس. كما تشمل علاقته بكل المخلوقات بل وبالكون بأجمعه.

 وقد وضع الإسلام خطة لحقوق الإنسان  تندرج ضمن هذه العلاقات المتعددة. وقد كفل الإسلام تلك الحقوق وحدد معالمها من قبل أ ن يولد الفرد وبعد ميلاده وخلال مسيرته في الحياة – وهي خاصة بكل إنسان دون النظر إلى لونه أو جنسه  أو عرقه أو وضعه الاجتماعي أو مركزه الوظيفي  - فالجميع أمام الله سواء لقوله صلى الله عليه وسلم:

)) يا أيها الناس ألا ان ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لافضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا  لأسود على أحمر الا بالتقوى... الحديث)) مسند أحمد رقم (22978).

  فالدين  الإسلامي هو الأصل في هذه الخطة في  تقرير مبدأ حقوق الإنسان وأن ما أعلنته الأمم المتحدة في الإعلان العالي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 وفيما تلاه من اتفاقيات ومواثيق دولية من حقوق وحريات إلا نذر يسير مما قرره الإسلام، فقد سبق الإسلام العالم كله في هذا المجال بمئات السنين. وأصبحت الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي لحقوق الإنسان في كل زمان ومكان.

   والأصل في خطة الإسلام في تقرير  هذه الحقوق أنها عامة تخص كل إنسان على وجه الأرض بحكم إنسانيته دون النظر إلى دينه أو معتقده أو جنسه أو لونه، فلا يجوز تقييدها أو التنازل عنها، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الاعتداء على حق الغير.(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عليكم رَقِيبًا) ([1]).

وقد نظر الإسلام إلى الإنسان باعتباره شخصية مستقلة فاعترف له بالحقوق والحريات التي لا غني له عنها والتي تقررت له بوصفه إنسانا ومن هذه الحقوق:

 

1- حق الحياة:

كفل الإسلام حق الحياة للناس جميعا إذ لا يجوز الاعتداء على النفس التي حرم الله إلا بالحق وقيد حق الدولة في القتل بعدة قيود حتى يأمن كل فرد على حياته ليعيش مستقرا سعيدا، فالحياة منحة من الله عز وجل منحها الإنسان - كما منحها سائر المخلوقات – فلا يجوز المساس بها أو الاعتداء عليها.

يقول الله سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصليهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ على اللَّهِ يَسِيراً (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً"([2]).

قال المراعي  رحمه الله في تفسير هاتين الآيتين:

(ولا تقتلوا أنفسكم) أي لا يقتل بعضكم بعضا وعبر بذلك للمبالغة في الزجر والإشعار بتعاون الأمة وتكافلها ووحدتها وقد جاء في الحديث (المؤمنون كالنفس الواحدة).

ولأن قتل الإنسان للنفس يقضي إلى قتله قصاصا أو ثأرا فكأنه قتل نفسه، وبهذا علمنا القرآن أن جناية الإنسان على غيره جناية على نفسه وجناية على البشر جميعا، لا على المتصلين به برابطة الدين أو الجنس أو السياسة كما قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ على خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ([3]). كما أنه أرشدنا باحترام نفوس الناس كنفوسنا. فلا يباح بحال أن يقتل احد نفسه ليستريح من الغم أو شقاء الحياة.  مهما اشتدت المصائب بالمؤمن فعليه أن يصبر ويحتسب ولا ييأس من الفرج الإلهي ومن ثم لا يكثر بخع النفس (الانتحار) إلا حيث يقل الإيمان ويفشو الكفر والإلحاد.

(أن الله كان بكم رحيما) أي أنه ينهاكم عن أكل الأموال بالباطل وعن قتلكم أنفسكم.

كان رحيما بكم إذ حفظ دماءكم وأموالكم وعلمكم أن تتراحموا وتتوادوا ويكون كل منكم عونا للآخر يحافظ على ماله ويدافع عن نفسه.

(ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا) العدوان هو التعدي على الحق وهو يتعلق بالقصد بأن يتعمد الفاعل وهو عالم أنه قد تعدي الحق وجاوزه إلى الباطل، والظلم يتعلق بالفعل نفسه بألا يتحري الفاعل عمل ما يحل فيفعل ما لا يحل والوعيد مقرون بالأمرين معا...

وكما لا يحق للأفراد الاعتداء على حياة بعضهم فإنه لا يحق - كذلك – للدولة اعتداء على حياة الناس إلا بالحق وفي الحدود التي تقرها الشريعة كالقصاص وتنفيذ  العقوبات بقول الله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا على بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) ([4]).

 

النهي عن قتل النفس:

ويحرم الإسلام قتل الإنسان نفسه ليتخلص منها لأنها ليست ملكا له يتصرف فيها كما يشاء بل هي ملك لخالقها سبحانه وتعالى هي وديعة لدي الإنسان عليه أن يحافظ عليها ولا يجوز له التفريط فيها يقول الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) ([5]). ويقول جل شأنه(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ([6]). فكل إنسان حريص على نفسه بصير بها، مسئول عما يصيبها من أذي بإهماله أو بتعمده. إذ المفروض عليه أن يبذل قصارى جهده في المحافظة على حياته والدفاع عنها من أي اعتداء عليها.

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال:(احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أهلك فتيممت ثم صلت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم  ذكروا له ذلك فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فقلت: ذكرت قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) ([7])فتيممت ثم صليت فضحك رسول الله ولم يقل شيئا([8]).

وهكذا كان يفهم أسلافنا رضوان الله عليهم دينهم ويحافظون على أرواحهم التي استودعهم الله إياها.

وفي الصحيحين من حديث جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فجز بها يده فما رقأ الدم حتى مات. قال الله عز وجل:(بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة).

فالإنسان مكلف بالدفاع عن نفسه ودرء  كل اعتداء عليها يقول الله سبحانه وتعالى: (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ([9]). ويقول سبحانه: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ على اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عليهمْ مِنْ سَبِيلٍ، إِنَّمَا السَّبِيلُ على الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)([10]).

ومعنى هذا أن دفع الاعتداء والاقتصاص منه مأذون فيه في الأشهر الحرم كما هو في غيرها ولقد استدل الشافعي بالآية الأولى على وجوب قتل القاتل بمثل ما قتل به فيذبح إذا ذبح، ويخنق إذا خنق، ويغرق إذ.اغرق وهكذا.

 وفي الآية الثانية أن كل جناية على النفس أو المال تقابل بمثلها حتى يرتدع الظالمون ولذا حبب الإسلام في العفو وندب إليه فمن حق ولي الدم أن يعفو دون ضغط عليه أو إكراه بل بمحض إرادته وحرية فكرة.(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ على اللَّهِ) ([11]).

وفي حديث سويد بن مقرن يتبين لنا مشروعية الدفاع عن النفس ووجوبه على المؤمن حيث يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من قتل دون مظلمته فهو شهيد) ([12]).

وعن سعيد بن زيد رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد"([13]) .

وهكذا يشدد الإسلام في وجوب المحافظة على حياة الإنسان لذلك يجب العناية بالصحة العامة ودفع الأمراض ومكافحة الأوبئة حتى يمكن المحافظة على الصحة ووقاية الإنسان من الأمراض التي قد تفتك به وتودي بحياته.

وواجب كل فرد، بل وواجب المجتمع كله أن يحافظ على النفس التي حرم الله إلا بالحق وأن يكرمها كما كرمها الله سبحانه وتعالى وأن يقيم العدل الذي أمر الله به بتطبيق شرعه والسير على منهاجه والعمل بكتابه وهدي نبيه(صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) ([14]).

وهكذا نري أن الإسلام قد كفل للفرد الحق في أن يعيش حياة هادئة مستقرة وحرم الاعتداء عليه أو إزهاق روحه أو التعرض له بالإيذاء وقرر القصاص ممن يقتل غيره ليردع من تسول له نفسه الإقدام على هذا الجرم الشنيع فالقتل أنفي للقتل. قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ([15]). وقال (وَكَتَبْنَا عليهمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) ([16]).

 وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَي بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ([17]).

 وقال عز وجل: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا على بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) ([18]). وذلك فما دون النفس. وبين سبحانه وتعالى عظم الجرم والإثم الذي يرتكبه القاتل فقال عز وجل:  (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا على بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) ([19]).

وفي السنة النبوية الشريفة:

 قال (صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: (الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) ([20]).

 

2- حق الموتى:

   ولم يحفظ الإسلام حق الإنسان حيا فقط بل حفظ حقه ميتا فقال: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ولا تسبوا الأموات، فإنهم أفضوا إلى ما قدموا إليه) ([21]). وقال: (وإن كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه) ([22]). وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم) ([23]). وقال:(إن كسر عظم المسلم ميتا ككسره حيا) ([24]).

   وهناك حقوق أخري قررها الإسلام للموتى منها: حق الصلاة عليه وتشييعه وحق الدعاء له وحق التصدق عليه وغيرها.

 

3- حق الحرية:

   الإنسان حر في تصرفاته، ولا تقف هذه الحرية إلا عند حق الآخرين. فالإنسان حر ما لم يضر، لأن من القواعد الأصولية في هذا الدين (ألا ضرر ولا ضرار).

  فالإسلام يدعو إلى  الحرية، والإنسان حر منذ ولادته. يقول عمر بن الخطاب.(رضي الله عنه)(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)والإنسان حر في عقيدته (لا إكراه في الدين) وحر في إبداء رأيه (وأمرهم شوري بينهم) وحر في تأييد الخير والصلاح وإنكار الشر والفساد (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وحر في اختيار الأسلوب الذي يريده في العمل.

 ولقد كفل الإسلام أيضا الحرية الأدبية و الحرية العلمية والحرية السياسية والحرية المدنية والاجتماعية، الى غير ذلك من مظاهر الحرية التي كفلها الإسلام للناس، على أن تلك الحرية يجب أن تكون مفيدة. إذ لا يجب التعدي على الغير، وقد عني الإسلام بتهذيب النفوس وحبب التعاطف إلى الناس، وحثهم على حب بعضهم بعضا، وعدم الاعتداء على الآخرين بغير حق.

ومظاهرا لحربة في الإسلام هي:

 

أولا: الحرية الإنسانية:

 الإنسان حر منذ ولادته لا يمكن أن يكون ملكا لأحد، ولا عبدا إلا لله سبحانه وتعالى

وفي هذا يقول عمر بن الخطاب قولته المشهورة لعمرو بن العاص وابنه (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا). فالفرد ليس مملوكا لفرد آخر، ولا مملوكا للدولة ولكنه يتمتع بحريته الكاملة وحقوقه المتساوية مع جميع أفراد الأمة، وما الحاكم إلا فرد من بين الشعب يقوم بخدمة الدولة وفق الشروط التي تولي زمام الأمور لتنفيذها، وبايعه المسلمون على أساسها كما أن للدولة الإسلامية القوية أن تدافع عن الدول المستضعفة من أجل أن تعيد لها حريتها يقول الله سبحانه وتعالى:

  (وَقَاتِلُوهُمْ حتى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ على الظَّالِمِينَ) ([25])

   ويأخذ البعض على الإسلام أنه قد أباح نظام الرق، وفي ذلك هدم لحقوق الإنسان وعدم الاعتراف بآدميته، ولكن هؤلاء الباحثين لم ينظروا إلى الأوضاع التي كانت موجودة عندما جاء الدين الإسلامي، تلك الأوضاع التي كانت تحتم على كل شارع حكيم أن يبقي نظام الرق، ولا يجنح إلى إلغائه تماما، وإلا توقفت بذلك عجلة الحياة الاقتصادية، إذ الرقيق في ذلك الوقت كان من أهم الدعائم التي يقوم عليها النظام الاقتصادي، وللقضاء على هذا النظام أغلق الإسلام مصادر الرق وتوسع في منافذ التحرير حتى انتهي الرق بين المسلمين ومن ثم في العالم.

  ولكننا الآن نري بعض الدول الغربية التي تدعي التقدم والمدنية تقوم فيها عصابات منظمة تخطف الرجال والنساء والأطفال من الدول الفقيرة وتسخيرهم في الأعمال غير المشروعة كالبغاء وتهريب وترويج المخدرات وكأننا بالزمان وقد عاد إلى الوراء آلاف.

 

ثانيا الحرية السياسية:

   الحرية السياسية أن يشارك كل فرد عاقل رشيد في إدارة شؤون الدولة عن طريق الانتخاب، أو الترشيح للمناصب النيابية، ولا حجر على حرية المواطنين في انتخاب الحكام والممثلين النيابيين. ولقد أخذ الإسلام بهذا النظام، فقد عين الخلفاء الراشدون الأربعة عن طريق المبايعة حيث أن الإسلام يقرر أن الخلافة الصحيحة هي ما كانت بناء على مبايعة صحيحة من المسلمين.

  كما أنه لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تبرم أمرا هاما من أمور الدولة إلا إذا وجعت إلى عامة الشعب لأخذ رأيهم كما في نظام الديمقراطية المباشرة، وفي ذلك يقول أبو بكر الصديق (رضي ا لله عنه) بعد توليه الخلافة: (أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسدد وني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم).

 ويقول عمر (رضي الله عنه) في أول خطبة له بعد الخلافة: (ألا إن رأيتم في اعوجاجا فقوموني فقام إليه رجل فقال: (إن رأينا فيك اعوجاجا قومناك بحد السيف) فاغتبط عمر بما قال هذا الرجل وحمد الله أن بلغ المسلمون هذا الحد من الوعي.

  كما أن رسول الله(صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وهو الذي لا ينطق عن الهوى كان يشاور المسلمين في أمور الدولة. يقول الله تعالى (وشاورهم في الأمر)ويقول: (وأمرهم شوري بينهم).

 وكان لا يأخذ إلا بما أجمع عليه المسلمون. وقد حدث أن  استشار الرسول(صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) في شأن بعض الأسري أيقتلونهم أم يخلون سبيلهم في مقابل فداء، فكانت الأغلبية أن يخلي سبيلهم في مقابل فداء ولكن عمر بن الخطاب وسعد بن معاذ كان رأيهما أن يقتل الأسري. فأخذ الرسول برأي الأغلبية، ولكي نزل قول الله تعالى مؤيدا عمر وجماعته فيما ذهبوا إليه.قال تعالى:

  (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَي حتى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ([26])

 ولقد سار الخلفاء الراشدون ومن جاء بعدهم على هذه السنة الحميدة، فإذا ما أرادوا إجراء أمر هام في الدولة جمعوا أهل المنطقة التي يهمها الأمر وأجروا استفتاء عاما بها وأخذوا بما تسفر عنه نتيجة الاستفتاء.

ثالثا حرية الفكر والرأي:

   قال تعالى:  (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) ([27])

  وفي السنة: قال(صلى الله عليه وعلى آله وسلم ):  ( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر).

   وقال (الساكت عن الحق شيطان أخرس)وقال: (من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

 ولقد أطلق الإسلام حرية الفكر، ولم يحجر على آراء الناس، بل أباح لهم إبداء آرائهم عن أي شي. شاءوا وعلى هذا المبدأ سار الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) والخلفاء الراشدون من بعده » كما أن هذا المبدأ - حرية الفكر - كان منفذا  على في عصر بني أمية وصدر عصر بني العباسي حتى إن الناس كانوا لا يمتنعون عن إبداء رأيهم في أحقية بني العباسي في الخلافة أمام الخليفة نفسه وذلك في عهد عمر بن عبد العزيز والمأمون بن هارون الرشيد وغيرهما.

 ويدخل في ذلك أيضا حرية التفكير العلمي فلكل فرد الحق في تقرير ما يراه بخصوص الظواهر الفلكية والجغرافية والطبيعية وغيرها. ولم يقف الإسلام في طريق التفكير العلمي، بل استحث العلماء والمفكرين على النظر في ظواهر الكون وحفزهم على التأمل فيما خلق الله يقول الله تعالى:

 (أَفَلا يَنْظُرُونَ إلى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ، وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) ([28])

   ويقول (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ، وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ، وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعليمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حتى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ([29]).

  وغير ذلك من الآيات الكثيرة التي تدعو إلى البحث والتفكير والتأمل في ملكوت الله ومخلوقاته حيث أن البحث في هذه الظواهر والمخلوقات يؤدي حتما إلى التوصل إلى وجود الله والاعتقاد في ذلك اعتقادا تاما على الأسس والنظريات العلمية وذلك ما يدعو إليه الإسلام ويحبب فيه.وبناء على ذلك قامت المدارس الفقهية كمدرسة أبي حنيفة و الشافعي وأحمد ومالك ومن تبعهم. ولكن قد ينحرف الرأي عن الطريق المستقيم ويكون جريمة يعاقب عليها الإسلام([30]) .

 

رابعا : حرية الدين  والمعتقد:

 لقد أخذ الإسلام بهذا المبدأ قبل أن تعرفه دول الأرض جميعا. وتقوم الحرية الدينية في الإسلام على ثلاثة مبادئ:

1- حرية اختيار الدين.

2- حرية المناقشات الدينية.

3- الإيمان الصحيح ما كان مبنيا على إقناع واقتناع 

  1  - أما المبدأ الأول وهو الحرية في اختيار الدين الذي يعتنقه الإنسان، فلا يرغم الإسلام غير المسلم على ترك دينه واعتناق الدين الإسلامي، وقد سار المسلمون على هذا المبدأ في حروبهم فكانوا يتركون أهل البلاد المفتوحة وما يدينون بشرط الولاء للحكومة الإسلامية وذلك لقول الله تعالى:

 (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عليمٌ) ([31]).

 وقوله: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حتى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ([32]).

  فكان المسلمون يحترمون من يعيش بينهم من أتباع الديانات الأخرى ويحمونهم ويحافظون على شعائرهم وشعورهم. وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب في كتابه إلى أهل بيت المقدس بعد فتحه: (هذا ما أعطي عمر أمير المؤمنين إلى أهل إيلياء من الأمان... أعطاهم أمانا لأنفسهم ولكنائسهم ولصلبانهم لا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم).

   ومن آثار الحرية الدينية ما رسمه الإسلام من حسن معاملة غير المسلمين إذ يقول الله في كتابه العزيز:

   (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا على إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) ([33]).

  2. أما حرية المناقشات الدينية فقد أبيحت للمسلمين ولغير المسلمين حتى أن الخلفاء أنفسهم كانوا يشتركون في تلك المناقشات، ولقد نصح القرآن الكريم المسلمين بضرورة التزام العقل والحكمة في مناقشاتهم مع أصحاب الأديان الأخرى:

   (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) ([34]) (35). (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ([35]).

 ويقول تعالى مخاطبا أهل الديانات غير الإسلامية:

 (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أو نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)([36]). (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عليهمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) ([37]). (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أو أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ([38]).

   3- والمبدأ الثالث وهو الإقناع والاقتناع قبل اعتناق الدين الإسلامي، فلا يرغم غير المسلمين على ترك دينهم، لأنه لا جدوى من الإيمان بغير اقتناع، فالمسلم إذا كان ضعيف الإيمان مخلخل العقيدة لا يمكن الاعتماد عليه أو الاقتداء به.

 ولذلك يحث الإسلام على التفكير العقلي الجاد في الله ومخلوقاته والإيمان إيمانا صحيحا سليما عن تدبر وتعقل واقتناع، فقد رأي بعض الفقهاء أن إيمان المقلد غير صحيح.

 يقول الإمام محمد عبده في ذلك:

 (إن التقليد بغير عقل ولا هداية هو شأن الكافرين، وإن المرء لا يكون مؤمنا إلا إذا عقل دينه وعرفه بنفسه حتى اقتنع به  فمن ربي على التعليم بغير عقل، وعلى العمل بغير فقه - ولو كان العمل صالحا - فهو غير مؤمن و القصد من الإيمان أن يذلل الإنسان نفسه بالعلم، فيعمل الخير لأنه يفقه أنه الخير النافع المرضي لله ويترك الشر لأنه يفهم سوء عاقبته ودرجة مضرته.)

4- حق المساواة:

   كان نظام الطبقات يسود العالم قبل الإسلام، وازداد استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وظلمه له وأهانته لإنسانيته، وإهدار كرامته والمرأة لم يكن لها أي شأن في تلك المجتمعات بل كانت مجرد آلة في يد زوجها، يستطيع أن يقتلها، كما أنها تعرضت لألوان الاضطهاد والتعذيب وظل الظلم، ظلم الرجل للرجل، وظلم الرجل للمرأة سائدا حتى جاء الإسلام، فدعا إلى الإخاء، ورد للمرأة حقوقها كإنسانة  وبين أن ذلك الظلم والتفاوت مما يتنافي مع الطبيعة البشرية، إذ أن الناس سواسية لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى وان الناس من سلالة واحدة يجب أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات.

 ولم يفرق الإسلام بين سيد ومسود، ولا أسود وأبيض، وجعل الجميع إخوانا متحابين فقال الله تعالى (وكونوا عباد الله إخوانا) وبذلك استطاع الإسلام أن يخلق أمة قوية متماسكة.

 يقول في ذلك المستر (جب) في كتابه (حينما يكون الإسلام):  " ولكن الإسلام ما زال في قدرته أن يقدم للإنسانية خدمة سامية جليلة، فليس هناك أي هيئة سواه يمكن أن تنجح نجاحا باهرا في تأليف الأجناس البشرية المتنافرة في جبهة واحدة أساسها المساواة فالجامعة الإسلامية العظمي في أفريقيا والهند واندونيسيا، بل تلك الجامعة الصغيرة في الصين، وتلك الجامعة الضئيلة في اليابان، لتبين كلها أن الإسلام ما زالت له القدرة التي تسيطر كلية على أمثال هذه العناصر المختلفة الأجناس والطبقات، فإذا ما وضعت منازعات دول الشرق  والغرب  العظمي  موضع  الدرس، فلا بد  من  الالتجاء  إلى الإسلام  لحسم النزاع"([39]).

  فالإسلام هو أول من أقر المساواة بين الناس (الناس سواسية كأسنان المشط) وترجع مظاهر تلك المساواة إلى ما يأتي:

 

المساواة الإنسانية:

 الناس سواسية ولا تفاضل بينهم.. لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (كلكم لآدم وآدم من تراب)([40])،... لا فرق بين رجل وامرأة.

 فإن الغني والفقير سواء في القيمة الإنسانية، فلا تفاضل بين الناس في هذه الناحية إلا بالعمل الصالح والكفاءات الممتازة، وبما يقدمه كل فرد لربه، ولإخوانه ولوطنه([41]).

   لقد قضي الإسلام على الطوائف والعصبيات الجاهلية، فلا تفرقة بين الطبقات، ولا بين العبيد والأحرار.. فكان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم   يقرب إليه كثيرا من العبيد، ويقدمهم على بعض الصحابة، كما كان يرسلهم قادة على الجيوش التي تضم بين صفوفها خيرة الصحابة وإجلاؤهم. فلا تفرقة في الإسلام من أجل حسب أو نسب. يقول الله:

 (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) ([42]) .

ويقول الله تعالى:  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عليمٌ خَبِيرٌ) ([43]) .

   فلم يفرق الإسلام بين الناس بعضهم بعضا ولا بين الرجال والنساء فكلهم في القيمة الإنسانية.

 ويقول رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم )في خطبته في حجة الوداع: (أيها الناس: إن ربكم واحد، وان أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب , إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس  لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر فضل إلا بالتقوى.. ألا هل بلغت؟اللهم فاشهد.. فليبلغ الشاهد منكم الغائب).

 ويروي أن أبا ذر الغفاري تناقش مرة في حضرة النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم )مع عبد زنجي، فاحتد أبو ذر على العبد وقال له: يا ابن السوداء، فغضب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم  وقال: (طف الصاع، طف الصاع  (أي قد زاد الأمر عن حده) -  ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى أو بعمل صالح). فحزن أبو ذر ووضع خده على الأرض وقال للعبد: (قم فطأ على خدي) فليس في الإسلام إنسان أكرم من آخر بفضل حسبه ونسبه، بل الكل سواسية، ولا تفاضل إلا بالعمل الصالح).

 

المساواة القانونية  و في  الحقوق العامة:

   أقر الإسلام مساواة الناس جميعا أمام القانون وفي الحقوق العامة، فالناس كلهم سواسية، لا فرق بين أمير وخفير، ولا ملك وصعلوك، ولا شريف ووضيع، وفي هذا يقول أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) في أول خطبة له بعد توليه الخلافة (.... الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه).

 

  المساواة في فكر وعمل عمربن الخطاب:

 ويقول الفاروق عمر بن الحطاب(رضي الله عنه) وهو مؤسس نظام القضاء في الإسلام، واليه يرجع الفضل في تنظيمه وإقامته على أسس قوية مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام (أيها الناس، وانه والله ما فيكم أحد أقوي عندي من الضعيف، حتى آخذ الحق له، ولا أضعف عندي من القوي حتى آخذ الحق منه).

  وكتب رسالة إلى أبي موسى الأشعري أحد قضاته ضمنها معظم أحكام القضاء في الإسلام وجاء فيها:

 (من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس: سلام عليكم أما بعد، فان القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذ أدلي إليك، وأنفذ إذا تبين لك، فانه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك).

 وكتب عمر في وصيته للخليفة من بعده:

   (اجعل الناس عندك سواء، لا تبال على من وجب الحق ثم لا تأخذك في الله لومه لائم وإياك والأثرة والمحاباة فيما و لاك الله).

 وينبئنا التاريخ الإسلامي أن تلك القواعد السمحة القويمة للمساواة أمام القضاء وضعت أسسها وقواعدها ونفذت منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)  والخلفاء الراشدين، فيروي أن أسامة بن زيد وهو من أحب الصحابة إلى رسول الله جاء إلى  النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) ليشفع في فاطمة بنت الأسود المخزومية، وكان قد حكم  عليها في حد سرقة فغضب رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)من أسامة، وأنكر موقفه هذا على الرغم من حبه له، ولم يشفع له منزلته من رسول الله، وقال له (صلى الله عليه وعلى آله وسلم):

 (أتشفع في حد من حدود الله).  وقام فخطب الناس وقال:

 (إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).

 ولقد شكا يهودي عليا رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب في خلافة عمر، فلما مثلا بين يديه خاطب عمر رضي الله عنه اليهودي باسمه، على حين خاطب عليا بكنيته فقال له:

(يا أبا الحسن) حسب عادته في خطابه معه، فظهرت آثار الغضب على وجه على رضي الله عنه، فقال له عمر: أكرهت أن يكون خصمك يهوديا، وتمثل معه أمام القضاء على قدم المساواة ؟،  فقال على كرم الله وجهه ورضي عنه:

 لا ولكنني غضبت لأنك لم تسو بيني وبينه، بل فضلتني عليه، إذ خاطبته باسمه، بينما خاطبتني بكنيتي).

 ويروي أن ابن عمرو بن العاص ضرب رجلا من دهماء المصريين، حينما كان أبوه واليا على مصر، فأقسم المجني عليه ليشكونه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقال له:اذهب فلن ينالني شيء من شكواك، فأنا ابن الأكرمين.

 وبينما كان الخليفة عمر بن الخطاب مع خاصته ومعهم عمرو بن العاص وابنه في موسم الحج، قدم هذا الرجل عليهم، وقال مخاطبا عمر: يا أمير المؤمنين، إن هذا – وأشار إلى ابن عمرو- ضربني ظلما ولما توعدته بأن أشكوه إليك قال: اذهب فأنا ابن الأكرمين)..فنظر عمر (إلي عمرو وقال قولته المشهورة:(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ). ثم توجه إلى الشاكي وأعطاه درته وقال له: (اضرب بها ابن الأكرمين كما ضربك)

-  وخطب عمر بن الخطاب يوما فقال:

-  (أيها الناس والله ما أرسل عليكم عمالا ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أعشاركم، ولكن أرسلهم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فعل به شيء سوي ذلك فليرفعه إلى فو الذي نفس عمر بيده لأقصنه منه)

 وحدث مرة أن عمر بن الخطاب وهو خليفة المسلمين رأي رجلا وامرأة على فاحشة فدعا الناس وخطب فيهم قائلا: (ما قولكم أيها الناس في رجل وامرأة رآهما أمير المؤمنين على فاحشة) فقام على بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه  وأجابه:

 (يأتي أمير المؤمنين بأربعة شهداء أو يجلد حد القذف شأنه في ذلك شأن سائر المسلمين)ثم تلى  قول الله تعالى:  (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) ([44]). فسكت أمير المؤمنين ولم يعين المجرمين.

 ولقد طبق الإسلام تلك المساواة على المسلمين وغير المسلمين، لأن غير المسلمين في أي بلد إسلامي لهم ما للمسلمين من حقوق، وعليهم ما عليهم من واجبات، وتطبق على الجميع النظم القضائية دون أي تغير إلا ما تعلق منها بشأن الدين فتحترم فيها عقائدهم([45])

 هذا ما سار عليه الإسلام الحنيف، فانظر ما تسير عليه دول الحرية والديمقراطية الحديثة التي تفرق بين السود والبيض، فالولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي أنها حارسة الحضارة ومهد الحرية، وصاحبة السبق في المناداة بالمساواة، تفرق قوانينها بين السود والبيض فلا تسمح لهم بالمقاضاة إلا في  محاكم خاصة، ويتعلمون في مدارس خاصة، ويركبون سيارات خاصة ويسكنون في أحياء خاصة، ولا يمكنهم الاختلاط بالبيض.. كما تفرق القوانين بينهم في الشؤون الاقتصادية، والسياسية، وفي تطبيق العقوبات عليهم، فلا يمكن للسود أن يتزوجوا من البيض ولا أن يأكلوا معهم، كما كانوا يحرمون عليهم السير في طرقاتهم([46]).

 أما في الإسلام:

 فالناس متساوون كأسنان المشط في القيمة الإنسانية المشتركة لا فرق بين رجل وامرأة   أو عبد وحر قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عليمٌ خَبِيرٌ) ([47]).

   ويقول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) في حجة الوداع (أيها الناس إن ربكم واحد. وإن أباكم واحد. كلكم لآدم، وآدم من تراب وليس لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا أبيض على أحمر فضل إلا بالتقوى.

5- حق الإنسان في حماية شرفه وحرمة حياته الخاصة:

   لكل إنسان الحق في حماية عرضه وشرفه فلا ينتهك ولا يعتدي عليه والحياة الخاصة مصونة ومحترمة في دين الإسلام وأي اعتداء عليها يعاقب المعتدي بعقوبات دنيوية وأخروية. فمن يعتدي على حرمات غيره بارتكاب الزنا مثلا فعقابه الرجم حتى الموت إن كان محصنا والجلد إن كان غير محصن.

 قال تعالى:  (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) ([48]) .

 قال (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وذكر منها الزاني المحصن).

 وقال (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) (من قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون دمه فهو شهيد, ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) ([49]) .

6- حق الملكية وحرمة مال الغير:

   يحترم الإسلام ملكيات الأشخاص ويحافظ عليها ويحرم ويجرم الاعتداء عليها ويعاقب على ذلك([50]) قال ربنا جل وعز :  (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَي الْمَالَ على حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَي الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ) ([51]).

   ويقول رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم):  

  (من أخذ مال أخيه بيمينه أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة. قال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله ؟  قال (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): وان كان عودا من أراك)  ولقد كفل الشرع الحنيف لكل إنسان حق حماية ممتلكاته و الدفاع عنها فقال سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: (من قتل دون ماله فهو شهيد).

 ومن مظاهر حماية الملكية الخاصة تحريم السرقة والعقاب عليها بأشد وأقسى العقوبات. قال الله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ([52]).

 ولكل حق سند يقوم عليه، فكل الحقوق التي قررها الإسلام، إنما كانت على أساس قوانين تنظمها وتضمن تأمينها لكل إنسان على أكمل وجه.

 أهم طرق التملك في الإسلام:

   يسمح الإسلام بالتملك بطريق البيع والهبة والوصية والإرث وهي جميعا طرق شرعية معترف بها في جميع الشرائع والأديان، والمذاهب الاقتصادية. كما يعترف الإسلام بمشروعية التملك عن طريق العمل والكسب الحلال، ولكنه ينكر التملك بطريق الظلم والاغتصاب والاستغلال (أطيب الكسب عمل الرجل بيده)

7- الحق في التكافل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية:

 لقد جاءت الدعوة الإسلامية دعوة عامة أي جميع الناس في كل زمان ومكان، وهي دعوة عامة للدين والدنيا معا - فكما اهتمت شريعة الإسلام ببيان أسس الدين وقواعده اهتمت ببيان منهج الإسلام في بناء المجتمع وصياغة الحياة على أسس وقواعد تتمشي مع قيم الدين ومبادئه، فألغي الإسلام كل ما يخالف طبيعة الإنسان وفطره السليمة فحرم الربا والزنا والقتل وشرب الخمر ولعب الميسر ووأد البنات بل حرم كل ما يشكل عدوانا على الإنسان في أي صورة من الصور سواء أكان العدوان ماديا أو أدبيا وأباح الطبيب في كل شيء ونهي عن الخبيث.

   ويحمي الإسلام المجتمع من الفقر والعوز، ويحمي الضعفاء، والمحتاجين، والأيتام وجعل لهم حقا مفروضا في أموال الأغنياء.قال تعالى:   (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ، وَلا يَحُضُّ على طَعَامِ الْمِسْكِينِ) ([53]) (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَي الْمَالَ على حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَي الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ) ([54])

   وقال سيدنا رسول الله(صلى الله عليه وعلى آله وسلم)(ليس المؤمن من بات شبعان وجاره جائع إلى جواره وهو يعلم).

ومن حقوق الجار:

 حسن معاملته والإحسان إليه والمحافظة على حرماته وحرياته عملا بحيث سيدنا رسول  الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).

وقال عليه صلوات الله وسلامه: (أنا وكافل اليتيم هكذا في الجنة) وجمع بين إصبعيه السبابة والوسطى..

  لقد فرض الإسلام، رعايته بين الناس على صورة واسعة تتناول جميع نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية لذلك أقام المجتمع على أسس أصيلة هي بذاتها تنتج الرعاية الاجتماعية وتنضج ثمراتها.. ولقد ذكر القرآن الكريم أسس هذه الرعاية في مواضع عدة  قال تعالى:  (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ)([55]) وقال (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكم إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ على شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ([56]) .

 على أن القرآن  حينما يقرر هذه الأخوة إنما يقررها كحقيقة واقعة فالمرء يجب أن يعامل المؤمنين كأنهم أخوته... كما يجب ألا يتخذ الكفرة أولياء وأخوانا من دون المؤمنين  حتى ولو كانوا من أقارب الإنسان. فقد توعد الله سبحانه وتعالى من يؤثر علاقته بغير المؤمنين على الله ورسوله بوعد شديد فقال تعالى:   (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالد ين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون).

 

التكافل الاجتماعي الذي يقرره الإسلام يقوم على، عدة أسس([57]):

أولا: الأخوة الصادقة بين جميع المسلمين(إنما المؤمنون إخوة)

ثانيا: المؤمنون هم أولياء، بعض (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ([58]) وهذا الحكم منطقي، إذ أن المنافق المذبذب لا يمكن أن يكون وليا وحليفا ونصيرا للمؤمن الذي يؤثر الله ورسوله على كل ما سواهما وكذا غير المسلمين لأنهم لا يؤمنون بالإسلام دينا ولا بمحمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)نبيا ورسولا فلا يمكن أن يكونوا أولياء للمسلمين.

ثالثا:- تكافؤ المسلمين في الدماء . فكل فرد دماؤه عزيزة على نفسه وعلى المسلمين، ويجب احترام حياته وصيانتها وفي هذا يقول الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)(المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعي بذمتهم أدناهم وهم يد سواهم).

رابعا:- وجوب المحبة بين المؤمنين،:

   وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (أحب للناس ما تحب لنفسك) وقوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

 

حق المرأة:

  لم يميز الإسلام بين المرأة والرجل وإنما ساوي بينهما في كثير من الحقوق وفضل بعضهم على بعض في بعضها، فليس هناك تفرقة إلا في حدود معينة، ولضرورات تقتضيها مصلحة كل منهما، أو مصلحة المجتمع. قال الله عز وجل:( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض)([59]). 

وقال سبحانه وتعالى:  (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) ([60]) .

وقال جل وعلا:  (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أو أُنثَي وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرا) ([61]).

  وقال سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم):(النساء شقائق الرجال).

 هذا ويحتفظ الإسلام للمرأة بشخصيتها القانونية المستقلة، فلها حق التملك والتعاقد والعمل وإجراء كافة التصرفات ولها حق المشاركة في الحياة العامة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

 

الإسلام والمرأة.

 جاء الإسلام ليلغي الظلم ويمنع استغلال الإنسان للإنسان، وليفتح الطريق إلى الحرية أمام الناس جميعا غنيهم وفقيرهم، قويهم وضعيفهم، حرهم ورقيقهم ولم يمنح الإسلام الحقوق للرجال فقط، بل للنساء أيضا.

  لقد كانت المرأة في وضع لا يليق بها كإنسان، ولم يكن لها أي حق، بل كانت كما مهملا، ووصل الأمر إلى أنهم كانوا يئدونها رضعية ويتوارثونها كبيرة ضمن تركة المتوفى.

 

الإسلام يكرم المرأة:

 أعلى الإسلام شأن المرأة وكرمها وأعاد إليها حقوقها باعتبارها شريكة للرجل في الحياة، ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز المرأة والرجل في مواضع كثيرة حيث وجه الخطاب التكليفي لهما معا يقول جل وعلا:  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عليمٌ خَبِيرٌ) ([62]) .

  ويقول عنها سبحانه وتعالى :  (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) ([63]) . 

  وفي هذا  المعنى  المودة والاطمئنان إذ جعل كلا منهما سكنا وحماية للآخر. ويقول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): 

 

(النساء شقائق الرجال).

 وإذا كان الإسلام قد أعطي للمرأة حقوقها، وساوي بينها وبين الرجل في كثير من النواحي إلا أن هذه المساواة ليست تامة من جميع الوجوه، فهناك أمور خص بها الرجل، وأمور أخري خص بها المرأة وحدها على ما سنفصله في موضعه إن شاء الله تعالى، فقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان من ذكر وأنثي وجعل لكل منهما خصائص،وأهله لما سيقوم به من مهام في الحياة... فأعطي الرجل قوة في الجسم ليسعي على الرزق ويكدح من أجل لقمة العيش ومنح المرأة العطف. الحنان لتربية أولادها وتنشئتهم نشأة طيبة.

وصدق الشاعر إذ  يقول:

الأم مــــدرسة إذا أعددتهـــا        أعـــــددت شعبا طيـــب الأعراق

دعوى باطلة:

  لست أدري لماذا ترفع الأصوات بين الحين والآخر بالمناداة بالمساواة بين الرجل والمرأة، وكان المرأة والرجل شيئان مختلفان وليسا شيئا واحدا. لقد نسي هؤلاء أن المرأة هي أم الرجل وأخته وابنته وزوجته، وأن الرجل بالنسبة للمرأة أبوها وأخوها وابنها وزوجها. فقد خلقا من نفس واحدة فكل منهما مكمل للآخر فهما متكاملان لا متناقضان ولا يجوز لأحدهما أن يظلم الآخر وليس هناك ما يدعو إلى  مثل هذه الدعوات الخبيثة التي لا يراد  منها إلا تفتيت المجتمع وبث الفتن والوقيعة بين الرجل وشقيقته أو بين الزوج وزوجته أو الأم وابنها.

  إن الله سبحانه وتعالى خلق الرجل والمرأة من نفس واحدة وركب جسم كل منهما بالكيفية التي تناسب وظيفته في الحياة فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل بينهما اختلافا فكيف بنا لا نقبل أن يكون بينهما هذا الاختلاف.

يقول الله جل وعلا:  (وَلِلرِّجَالِ عليهنَّ دَرَجَةٌ) ([64])  فكيف بهم يتناسون هذا ؟

  إن طلب المساواة التامة بين الرجل والمرأة شيء غير ممكن فالأم خصها الله سبحانه وتعالى بوظائف طبيعية، ليس الرجل مؤهلا لها، وللرجل وظائف أخري، وكل منهما يكمل الآخر لكي يقوم كل منهما بمسئوليته نحو الأسرة ونحو المجتمع. فيجب ألا ننزل بالمرأة عن المستوي  الإنساني  اللائق الذي أراده الله سبحانه وتعالى لها.

 والإسلام لا يقبل أن تستذل المرأة أو تستباح حرماتها أو تنتهك إنسانيتها، وإنما يضعها في الموضع الملائم لها كأم تقوم على رعاية أبنائها شباب المستقبل ورجاله وحماة الأمة وأبطالها عمل المرأة:

 يفسح الإسلام المجال أمام المرأة لكي تعمل إذا ما وجدت ضرورة لعملها، فإذا لم تكن ثمة ضرورة فلتبق في بيتها تديره وترعي أبناءها وتحسن تربيتهم. وقد يظن البعض أن هذا عمل سهل هين، ولكنهم واهمون. إن المرأة التي تقدم للوطن أبناء أقوياء أصحاء  متعلمين،خير من تلك التي تترك أبناءها لمن يتولي تربيتهم، وقد يفسد أخلاقهم فتنتكب الأمة في شبابها وأمل مستقبلها.

 إن عمل المرأة في بيتها له من الأهمية أكثر من عملها خارجه   . وإن واجب الأمة أن تعلم المرأة الطرق المثلي في تدبير شؤون بيتها ورعاية أسرتها والقيام بواجبات أولادها،  وهذا بالطبع لا يمنعها من المشاركة في الحياة الاجتماعية والمساعدة في إدارة الحياة السياسية في مجتمعها، فلها حق تولي الوظائف العامة والاشتراك في الجمعيات الخيرية والإدلاء بصوتها في الانتخابات العامة وترشيح نفسها وأن تكون عضوا في ألمجالس النيابية والتشريعية وتتقلد منصب الوزارة والمحافظ وغيرها من المناصب التنفيذية والسياسية دون أي قيود أو تمييز بينها وبين الرجال نساء تولين منصب هامة في الدول الإسلامية:

  هناك أكثر من امرأة رشحت نفسها لرئاسة الدولة في مصر، بل وهناك بالفعل نسوة تولين رئاسة الدولة في بعض دول شرق أسيا الإسلامية كما كان هناك ملكة تدعي أروي تحكم اليمن في ظل الإسلام، وكانت شجرة الدر تحكم مصر إلى غير ذلك بشرط آلا يعطل ذلك عملها الأساسي الذي هيأها  الله له وهو الأمومة([65]).

 إذا كان الإسلام قد منح للمرأة كل حقوقها، فإن واجبها أن تحسن استخدام هذا الحق  وعدم
المغالاة قيه.

 وعلى هؤلاء الذين يروجون الأباطيل ضد الإسلام متخذين من حقوق المرأة مرتكزا لهجومهم أن ينظروا إلى طبيعة كل منهما أولا... وليعلموا ثانيا أن المرأة والرجل شيء واحد لا ينفصل، ولكل منهما دوره في الحياة والواجب عليه أن يحسن القيام به، فالرجل بطبيعته لا يمكنه أن يحمل ويلد ويربي الأولاد لأن ذلك من شأن النساء وحدهن... وكذا المرأة لا نطلب منها ما هو فوق طاقتها وإلا نكون قد ظلمناها ونحن نظن أننا نحس بها صنعا.

 

عمل المرأة الأساسي:

 لقد خرجت المرأة للعمل والجهاد في حياة الرسول والخلفاء الراشدين ولكن ذلك لم يكن هو المبدأ العام، إذ أن المبدأ العام هو القرار في البيوت والاستثناء هو الخروج للعمل أو للضرورة، فإذا كان المجتمع في حاجة إلى عمل المرأة أو كانت المرأة نفسها في. حاجة إلى  هذا العمل فلا مانع من ذلك. وهذا الذي يقرره الإسلام إنما ينظر فيه إلى تكوين المرأة الجسمي - كما سبق القول.

  بل الأكثر من ذلك أنه أعفاها من بعض التكليفات الشرعية والعبادات، فالمرأة إذا حاضت أو نفست لا تصلى  ولا تصوم ولا تكلف بإعادة الصلوات، وإن كانت تعيد الصوم...   وهي لا تكلف بأي جهد مالي وإنما يكلف أقاربها من الرجال بالإنفاق عليها([66]) .

 كما يكلف الزوج بالنفقة على زوجته دون النظر إلى ممتلكاتها الخاصة... ولا تكلف بالجهاد إلا إذا تطوعت وكانت الحرب في حاجة إلى خدماتها.

  لقد حظيت المرأة في ظل الإسلام بالتكريم والإعزاز وإعلاء الشأن وتقرير الحقوق، لم تحظ به في ظل أي من الحضارات السابقة أو الحضارة الحديثة، فقد ساوي بينها وبين الرجل في أمور الدين وفي الحقوق المدنية والقانونية والسياسية  والثقافية وفي كل شئون ألحياة فلها حق التملك وحق إدارة ممتلكاتها وأن تشارك في إدارة شئون الدولة فهي وزير و قاضية وغير ذلك من الاعمال  بل   وتشغل جميع الوظائف كبيرها وصغيرها.

 وهكذا نجد أن شريعة الله الخالدة تنظر إلى الرجل والمرأة نظرة واحدة باعتبارهما من سلالة واحدة لا فرق بينهما إلا أن هذا ذكر وتلك أنثي. خلقهما الله من نفس واحدة وخصص لكل دوره في الحياة وقد ركب الله سبحانه وتعالى جسم كل منهما بالطريقة المناسبة لأداء الدور المنوط  به على خير وجه.

 فالإنسان هو أفضل مخلوقات الله، خلقه سبحانه وتعالى لعبادته ولعمارة الأرض، والإنسان ما هو إلا ذكر وأنثي، رجل وامرأة فبهما معا تقوم الحضارة وبهما معا تستمر الحياة.

يقول الكسيس كارليل:

 إن الإنسان يعلو كل شر في الدنيا فإذا انحط أو تدهور، فإن جمال الحضارة بل حتى عظمة الدنيا المادية لا تلبث أن تزول وتتلاشي([67]) .

 

الإسلام وقضية المساواة بين الرجل والمرأة

 يقول الله سبحانه وتعالى (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوَارَي مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ على هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) ([68]) .

 هكذا يبين كتاب الإسلام الأعظم وضع المرأة في الجاهلية. لقد كانت عارا منذ ميلادها ثم محرومة من كل الحقوق إذا قدر لها أن تعيش، لا ترث، ولا تتعاقد، فليس لها أي أهلية لإبرام العقود، بل كانت المرأة متاعا يرثها أهل زوجها..

 فلما جاء الإسلام ووجد ما عليه القوم من فوضي في معاملة المرأة من حيث الزواج والطلاق فلا يوجد قانون يحكم علاقة الرجل و المرأة، ولا نظام يساوي بينهما... فأضاء الإسلام للمرأة الطريق وجعل لها مكانا مرموقا في الأسرة والمجتمع. فأمر بالاهتمام بها منذ ولادتها وحسن تربيتها وتنشئتها وتعليمها... بل لقد ساوي الإسلام بين الرجال والنساء. لا فرق بينهم في الأمور الدينية وأمام القانون وفي الحقوق العامة، ولا بسبب الجنس بل جعلهم في الإنسانية سواء.

  يقول الله سبحانه وتعالى:(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أو أُنْثَي بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) ([69]).

 ويقول سبحانه:   (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أو كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضا) ([70]).

 ويقول سبحانه :  (ولقد  كرمنا بني آدم)  

   ويقول جل وعز:  (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عليما) ([71]).

 ويقول جل علاه:  (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عليمٌ خَبِيرٌ) ([72]) لا فرق في ذلك بين الرجل أو المرأة.

 

الرسول يوصي بالمرأة:

  ولقد اهتم الإسلام بالمرأة كأم وقدمها في الرعاية على الرجل فيروي أن رجلا جاء

إلي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يسأله([73]): "من أحق الناس بحسن صحبتي قال: أمك. قال: ثم من قال: أمك. قال: ثم من قال: أمك. قال: ثم من قال: أبوك".

 ولتعليم المسلمين قيمة المرأة وكرامتها أنها إنسانة تتعب وتبذل من جهدها وجسدها في تربية أبنائها يقول الله سبحانه وتعالى: (وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ على وَعلى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ) ([74]).

   هكذا يتضح لنا أن الإسلام لا يفرق بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية، كما أنه لا يفرق بينهما في طلب العلم. يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"([75]) .كما يروي أن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كانت تتعلم الكتابة في الجاهلية على يد امرأة تدعي الشفاء العدوية،  فلما تزوجها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طلب إلى الشفاء أن تعلمها تحسين الخطوط كما علمتها أصل الكتابة..

 

العمل في المجال المناسب:

 ولقد سمح الإسلام للمرأة أن تنزل إلى ميدان العمل ما دامت تؤدي عملها في حشمة ووقار... على المرأة أن تستر جميع أجزاء جسمها عدا وجهها وكفيها على خلاف بين الفقهاء في ذلك([76])...

 ويجب على المرأة أن تعمل في المجال الذي يناسبها ولا يؤدي إلى ضرر جسمي أو خلقي أو اجتماعي، على ألا يتعارض عملها مع واجبات بيتها وزوجها وأولادها ولا مع أوضاعها في الأسرة والمجتمع... فالإسلام يسمح للمرأة بتولي الوظائف العامة دون الولايات العامة، ويحتفظ لها بشخصيتها المدنية كاملة وبأهليتها في تحمل الالتزامات وعقد جميع العقود من بيع وشراء وهبة وخلافه، فشخصية المرأة منفصلة ومتميزة عن شخصية الرجل... سواء أكان هذا الرجل أبا وأخا أو زوجا فللمرأة أن تكسب من عملها سواء أكان عملا تجاريا أو وظيفة عامة([77]). يقول الله سبحانه وتعالى:  (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عليماً) ([78]).

 

جوانب تفضيلية للمرأة:

 هناك جوانب تفضل فيها المرأة عن الرجل مما يرفع قدرها ويعلى شأنها وليس كما يدعي أعداء الإسلام أنها في مركز متدني عن الرجل، بل هي في مركز أعلى في كثير من الأمور.

ومن الجوانب التي فضلت فيها المرأة ما يلي:

أولا جعل الإسلام المرأة مخطوبة:

  فالرجل هو الذي يسعي إلى  المرأة ويخطب ودها ويطلبها للزواج، وليس كما في الغرب أو البلاد غير الإسلامية حيث تسعي هي للرجل، ويدفع أهلها مبالغ كبيرة للرجل لكي يتزوج من ابنتهم. فقد نشرت الصحف أخيرا أن بعض أولياء أمور البنات في بعض الدول غير الإسلامية دفعوا مبالغ لبعض الشباب ليتزوجوا من بناتهم، فأخذوا هذه المبالغ وهربوا منهم.

 فالإسلام يجعل المرأة في وضع متميز فيتقدم لها الخطاب، وهي تختار من تريد دو ن ضغط أو إرغام من الأهل. والرجل الذي يتقدم لفتاة ليتزوجها وينفق عليها من ماله ويقدم لها من الهدايا ما يرضيها ويرغبها في قبوله يحافظ عليها بعد الزواج لأنه لم ينلها إلا بالجهد النفسي و الجهد المالي مما يجعلها محل عنايته ورعايته.

ثانيا بقاء صلتها بأهلها وذويها ترثهم ويرثونها:

 تبقي المرأة بعد الزواج منتسبة لأهلها،فهي لا تفقد اسمها واسم عائلتها وتدخل في عائله زوجها كما في الغرب، ولكن تبقي صلتها بأهلها قائمة ترثهم ويرثونها.

ثالثا  فرض الله للمرأة مهرا هد ية من الزوج:

 وهو حق خالص لها. تتصرف فيه كيفما تشاء، ولا تكلف أي جهد مالي في زواجها.

وعن المهر يقول الله سبحانه وتعالى:

 (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) ([79]).

 

رابعا كفاءة الرجل المتقدم لها للزواج:

 يشترط الفقهاء في الزوج الذي يتقدم لخطبة المرأة أن يكون كفؤا لها من ناحية النسب والدين والمال وغير ذلك مما شرط الفقهاء. فإذا زوجت البنت نفسها حسب ما تقضي به بعض المذاهب الفقهية لشخص غير كفء جاز لوليها فسخ العقد لعدم الكفاءة  وهذا الشرط   لصالح  المرأة نفسها  حتى   لا تقدم  على  الزواج  من  شخص  قد  يسيء معاملتها أو يضر بأسرتها أو يهدد كرامتها خاصة إذا لم يكن صاحب دين، أو أخلاق.

 

خامسا  سن البلوغ:

 حدد الفقهاء سن بلوغ للفتاة قبل الرجل بحوالي ثلاث أو أربع سنوات إذا كان البلوغ بالسن  أما إذا كان بالأمارات الطبيعية التي بينها علماء الشريعة فهي تبلغ قبل الفتي أيضا. وبذلك تسبق الرجل في الحصول على حقوقها ومنها على سبيل المثال:

 أ- إدارة شئونها المالية فتتسلم أموالها من وليها أو الوصي عليها وتديرها بنفسها

 ب - يكون لها حق مباشرة حقوقها السياسية.

 ج- يكون لها حق اختيار الزوج أو تزويج نفسها على رأي من يقول بذلك.

فمساواة المرأة بالرجل في سن البلوغ يضر بمصالحها ويؤخر استغلالها لحقوقها المبينة عاليه.

 

 سادسا: شهادتها تفوق شهادة الرجل في كثير من الحالات:

 تقبل شهادة المرأة منفردة دون الرجل فيما لا يطلع عليه إلا النساء كإثبات البكارة أو زوالها، واثبات الدخول، واثبات الولادة للمولود واثبات ولادته حيا أو ميتا. وإثبات الرضاع،والشهادة فيما يقع بين النساء في اجتماعاتهن الخاصة من ضرب أو جرح أو غير ذلك من القضايا التي لا تشهدها إلا النساء.

وهذه الشهادة يتوقف عليها الكثير من الآثار الخطيرة منها :

   1- في حالة زوال البكارة فهي تشهد وحدها وقد تكون زوالها نتيجة جريمة زنا والمعروف أن حد الزنا لا يثبت إلا بشهادة أربع رجال، وهنا تقبل شهادتها وهي تعادل شهادة الأربعة من الرجال، فإذا كانت شهادة امرأتين في مواقف أخري تساوي شهادة رجل واحد([80])فشهادتها هنا منفردة تساوي شهادة أربعة رجال.

   2- الولادة فبها تثبت أمومة المرأة من عدمه. وإذا كان المولود حيا يستحق الميراث وكامل حقوقه المالية وغير المالية حتى ولو قدرت بالملايين أو البلايين، وقد شرط الفقهاء أن يكون ثبوت الولادة بشهادة امرأتين.

  3   - قد يثبت الملك أو ولاية العهد للمولود في البلاد ذات الحكم الملكي.

   4- وتقبل  شهادة  النساء  وحدهن  في موضوع  الرضاعة. وهي  شهادة  لها خطورتها لما يترتب عليها من حرمة بين المرتضع ومن أرضعته فيصبح ابنا لها من الرضاعة.

سابعا:  نفقة المرأة:

 نفقتها على زوجها حتى ان كانت غنية، وقبل الزواج نفقتها من مالها الخاص إن كانت غنية وإلا فعلى عصبتها([81]) إن لم يكن لها مال. فهي غير ملزمة بالكسب ولا تكلف بأعمال خارج منزلها، فقد حماها الإسلام وحفظها، فإذا تطوعت هي بالعمل أو كانت لديها الرغبة في ذلك أو الظروف تدعوها إلى الخروج للكسب فلا تمنع منه، ويكون ذلك تفضلا منها وليس إلزاما لها.

 

ثامنا استقلال ذمتها المالية:

 ولها حرية التصرف في مالها دون وصاية عليها من احد. فالإنسان له أهلية وجوب في جميع أطوار حياته. وقد أثبتها الشرع للرجل والمرأة دون تمييز.

 يقول الله تعالى:(لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) ([82]).

 

 تاسعا: حق الزواج:

   للمرأة الحق في تزويج نفسها على مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله. يقول الموصلى (وعبارة النساء معتبرة في النكاح، حتى لو زوجت الحرة العاقلة نفسها جاز،وكذلك لو زوجت غيرها بالولاية أو بالوكالة، وكذا إذا وكلت غيرها لتزويجها،أو زوجها غيرها فأجازت. ولا إجبار على البكر البالغة في النكاح([83]) .

 

عاشرا: حق الشرط:

   لها الحق أن تشترط في عقد الزواج من الشروط التي تحفظ لها حقوقها مثل حق

تطليق نفسها، أو حق الخروج للعمل وغير ذلك في حدود ما أقرت به الشريعة الإسلامية.

 

حادي عشر: خطاب القران لها:

 خاطبها الإسلام بخطاب يدل على الرقة والتحبب والتحنن والثقة بالمخاطبة وذلك بصيغة الخبر الدالة على الطلب مثل قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ([84]) .

 وقوله: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) ([85]).

 فلم يخاطبها الله سبحانه وتعالى بصيغة الأمر كما يخاطب الرجل لما فيها من شدة  وحزم وجزم بل خاطبها بصيغة الخبر الدال على الطلب وهو ما يناسب رقتها وشدة وشدة حساسيتها.

  ذلك وجه من ضمن أوجه التفصيل التي أحصاها الدكتور محمد محروس المدرس الأعظمى([86]).

 

 ثاني عشر:سور في القرآن خاصة بالمرأة:

 ومن أهم وأعلى جوانب التفضيل أن وردت سورة في القرآن الكريم باسم سورة النساء تشمل على الأحكام المتعلقة بالمرأة. وكذا سورة مريم([87]).

   وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى خص به المرأة دون الرجل (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ  يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عليمٌ([88]).

 

  حقوق غير المسلمين في المجتمع  المسلم:

   أباح الإسلام لغير المسلمين أن يعيشوا في كنف الدولة الإسلامية وأباح لهم ما يبيعه دينهم من طعام أو لباس أو غيره وأوصي بحسن معاملتهم وعدم التعدي عليهم، وترك حرية العبادة لهم، والمحافظة على دور العبادة الخاصة بهم وعدم الاعتداء عليها، وقد حفظ لنا التاريخ الإسلامي وقائع كثيرة تقنن وتشرع لهذه الحقوق منها:

   أن الفاتحين المسلمين حافظوا على دور العبادة اليهودية والنصرانية في فلسطين ومصر والشام.

 وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه  رفض الصلاة في كنيسة القيامة في القدس خوفا من أن يأتي بعده من يتعلل بصلاته فيها ويتعدي عليها أو يغتصبها لأي سبب من الأسباب.

 ولم يجبر الفاتحون أهل البلاد المفتوحة على دخول الإسلام بل تركوا لهم حرية الاعتقاد (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر) ([89]).

قال تعالى:  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عليمٌ خَبِيرٌ) ([90]).

وأمر بحسن معاملتهم فقال تعالى:  (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ([91]).

وأحل للمسلمين طعام أهل الكتاب والزواج من نسائهم قال تعالى:(اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم اذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) ([92])  .

 وأمر بمجادلتهم بالحسنى وإقناعهم بالكلمة الطيبة ودعوتهم إلى دين الإسلام وترك الحرية لهم في تقرير الدين الذي يرغبون فيه دون قهر أو إرهاب أو تخويف لأن الإيمان يجب أن يكون بالإقناع والاقتناع.

   قال تعالى:   (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم وأحد ونحن له مسلمون).

 وقال جل وعز:  (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) ([93]).

حقوق المدنيين وأسري الحرب في حالات النزاعات المسلحة:

 

الأصل في العلاقات الدولية في الإسلام أن يعيش المجتمع في سلام.

   والحرب حالة طارئة واستثنائية ولقد وضع الإسلام قواعد لمعاملة المدنيين وأسري الحرب منها ما ورد في القرآن الكريم ومنها ما ورد في السنة النبوية الشريفة.

 قال تعالى:  (قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا). أي أن القتال يكون بين الجنود المقاتلين ولا يتعداه إلى غيرهم من المدنيين ومن في حكمهم.

 وأوصي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قواده بوصايا هامة بعدم التعدي على المدنيين وغير المقاتلين ونهاهم التخريب.

 وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمعاذ بن جبل حينما سار إلى اليمن:"لا تقاتلوهم حتى تدعوهم، فإن أبو فلا تقاتلوهم حتى يبدأوكم، فإن بدءوكم فلا تقاتلوهم حتى يقتلوا منكم قتيلا ثم أروهم ذلك وقولوا لهم هل إلى خير من هذا سبيل. فلئن يهدي الله على يديك رجلا واحدا خير مما طلعت عليه الشمس وغربت".

 وقال في وصية أخري:"انطلقوا باسم الله وبالله، وعلى بركة رسول الله، لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ".

 وقال في وصية لخالد بن الوليد: "لا تقتل ذرية ولا عسيفا " ويقول: "ولا تقتلوا مدبرا"

 وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم:"لا تغلوا ولا تغدروا ولا تنفروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا ".

   ولقد سار خلفاء رسول ألله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السياسة التي رسمها في معاملته المدنيين وغيرا لمحاربين.

 فقد كتب أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد رضي الله عنهما:

 "أعلم أن عليك عيونا من الله ترعاك وتراك، فإذا لقيت العدو فاحرص على الموت توهب لك السلامة، ولا تغسل الشهداء من دمائهم فإن دم الشهيد يكون نورا له يوم القيامة".

 وقال في وصية أخري لأحد قواده: "إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعهم وما زعموا، وستجد قوما قد فحصوا أوساط رءوسهم من الشعر وتركوا منها أمثال العصائب فاضربوا ما فحصوا بالسيف.

  و إني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا نخلا، ولا تحرقنها ولا تخربن عامرا ولا تعقرن شاة ولا بقرة إلا لمأكله ولا تجبن ولا تغلل "([94]).

 ولعمر بن الخطاب رضي عنه وصية مماثلة  ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ووصايا خلفائه الراشدين رضي الله عنهم نستنبط قواعد معاملة المدنيين وغير المحاربين فيما يلي:

   ا- لا يباح قتل من لا يقاتل ومن لا يشترك في الحرب وقصرها على الميدان لا يتجاوزه ولا يعتدي على الحرية الدينية. 

   2. لا يحل قتل رجال الدين الذين ينقطعون للعبادة في أماكن عبادتهم أما الذين يشتركون في الحرب فيحل قتلهم.

  3  - منع قتل الصبيان والنساء والعجائز فقد بلغ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن جنده قتلوا بعض الصبية فجمعهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخطبهم قائلا: "ما بال أقوام تجاوز بهم القتل حتى قتلوا الذرية.  لا تقتلوا الذرية.. ألا لا تقتلوا الذرية.. ألا لا تقتلوا الذرية". أما الشيوخ الذين يحاربون أو يساعدون المحاربين بآرائهم فيحل قتالهم.

 4- لا يجوز قتل العمال بشرط ألا يشتركوا في الحرب أو يخططوا لها، وأن ينحصر عملهم في أعمالهم.

  5- لا يباح التخريب إذا لم تكن هناك ضرورة حربية أما إذا كانت هناك ضرورة حربية كأن يتخذ العدو من البناء حصونا للاختباء فيها فيصح تخريبها.

  6  - لا يجوز تعذيب الجرحى أو قتلهم إذا كانوا لا يستطيعون القتال للدفاع عن أئفسهم ويجب مداواتهم حتى يبرأوا من جروحهم ثم يؤسروا.

  7- لا يجوز مقاتلة من يدع سلاحه أو يولي فرارا من المعركة. ([95]) .

 تلك هي تعاليم الإسلام في معاملة المدنيين وغير المحاربين.

 أما بالنسبة لعاملة الأسري فقد جعل الإسلام لهم حقوقا من حيث إطعامهم ورعايهم  قال تعالى:  (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ على حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً)([96]).

   فالإسلام يعاملهم معاملة إنسانية فهو يحتجزهم إلى أن تنتهي الحرب حتى لا يقاتلوا في صفوف الأعداء وبعدها إما أن يمن عليهم بالعفو أو يأخذ منهم الفدية.

فالإسلام يدعو إلى المحافظة على كرامة الإنسان وعدم أهانته أو إذلاله و إهدار آدميته سواء أكان هذا الإنسان مسلما أو غير مسلم، ولم يفرق الإسلام بين معاملة الناس في السلم أو في الحرب، ولذلك نجده رفيقا بالأسري، كريما في معاملتهم ..

  يقول رسول الله  (صلى الله عليه وعلى آله وسلم):  (استوصوا بالأسارى).

   ولقد حبب القرآن الكريم في الإنفاق على الأسير وتقديم الطعام والمساعدة له حتى أن المسلمين الأوائل كانوا يقدمون الأسرى على أنفسهم ويخصونهم بأجود ما يملكون من الطعام ويعاملونهم أحسن ما تكون المعاملة.

  ونهي الإسلام عن قتل الأسري أو الانتقام منهم أو تعذيبهم وإنما يحجزون حتى لا يقاتلوا المسلمين في صفوف المشركين وبعد أن تنتهي الحرب فلولي الأمر أن يتصرف فيهم بأحد أمرين:

أولهما: المن:-

 أي الصفح عن الأسير وفك أسره بلا مقابل إذا كان من المصلحة العامة ذلك أو كان لا يملك ما لا يفدي به نفسه، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من على أحد الأسري حينما وجد أن من مصلحة المسلمين ذلك.

  يقول أبو هريرة  رضي الله عنه: " أن خيلا للمسلمين أسرت ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة تجاه نجد وجاءوا به إلى المدينة فسأله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:  " ما عندك يا ثمامة ؟   فقال عندي يا محمد خير . ان تقتل تقتل ذا دم. وإن تنعم تنعم على شاكر. وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما تشاء، فتركه النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)  إلى الغد ثم أمر بإطلاق سراحه بغير فداء فخرج في طريقه إلى بلده ولكنه أتي نخلا قريبا من المدينة وقد أثر فيه هذا الصنيع فاغتسل ثم عاد إلى المسجد ودخله فوجد النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) في المسجد فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعاد إلى اليمامة وكان أهل مكة يشترون الحنطة من اليمامة فأقسم ألا تباع إليهم إلا بعد إذن رسول ألله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فكتب أهل مكة للنبي ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم )   يطلبون منه الموافقة على استمرار التجارة بينهم وبين أهل اليمامة فكتب الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)  إلى ثمامة بإباحة التجارة بينهما.

 كما من الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) على أهل مكة بعد أن فتحها الله على المسلمين وقال قولته المشهورة:

   "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم اذهبوا فأنت الطلقاء".

ثانيهما: الفداء:-

 ويكون الفداء بالرؤوس أي بمبادلة أسري المسلمين بأسري الأعداء أو أن يدفع الأسير فدية من مال حتى يخلي سبيله وقد جعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدية الأسري من المشركين في إحدى الغزوات أن يعلم الأسير عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة.ولم يفرض الإسلام استرقاق الأسري إلا معاملة بالمثل فإذا كان العدو يسترق أسري المسلمين جاز للمسلمين استرقاق أسراه فلم ينشئ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرق على حر أبدا ولكنه حرر ما كان عنده من رقيق في الجاهلية كما أعتق كل رقيق أهدي إليه. أما رق الحرب فهو معاملة بالمثل.

 فالقرآن لم يفرض الرق ولم ينه عنه ولكن ترك ذلك دون أمر وكذا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقر استرقاق الأسري وان كان لم يمنعه، ولذلك نجد أن الخلفاء الراشدين وبعض حكام المسلمين من بعدهم استرقوا الأسري وذلك من قبيل المعاملة بالمثل فإذا كان المشركون يسترقون أسري ألمسلمين أبيح للمسلمين استرقاق أسراهم معاملة بالمثل.كما سبق أن قلنا.

 ولا يجوز استرقاق أسري الأعداء إذا لم يسترقوا أسري المسلمين.

 هذا هو موقف الإسلام من الأسري يعاملهم معاملة إنسانية ورقيقة، لا يعذبهم ولايقتلهم ولا يسترقهم، ولكن يعفو عن الضعفاء وغير القادرين منهم، ويأخذ الفدية من القادرين([97]).

 

حقوق الإنسان في المجتمع المعاصر: 

 يحظي موضوع حقوق الإنسان في المجتمع المعاصر باهتمام كبير ومتزايد على مستوي لعالم بأسره بالعمل على توفير الضمانات التي تكفل حرية تمتع الإنسان بحقوقه وحرياته الأساسية وتوجه الدول اهتماماتها لتمكين ثقافة حقوق الإنسان وقضاياه المعاصرة، ومنع انتهاك تلك الحقوق. ولكن كما أوضحنا كان الإسلام سباقا في هذا المضمار ولم يصل المجتمع الإنساني حتى الآن إلى ما سبق الإسلام إليه وقرره وشرعه منذ خمسة  عشر قرنا مضت.

  وفي العصر الحاضر تعمل الدول الإسلامية على تفعيل هذه الحقوق ونشر المبادئ التي قررها الإسلام ليعلم الناس جميعا في كل أنحاء العالم فضل الإسلام على الإنسانية جمعاء.

 

 منظمة المؤتمر الإسلامي ولائحة حقوق الإنسان:

  أصدرت الدول أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي بيانا عن ميثاق حقوق الإنسان في الإسلام في 19/9/1981 جاء في ديباجته:-

 إن الإسلام شرع منذ أربعة عشر قرنا حقوق الإنسان في شمول وعمق، وأحاطها بضمانات كافية لحمايتها، وصاغ مجتمعا على أصول ومبادئ تمكن لهذه الحقوق وتدعمها،فحقوق الإنسان كما وردت في الشريعة الإسلامية مدونة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأنها لا تقبل حذفا، ولا تعديلا، ولا نسخا، ولا تعطيلا.

وإن إقرار هذه الحقوق هو المدخل الصحيح لإقامة مجتمع إسلامي حقيقي، مجتمع الناس جميعا على حد سواء، لا امتياز، ولا تمييز بين فرد وفرد على أساس من أصل، أو عنصر، أو جنس، أو لون، أو لغة، أو دين، المساواة فيه أساس التمتع بالحقوق والتكليف بالواجبات مساواة تنبع من وحدة الأصل الإنساني المشترك([98]).

 وفي هذا البيان تؤكد الدول الإسلامية جميعا أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي استنادا إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة أن الناس جميعا سواسية أمام الشريعة في القيمة الإنسانية المشركة باعتبارهم من أصل واحد، وفي المشاركة في الحياة العامة لا فرق بين رجل وامرأة، وفي التكافؤ في الحقوق والواجبات التي قررتها الشريعة للنساء والرجال عملا بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال) وقوله سبحانه وتعالى:  (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ([99]).

 وقوله تعالى:  (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أو أُنْثَي بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)([100]).

 

خطة مقترحة لتطبيق حقوق الإنسان في العالم المعاصر

  1 – نشر ثقافة وفلسفة حقوق الإنسان عالميا عن طريق تأليف الكتب ونشر المقالات والبحوث في الدوريات الأجنبية بمختلف اللغات.

  2-تدريس مادة حقوق الإنسان ضمن مناهج التعليم في المدارس والجامعات مع  دراسة مقارنة بالاعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية  المتعلقة بهذا الموضوع  لبيان سبق الإسلام في تقرير هذه الحقوق وتلك المبادئ.

  3-التركيز على حقوق المرأة حيث أن الفكر الغربي والفكر المعادي يتخذون منها رأس حربة لمهاجمة الإسلام.

  وقد قمنا بإعداد دراسة حول هذا الموضوع بعنوان:(المرأة في الإسلام – قضايا نسائية معاصرة وموقف الإسلام منها) ناقشنا فيه كثيرا من القضايا والأمور المستجدة ورددنا  على الشبهات المثارة حول حقوق المرأة ودورها في المجتمع وبينا أن حقوق المرأة في الإسلام تسبق كثيرا وتتفوق على ماخصتها به القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية([101]).

  4- العمل على أن تكون حقوق النساء على رأس قائمة الحقوق الواجب اقرارها وتنفيذها في المجتمعات الإسلامية وافساح المجال أمامها لتساهم مساهمة فعالة في بناء المجتمع.

  5-أن تتبني الدساتير في البلاد الإسلامية  حقوق الإنسان التي قررتها شريعة الإسلام استنادا على ما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

  6- ضرورة أن تتقيد القوانين واللوائح والنظم بتطبيق الشريعة الإسلامية نهجا ومنهاجا.

  7- أن تعقد ندوات ومحاضرات ومؤتمرات لنشر فكر وثقافة حقوق الإنسان على المستوي العام والشعبي، لأن كل طبقات الأمة في حاجة إلى معرفة هذه الحقوق، وعليهم يقع العبء الأكبر في ممارستها وتطبيقها.

  8- الرد على الشبهات التي تثار بين الحين والآخر حول الإسلام عموما  وحول حقوق الإنسان بصفة خاصة ,، ودحض الشبهات والأباطيل التي يروجها أعداء الإسلام وخصومه.

  9- انشاء مؤسسة أو منظمة أو هيئة  لها الشخصية الاعتبارية المستقلة داخل كل دولة لاتتبع أي جهة تنفيذية أو تشريعية ويعين أعضاؤها بالانتخاب العام من الشعب  ويكون لهؤلاء الاعضاء حصانة فلا يعزلون ولايتعرضون لأي مضايقات ولا يجوز لأي أحد مهما كان موضعه أو منصبه في الدولة أن يتدخل في أعمالها

  وتكون مهمة هذه الهيئة مراقبة تنفيذ حقوق الإنسان ورصد أي مخالفات أو انتهاكات لها سواء من جهة الحكومة أو الأفراد أو أي جهة داخل الدولة وترفع تقارير دورية في هذا الشأن إلى رئيس الدولة للعمل على ملافاتها ويحق لهذه الهيئة ولرئيس الدولة رفع أي مخالفات أو انتهاكات إلى القضاء إذا كانت تمثل جريمة أو يستحق مرتكبها العقاب.

  10- انشاء هيئة مماثلة في منظمة المؤتمر الإسلامي لمراقبة تطبيق حقوق الإنسان في الدول الأعضاء ويمثل كل دولة عضو في هذه الهيئة يختار من بين أعضاء  الهيئة في تلك الدولة  وتقوم  هذه الهيئة برصد أي مخالفات أو انتهاكات لتلك الحقوق وترسل لرئيس كل دولة ما يخصها من هذه التقارير للعمل على  تلافيها.

 وتعد الهيئة  تقريرا موحدا عن جميع الدول الأعضاء يعرض على الملوك والرؤساء في اجتماعاتهم الدورية لاتخاذ مايرونه بشأنها.

 

 



[1]-النساء/ 1.
[2]- النساء/ 29 - 30.
[3]- المائدة/ 13.
[4]-  المائدة / 32.
[5]- النساء/ 29.
[6]- البقرة/ 195.
[7]- النساء/ 29.
[8]- رواه احمد وأبو داود والدار قطني.
[9]- البقرة/ 194.
[10]- الشورى/ 40 - 41.
[11]- الشورى/ 40.
[12]- رواه النسائي.
[13]- الإسلام شريعة الحياة ــ للباحث ص43/48 ط 2 دار اللواء بالرياض 1401هـ 1981 م.
[14]- رواه وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه. وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
[15]- البقرة/ 179.
[16]- المائدة/ 45.
[17]- البقرة/ 178.
[18]- المائدة/ 45.
[19]- المائدة/ 32.
[20]- رواه البخاري.
[21]- رواه البخاري.
[22]- رواه مسلم.
[23]- رواه أبو داود والحاكم والبيهقي.
[24]- رواه أبوة داود وابن ماجة وغيرهما.
[25]- البقرة/ 193.
[26]- الأنفال/ 67.
[27]- آل عمران/ 104.
[28]- الغاشية/ 17 - 20.
[29]- يس/ 36 - 40.
[30]- الإسلام شريعة الحياة للباحث – مرجع سابق ص 70/ 71.
[31]- البقرة/ 256.
[32]- يونس/ 99.
[33]- الممتحنة/ 8 - 9.
[34]- النحل/ 125.
[35]- العنكبوت/ 46.
[36]- البقرة/ 111.
[37]- الأنعام/ 148.
[38]- الاحقاف/ 4.
[39]- (40) أشار إليه إبراهيم محمد إسماعيل – الإسلام والمذاهب الاقتصادية المعاصرة.
[40]- من خطبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع.
[41]- حقوق الإنسان في الإسلام.د.وافي.
[42]- النحل/ 97.
[43]- الحجرات/ 13.
[44]- النور/ 4.
[45]- حقوق الإنسان في الإسلام. د . على الواحد وافي.
[46]- الإسلام شريعة الحياة للباحث – مرجع ما سابق ص 49/ 56.
[47]- الحجرات/ 13.
[48]- النور/ 2.
[49]- رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي.
[50]- رواه النسائي.
[51]- البقرة/ 188.
[52]- المائدة/ 38.
[53]- الماعون/ 1 - 3.
[54]- البقرة/ 177.
[55]- الحجرات/ 10.
[56]- آل عمران/ 103.
[57]- اشتراكية الإسلام. د. السباعي.
[58]- الممتحنة/ .
[59]- آل عمران/ 195.
[60]- النحل/ 97.
[61]- النساء/ 124.
[62]- الحجرات/ 13.
[63]- البقرة/ 187.
[64]- البقرة  228.
[65]- راجع تفاصيل لهذا الموضوع فيما يأتي بمشيئة الله تعالى.
[66]- ليس ذلك على إطلاقه بالنسبة للزوج يكلف بالإنفاق على زوجته دون النظر إلى ما لها أما إذا كان مال أنفق عليها والدها من مالها إذا تطوع هو بالإنفاق عليها من ماله  الخاص دون النظر إلى مالها .
يقول الخصاف: (قلت: أرأيت الصبي إذا كان له مال بأن ماتت أمه فورث مالا  أو بسبب آخر  هل تكون نفقته  الولد على والده ؟ قال  لا ولكن ينفق عليه من ماله ... فرق بين نفقة  الولد وبين نفقة الزوجات:فإن  المرأة وإن كانت غنية فإن نفقتها تكون على الزوج، والفرق أن نفقة الزوجة إنما تجب بإزاء التمكين من الاستماع فكانت شبيهة البدل والبدل يجب وإن كان غنيا، فأما نفقة الولد فإنها لا تجب إزاء التمكين من الانتفاع  وإنما تجب لأجل الحاجة، فلا تجب الحاجة كنفقة المحارم  ولو كان للصغير عقار وعروض وما أشبه ذلك كان  للأب أن يبيع  ذلك في نفقته وينفق عليه من ذلك المال وكذا إذا كان له  خفاف  وأردية وثياب واحتيج إلى ذلك للنفقة كان الأب أن يبيع  ذلك كله  وينفق عليه  لأنه  إذا كان غنيا  كان نفقته عليه  في ماله  هذا  إذا  كان للصبي مال  وإن  لم يكن له  له مال  فالنفقة على والده ولا يشاركه أحد في النفقة  على ولده الصغير  لأنه  إنما  يستحق النفقة  على الأب  لكونه منه  وانتسابه إليه، ولا يشاركه غيرة في هذا المعني  فلا  يشاركه أحد  في النفقة  عليه (راجع كتاب  النفقات) للإمام  المجتهد أبي  بكر  أحمد  عمرو  بن مهير  الخصاف الشيباني  يشرح  الصدر  الشهيد شمس الأئمة حسام  الدين أبي محمد عمر بن برهان الأئمة تحقيق الشيخ أبو الوفا  الأفغاني  رحمه الله نشر الدار السلفية – بومباي – الهند.
[67]- الإنسان  ذلك المجهول – الكسيس كارليل ص 11 – طبعة مكتبة المعارف ببيروت – الطبعة الثالثة عام 1984.
[68]- النحل/ 58 - 59.
[69]- آل عمران/ 195.
[70]- النساء/ 7.
[71]- النساء/ 32.
[72]- الحجرات/ 13.
[73]- حول الإعجاز العلمي في هذا الحديث  وما  لأم من فضل على ابنها  وهو لا يزال جنينا  راجع (دارون بين إنسانية  الحيوان وحيوانية  الإنسان) د. أمينة خفاجي ص 13/15 , وأصل الإنسان وسقوط نظرية دارون للمؤلفة ص 0 18 - 184. وتعليقنا على الكتاب مجلة منبر الإسلام العدد السادس - جمادي الآخرة 1426 هـ تحت عنوان الإعجاز العلمي. في القرءان الكريم تحت عنوان الإعجاز العلمي في القرآن.
[74]- الاحقاف/ 15.
[75]- كلمة المسلم تنصرف إلى الذكر والأنثى.... وهذا الحديث  رواه البيهقي في شعب الإيمان  وقال  هذا حديث متنه مشهور.... وله روايات كثيرة.
وقد جمع السيوطي رحمه الله هذه الطرق حتى أوصلها إلى الخمسين وحكم من أجلها على الحديث بالصحة وحكي  العراقي صحته عن بعض الأئمة. وحسنه غير ما واحد وقال السيوطي في تخريجه:
رواه ابن عدي في الكامل  والبيهقي في شعب الإيمان عن  والطبراني في الصغير والخطيب في التاريخ عن الحسن بن على والطبراني في الأوسط عن ابن عباس  وتمام عن بن عمر.
هـ الطبراني في الكبير عن ابن مسعود والخطيب عن على 0 والطبراني في الأوسط والبيهقي عن أبي سعيد  قال السيوطي (حديث صحيح) راجع الجامع الصغير للسيوطي جـ2صـ 54.
[76]- وهذا هو مذهب  أبي حنيفة والشافعي وقول لأ حمد أما مالك  وظاهر مذهب أحمد فيذهبان إلى أن كل شيء فيها عورة حتى ظفرها... وعلى هذا يجب عندهم ستر وجهها ويدها (راجع حجاب المرأة ولباسها في الصلاة لشيخ الإسلام ابن تيمية.
[77]- حقوق الإنسان في الإسلام. للدكتور على عبد الواحد وافي.
[78]- النساء/ 32.
[79]- النساء/ 4.
[80]- شهادتها على الدين الواردة بأية الدين بسورة البقرة.
[81]- أي أقاربها الذكور.
[82]- النساء/ 32.
[83]- المختار للفتوى ج 3 ص 90 - 92.
[84]- البقرة/ 233.
[85]- البقرة/ 228.
[86]- جوانب تفصيلية للمرأة في الشريعة الإسلامية – د. محمد محروس المدرسي الأعظمي – مجلة الأحمدية العدد 16 – المحرم 1425 هـ.ص143 /162 , وقد استفدنا منه فيما ذكر عالية.
[87]- المرأة في الإسلام – قضايا نسائية معاصرة وموقف الإسلام منها للباحث ص 149 ,153 وما  بعدها – القاهرة 2006.
[88]- المائدة/ 54.
[89]- الكهف/ 29.
[90]- الحجرات/ 13.
[91]- الممحنة/ 8.
[92]- المائدة/ 5.
[93]- آل عمران/ 64.
[94]- رواه الإمام أحمد.
[95]- كتاب الجهاد في الإسلام – دراسة مقارنة بأحكام القانون الدولي العام – للمؤلف ص 210/211 طبع دار اللواء والنشر والتوزيع – الرياض 1401 هـ- 1981م.
[96]- الإنسان/ 9.
[97]- الجهاد في الإسلام – دراسة مقارنة  بأحكام القانون الدولي العام للباحث ص 176/179- ط  دار اللواء بالرياض 1401هـ 1981م.
[98]- راجع البيان الصادر عن منظمة المؤتمر الإسلامي عن (ميثاق حقوق الإنسان في الإسلام   رقم 15/ 4 / 84/ pol   الصادر بتاريخ 19 / 9 /1981.
[99]- التوبة/ 71.
[100]- آل عمران 195.
[101]- المرأة في الإسلام – قضايا نسائية معاصرة وموقف  الاسلام منها  -  للباحث -مرجع سابق

ليست هناك تعليقات: