الثلاثاء، 28 أبريل 2015

المستشار توفيق وهبة يكتب:الجهاد في سبيل الله

28 أبريل,2015 ، آخر تحديث 11:19 ص - أخبار حصري
توفيق وهبة
 يثور هذه الأيام لغط شديد ودعاوي منكرة يطلقها الجماعات الارهابية التي تقتل وتخرب وتدمر وتدعي أنها تجاهد في سبيل الله ..كبرت كلمة تخرج من أفواههم ان يقولون الا كذبا , الاسلام دين سلام ومحبة لادين عنف وسفك الدماء .
 بل والأكثر قبحا وجرما أنهم يضللون الفتيات والنساء ويدعونهن بتقديم أنفسهن لهؤلاء المجرمين بدعوي نكلح الجها د, وهي دعوي منكرة انخدعت بها بعض النسوة والفتيات وسافرن الي هؤلاء الضالين المضلين وسلمت كل منهن نفسها لكل من يريد أن يطأها من هؤلاء المجرمين , وقد ذكرت فتاة من تونس أنها كان يعاشرها عشرة من هؤلاء الأباش ,  وقد حملت منهم ,  ثم هربت عائدة الي بلادها وهي لا تدري ابن من في أحشائها
 وامرأة هربت من أهلها في أوروبا لتجاهد بعرضها مع هؤلاء الأوغاد , وبعد أن ذاقت الأمرين وأرادت العودة الي بلادها, ضيقوا عليها حتي لا تهرب منهم , وأصبحت كالفأر في المصيدة ..وبعد مدة استطاعت الفرار من أيديهم وبعد أن وصلت الي بلادها ذكرت أنه عاشرها مائة محارب من هؤلاء الأنجاس منعدمي الدين والضمير والانسانية ..
 ونقول لهؤلاء المجرمين ان الجهاد في سبيل الله ليس بين المسلمين بعضهم بعضا ,  ولكن بين المسلمين وأعداء الاسلام في حرب مشروعة للدفاع عن دين الله  , وقد سمي الله سبحانه وتعالي الحرب بين المسلمين قتالا وليست جهادا . قال تعالي : ( وان فئتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت احداهما علي الأخري فلقاتلوا التي تبغي حتي تفيء الي أمر الله فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا ان الله يحب المقسطين  ) ” سورة الحجرات – آية 9 “,
   وقد كتبنا عدة مقالات عن الارهاب ليس من الاسلام , وأن داعش جماعة ارهابية خارجة عن الدين , وكذا بطلان نكاح الجهاد وغيرها مما يرتبط بهذه الموضوعات قاصدا تقديم النصيحة لهم ولأمثالهم عملا بهدي الاسلام الحنيف .عسي أن يتوبوا ويرجعوا عما هم فيه من ضلال فيتوب الله عليهم واستنادا الي حديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم :(لأن يهدي بك الله رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها )..
      واليوم أردنا أن نقدم لهؤلاء الارهابيين ,  القتلة , والمكفرين عملا أكاديميا موثقا عن الجهاد في الاسلام كتبه أحد كبار العلماء المتخصصين عسي الله أن يهدي هذه الجماعات الضالة وتفيء الي أمر الله
      الأستاذ الدكتور أحمد محمد كريمة عالم جليل وفقيه متمكن ، وداعية معروف ومشهور وله كتبه ودراساته وأبحاثه الجامعية وغير الجامعية .ولقد تعرفت عليه من كتبه العديدة التي تباع بأسعار زهيدة  رغم ضخامة حجمها، ويبدو أنه يساهم من ماله في خفض أسعارها لتكون في متناول الجميع فجزاه الله خير الجزاء.. والمؤلف أستاذ الشريعة والفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف  وعضو باللجان الفنية بمجمع البحوث الإسلامية .
ومن أهم مؤلفاته:
-فقه الجنائز
-حرية فقط أم حرية وكفر
- الجهاد في الإسلام
- معالم الشريعة الإسلامية
- وسائل الدفاع الشرعي ومقاصده
- قضية التكفير في الفقه الإسلامي 
- الزواج في الشريعة الإسلامية
- الإعتداءات الأثيمة على السنة القويمة
وغير ذلك الكثير ..وقد اطلعت على الكتب الأربعة الأولى وهي التي تيسر لي الحصول عليها.
أما كتاب الجهاد الذي نعرض له فهو دراسة فقهية مقارنة وموثقة تقع في حوالي ستمائة صفحة شملت جميع أبواب الجهاد. يقول المؤلف :-
ولقد استقيت المادة العلمية من المصادر التراثية المعتمدة والمعاصرة وقد التزمت منهج الفقه الإسلامي المقارن حيث تناولت ما اختلف فيه من المسائل الفقهية من وجهة نظر المذاهب الفقهية المشهورة وأئمة العلم وفق منهج الفقه المقارن” .
والمؤلف يعرض الآراء المختلفة في كل موضوع من موضوعات الكتاب ثم يناقش كل منها مناقشة مستفيضة ليخرج بالرأي الذي يرجحه مؤيداً ذلك بالأدلة .
وفي التمهيد يتناول المؤلف المفاهيم المغلوطة عن الجهاد فيقول: “ومن المفاهيم المغلوطة ضيق النظرة وسوء الفكرة  بالجهاد في الإسلام . فمن القوم من يزعمون أن الجهاد حروب دائمة إلى يوم الدين ، ومنهم من يتوهم أن بعض التصرفات الفردية في كل زمان ومكان  يسأل عنها الإسلام ويحاسب . وهكذا التقت النوايا السيئة والحسنة معا على أغاليط فادحة في شعيرة من شعائر الدين الحق بريئة من تقولات  واهية  وتخرصات طائشة . ثم يشرح بالتفصيل المفاهيم المغلوطة عن الجهاد . والفرق بين الجهاد والإرهاب .
وعن فرية انتشار الاسلام بحد السيف يقول المؤلف :
يحلو للبعض اتهام الإسلام بانتشاره بالسيف ويستدلون بما يسمى بآية السيف في سورة التوبة على حض الإسلام أهله على قتال غير المسلمين بمبررات ودون مبررات . وهذا اتهام تعوزه الحجة ويهدمه عدم وجود البرهان .لأن اجتزاء بعض أي القرآن الكريم  والاستشهاد بأجزاء منها المنسوخ والمعلول ومنها ما هو واقعة عين لا تتعدى إلى غيرها . وبأقوال مرسلة لبعض أهل العلم أوبعض المنسوبين للإسلام أوالمحسوبين عليه . لا يدل بالضرورة على وجهة نظر الإسلام الصحيحة والأصيلة .
فالحرب في الإسلام لم تشرع إلا لضرورة ملجئة والضرورة تقدر بقدرها . وهي لها مفهومها وضوابطها وشروطها في المصنفات الفقهية ؛ وعلى هذا فالسلام هو الأصل . والحرب هي الإستثناء.
ومن الموضوعات المهمة بالكتاب موضوع معاملة أسرى الحرب وقد عالجها المؤلف بما يبين عدالة الإسلام ورحمته وحسن معاملته للأسرى ومن ذلك :
1-عدم جواز قتل الأسير من آحاد الناس.
2- تقديم الغذاء والكساء له .
3- عد م تعذيب الأسرى بأي نوع من أنواع التعذيب .
4- جعلهم في مكان آمن.
5- جواز إعطائهم الأمان للمصلحة العامة .
6- مراعاة حريتهم الدينية .
7- احترام آدميتهم والإحسان إليهم .
وقد حكم القرآن على الأسرى بمعاملة غير مسبوقة فقرر إما المن أوالفداء . ولكن الفقهاء أضافوا الى ذلك الاسترقاق والقتل . وقد انتهى المؤلف الى أن عدم قتل الأسرى الحربيين هو أصل أصيل في التشريع الإسلامي . أما عن موضوع استرقاق الأسرى فقد  ذهب المؤلف إلى أن هذا الاسترقاق ليس واجبا بل مجرد الجواز من باب المعاملة بالمثل  والأخذ بالعرف السائد آنذاك ؛ وحيث أن العرف تبدل واتفق الناس في عصرنا على إلغاء الرق فإنه يتفق مع أصول الشريعة في هذا الباب من العلم وهو :
“تشوف الشارع إلى الحرية “.
وكنت أود أن يبسط الأستاذ الدكتور / أحمد كريمة القول في موضوع عدم قتل أواسترقاق الأسرى لأهمية هذا الموضوع في هذه الأيام . (فقد كنت كتبت رأيا يتمشى مع آراء الدكتور في كتابي (الجهاد في الإسلام – دراسة مقارنة بأحكام القانون الدولي العام – ط 4 عام  1981) فذكرت أن الإسلام يحرم قتل الأسير إلا لمصلحة عامة ولا يجوز استرقاق أسرى الأعداء إذا لم يسترقوا أسرى المسلمين ص 115/116 . فتصدى أحد الباحثين في رسالة دكتوراه عن الجهاد لهذا الرأي وقال أن ما ذكره هذا الكاتب (توفيق علي وهبه ) وأمثاله يشتمل على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعلى الإسلام صـ 391/393 وهذا الطالب لم يخل كتابه في معظمه من السب والشتم والتجريح لكل من يختلف معه في الرأي وما قاله عني هو أقل ما قيل عن غيري من سباب وشتائم وتجريح .فقد هاجم كثيرا من كبار العلماء والفقهاء المعاصرين , وانتقد رأي شيخنا العلامة محمد أبو زهرة والاستاذ عباس العقاد لرأيهما أن الاسلام لم ينتشر بحد السيف , فقال أما عباس العقاد ومحمد أبو زهرة فليسا بشيء
        وانا لم ألم هذا الطالب وقت أن  كتب هذا الكلام لأنه في طور الإعداد وفي بداية مشواره العلمي ولكن اللوم يقع على المشرف على رسالته والذين أجازوها ولم يطلبوا منع التأدب بأدب الإسلام ويعلموه كيفية الحوار مع الغير . ولم يطلبوا منه استبعاد ألفاظ السب والتجريح التي يكاد لا يخلومنها صفحة من الكتاب وأن يرد ردا علميا على الآراء الأخرى دون تجريح لأشخاص العلماء والمفكرين وخاصة أن بينهم من هم في حكم أساتذة أساتذته . وقد نوقشت رسالته (أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية بجامعة أم القرى – فرع العقيدة في 28/5/1404هـ)
       إن هذا الطالب وأمثاله هم الذين  يسيئون إلى الإسلام ويضرون الدعوة أكثر مما ينفعون وهم الذين فتحوا الباب للتطرف والإرهاب .
وحيث ان الأستاذ الدكتور أحمد كريمه عالم فاضل وفقيه كبير فآمل أن يكتب لنا رأيا مؤصلا تأصيلا علميا مدعما بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة  في موضوع استرقاق الأسرى وقتلهم وهو أهل لذلك .
وفي الختام أنبه إلى وجود بعض الأخطاء المطبيعة في بعض كتب أستاذنا الدكتور أحمد كريمة وهي لا يخلو منها كتاب . وأرجو من فضيلته تصحيحها في الطبعات القادمة وخاصة كتابه (معالم الشريعة الإسلامية ) فالأخطاء المطبيعة فيه كثيرة .
إنني أدعو إلى قراءة هذا الكتاب المهم( الجهاد في الاسلام )  الذي جاء في وقت نحن أحوج ما نكون إليه . وكذا قراءة كافة مؤلفات هذا العالم الجليل التي تسد فراغا كبيرا في المكتبة الإسلامية
وأنا في انتظار ما سيخصنا به في موضوع عدم جواز قتل أواسترقاق أسرى الحرب في الإسلام .
والله الموفق والهادي الى سواء السبيل
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات: