الثلاثاء، 22 أبريل 2008

لاخلاف بين السنة والشيعة في اصول الاسلام - وحقيقة مصحف فاطمة عليها السلام


المستشار توفيق علي وهبة في حواره مع «العرب»
لا خلاف بين الشيعة والسنة في أصول الإسلام

محمود فرج


تروّج بعض الروايات بين المفكرين والعامة من أهل السنة ومن الشيعة عن وجود مصحف لدى الشيعة يسمى مصحف فاطمة، ويفهم البعض من هذه الروايات أن هذا المصحف قرآن نزل به الوحي على فاطمة عليها السلام بعد انقطاع الوحي، وأنه «أي المصحف» أكثر من ثلاثة أضعاف القرآن الكريم. حول هذا الموضوع كان لـ «العرب» هذا الحوار مع المستشار توفيق علي وهبة رئيس المركز العربي للدراسات والبحوث، والذي عاد مؤخراً من ايران بعد أن شارك في مؤتمر التقريب بين المذاهب فسألناه:*
ما هي حقيقة مصحف فاطمة؟

- الروايات التي ذكرت مصحف فاطمة لم تذكر أنه قرآن، وإنما وَهِمَ البعض ذلك، أو فهم من تلك الروايات على غير الحقيقة، فروّج لهذه الفرية التي لم يقصد منها إلا تشكيك المسلمين في قرآنهم وهو مصدر الدين الأول ومن ثم هدم الاسلام نفسه.ويضيف المستشار توفيق: وهناك روايات مختلفة في شأن هذا المصحف منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدث ابنته فاطمة عليها السلام ببعض الاحاديث وكانت ترويها للإمام علي كرم الله وجهه، وكان يكتب بها ذلك على أطراف المصحف فسمّي بمصحف فاطمة.. والرواية الثانية أن السيدة فاطمة عليها السلام كانت تدوّن ملاحظات وتفسيرات على حواشي المصحف، ولذلك سمّي مصحف فاطمة ولعل هذه الرواية هي الأقرب الى الصحة.*

ما هو رأي أئمة آل البيت في هذا المصحف؟

- سئل الامام جعفر الصادق عن الجفر ومصحف فاطمة، فقال: «هو والله مسك ماعز ومسك ضأن ينطبق أحدهما على الآخر» أي أنه جلد ماعز وجلد ضأن ينطبقان كالحقيبة لحفظ الأغراض والأشياء، وقال رضي الله عنه: «فيه سلاح رسول الله والكتب ومصحف فاطمة أما والله ما أزعم أنه قرآن». «إنه جلد ثور مدبوغ الجراب فيه كتب وعلم ويحتاج إليه الناس الى يوم القيامة من حلال وحرام، إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بخط علي عليه السلام، وفيه مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن وإن عندي لخاتم رسول الله ودرعه وسيفه ولواؤه».ويوضح المستشار توفيق وهبة: من مجموع هذه الروايات نتبين ان هذا المصحف ليس قرآنا، ولا يوجد بين علماء الشيعة الكبار من يرى أنه قرآن بل هي صحائف كتب فيها بعض الأقوال، فهي ليست قرآنا ولكن الالتباس جاء من تسميته مصحفا، وعلى كل حال لا وجود لهذا المصحف وكل ما هو موجود فهي الروايات.*
ما هو المصحف؟-

- كلمة مصحف مأخوذة من الصحف والصفحات، فكل كتاب له أوراق وصفحات يسمّى مصحفا، وعلى هذا الأساس يطلق على القرآن الكريم «مصحف»، قال الفيروزابادي: المصحف – مثله الميم – من أصحف بالضم أي جعلت فيه الصحف، ويسمّى المصحف مصحفا لأنه من أصحف أي جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين، وقال أبو هلال العسكري في الفروق اللغوية: الفرق بين الكتاب والمصحف أن الكتاب يكون ورقة واحدة ويكون جملة أوراق، والمصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صفحت أي جمعت بعضها الى بعض. فالمصحف ليس اسما مختصا في القرآن، ولكن لما أطلق عليه بعد جمعه أول مرة وصار الناس يجعلون الكلمة دالة على القرآن الكريم.ويضيف المستشار توفيق: روى السيوطي في الاتفاق في علوم القرآن قال: «لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: التمسوا له اسما، فقال بعضهم: السفر، وقال بعضهم: المصحف، فإن الحبشة يسمونه مصحفا، وقال: وكان أبو بكر رضي الله عنه أول من جمع كتاب الله وسمّاه المصحف.*

ما رأي علماء الشيعة في مصحف فاطمة؟

- أكّدت كل المراجع الشيعية المعتبرة، أن مصحف فاطمة ليس بقرآن مقابل القرآن الكريم الذي نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الاشتباه عند البعض جاء من تسميته مصحفا باعتبار أن هذا الاسم ينصرف الى القرآن الكريم لاختصاصه به.يقول الباقلاني في كتابه الانصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به: يجب أن يعلم أن كلام الله تعالى مكتوب في المصاحف على الحقيقة، كما قال تعالى: «إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون» وهو في مصاحفنا مكتوب على الوجه الذي هومكتوب في اللوح المحفوظ، كما قال تعالى: «بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ» ولكن نحن نعلم وكل عاقل يعلم ان كلام الله الذي هو مكتوب في اللوح المحفوظ هو القرآن الكريم المكتوب في مصاحفنا، وكذلك القرآن محفوظ بالقلوب على الحقيقة كما قال تعالى: «بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم».ويؤكد المستشار توفيق أن القرآن محفوظ بحفظ الله له، فلا يجوز تحريفه ولا تغييره ولا زيادته ولا نقصانه، وأي قول خلاف ذلك فهو ردّ ولا صحة له. يقول المولى سبحانه وتعالى: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون».*

هل هناك مصحف محرّف لدى الشيعة أضافوا إليه سورتين؟

- تروّج أقاويل بأن الشيعة لديهم مصحف به 116 سورة بينما المصحف الامام «العثماني» لدى باقي المسلمين به 114 سورة فقط.. وهذه ترّهات وأباطيل لا أساس لها من الصحة، فقد بحثت في المصاحف المطبوعة في ايران سواء في مطابع القرآن الكريم الحكومية أو المطابع الخاصة أو ما يباع في المكتبات، فلم أجد شيئا من ذلك، وتحاورت مع الكثيرين من العلماء والفقهاء في الحوزات العلمية ومراكز البحوث والجامعات، وكان الإجماع منعقدا على عدم صحة مثل هذه الأباطيل، وأن المصحف في إيران مثله مثل مصاحف العالم الاسلامي لايزيد ولا ينقص فهو المصحف الامام الذي يتداوله المسلمون في العالم أجمع، وأنه هو كما هو محفوظ في الصدور، وقرّاء مصر يقرأونه في جميع أنحاء العالم في شهر رمضان من كل عام، وقراءات الشيخ عبد الباسط والشيخ مصطفى اسماعيل التي قرأوها في ايران تذاع دائما في الاذاعة والتلفاز.
ويؤكد المستشار توفيق: قرآننا واحد وإلهنا واحد ونبينا واحد وأصولنا واحدة، وكل ما يقال خلاف ذلك فهو مردود.. ولكن يبدو أن كتابات بعض المتعصبين من متأخري الشيعة ذكرت ذلك، ولكن لايلقي أحد إليها بالا، وقد رد عليهم علماء الشيعة وعلماء السنة وأبطلوا ادعاءاتهم ولم يؤثر عن أحد من أئمة اهل البيت رضوان الله عليهم أن قال بذلك وإنّ ما ينسب الى بعض اهل العلم من الشيعة مردود مدسوس لان الكل يعلم أن كتاب الله سبحانه وتعالى محفوظ لا يعتريه نقص ولا زيادة.
وفي النهاية يؤكد المستشار توفيق على ضرورة تنقية مثل هذه الكتب واستبعاد ما يخالف الكتاب والسنة من جانب العلماء وأهل الفكر والسنة والشيعة. ويشير المستشار توفيق الى أنه والدكتور أحمد عبد الرحيم السايح بدآ مشروعا لتنقية كتب التراث صدر منها أكثر من خمسين كتابا حتى الآن وجاري العمل في عدد آخر ندعو الله ان يعيننا على انجازه.
___________________________
* المصدر : جريدة العرب الدولية في 21 / 4 / 2008

ليست هناك تعليقات: