الثلاثاء، 22 يوليو 2014





مشاركتي في التجمع الدولي  الثاني لعاماء السنة والشيعة في العالم  :
==================================
تجسيد الوحدة في العالم الإسلامي علي الواقع
وذلك عبر التعاون في المجال
العلمي - الثقافي - السياسي - الاقتصادي
ودور هذه المجالات في دعم التضامن الإسلامي
إعداد
المستشار توفيق علي وهبة

المسلمون أمة واحدة ، هكذا أراد الله سبحانه وتعالي لها أن تكون مصداقا لقوله تعالي ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبد ون ) (1) وقوله جل وعز ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون )(2)
ويعرف البعض الوحدة الإسلامية بقوله : إن الوحدة هي التفرد ، وإذا أضفنا التفرد إلي الأمة أصبح المعني تفرد الأمة الإسلامية عن بقية الأمم وتميزها بمميزات وخصائص تجعلها متجانسة ومتحدة وكأنها رجل واحد ، وتوحيدها يعني جمع آحادها ، وجعلهم جماعة واحدة لا تنقصم ، ويعبر عن هذه الوحدة في كتب السنة والفقه والأصول بالجماعة أو بجماعة المسلمين (3) .
ومنذ بدء الرسالة ودعوة النبي صلي الله عليه وآله وسلم إلي الإسلام والمسلمون يشكلون وحدة واحدة ، وأمة واحدة واستمرت هذه الأمة الواحدة بعد انتشار الإسلام خارج جزيرة العرب خلال حكم الخلفاء الراشدين ، بعد فتح الشام والعراق ومصر وفارس ، ودخول غير العرب في دين الله أفواجا ، فرغم تعدد الدول الإمارات التي دخلها الإسلام إلا أنها جميعا كانت تحت قيادة الحكومة المركزية في المدينة المنورة ، وهذه الحكومة المتمثلة في الخليفة هي التي تعين حكام تلك البلاد ومساعديهم وكانوا جميعا مرتبطين بدولة الخلافة في المدينة المنورة ونود أن نشير إلي أن الفتنة التي قامت في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لم تمنع استمرار الوحدة الإسلامية ، وإن كانت علي دخن لأنها حملت في نفسها عوامل التفكك والاختراق ، وإن لم تظهر تلك العوامل إلا بعد أمد غير قصير ، لأن هذه العوامل كانت كالجراثيم المرضية ، لا تظهر آثارها ما دام الجسم قويا ، فإن عرضت له عوارض الضعف ظهرت الجراثيم فتاكة (4)
وفي خلال فترة الخلافة الأموية والعباسية وازدياد حركة الفتح وانتشار الإسلام في آسيا وأوروبا ,إفريقيا اندمجت البلاد المفتوحة ضمن الدولة الإسلامية الواحدة تحت قيادة حاكم واحد تطبق كلها كتاب الله وسنه رسول الله صلي الله عليه وسلم.
وهكذا يتبين لنا أن الوحدة الإسلامية بدأت في عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ، ثم اقترن وجودها بوجود الخلافة النبوية في عهد الراشدين ، واستمرت كذلك لفترات طويلة .
يقول فضيلة أستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله :
سارت الوحدة في طريقها حتي تحت سلطان الحكام الظالمين ، وإذا كانت فتنة أحيانا ، و ظلم صارخ ، فإن الوحدة تعود قوية لحيوية الجماعة الإسلامية ، واعتبر ذلك بالفتنة التي نشأت في عهد العاصي الفاسق الظالم يزيد بن معاوية التي استبيحت فيها مدينة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ، استباحة جاهلية ونادي بنداء الجاهلية العاصي يزيد ، وقتل فيها أحد شباب أهل الجنة الحسين بن علي رضي الله عنه قتله عبد الله بن زياد وقد بكي الإمام الحسن البصري وقال رضي الله عنه : ماذا دهي هذه الأمة قتل ابن دعيها ابن نبيها )
وبعد هذه الفتنة ومثلها في عهد عبد الملك بن مروان ، وإن لم تكن لها مآثم في قوة مآثم الأولي ، عادة الوحدة قوية لقوة الحيوية في الأمة فلما ظهر الضعف ظهرت عوامل التفرقة
وبدأت بعض الأقاليم في الانفصال عن دولة الخلافة حتي كان عهد الخلافة العثمانية التي توسعت في الفتوحات ونشر الإسلام في بلاد جديدة داخل القارة الأوربية والأسيوية .
ولما دب الضعف في الدولة العثمانية بدأت بعض الدول تنفصل عنها حتي كانت الحرب العالمية الأولي فقامت الدول الأوربية بالقضاء علي الدولة العثمانية وقد وقسمت البلاد الإسلامية التي كانت تابعة للخلافة العثمانية بين بريطانيا وفرنسا وبسطت الدول لاستعمارية سلطانها ونفوذها علي كثير من بلاد المسلمين
واليوم قد توفرت علي الساحة الإسلامية ظروف جديدة هي مزيج من الوعي والتحدي والتجارب تنشر بعد إسلامي مشرق (5) فالشعوب الإسلامية الآن تشعر بضرورة التقارب والوحدة ونبذ التشرذم والتمزق الذي فرضه الاستعمار عليها ، وبث الوهن والضعف البلاد والتخلف في ربوع بلاد المسلمين فابتعدت البلاد الإسلامية عن بعضها البعض لسنوات طويلة ، وكما ظهرت دعوات أو تنادي المفكرون بالوحدة الإسلامية تدخلت دول الاستعمار لوأدها في مهدها والقضاء عليها يشتي السبل حتي تمنع قيام هذه الوحدة
فالولايات المتحدة الأمريكية الآن هي وريثة الدول الاستعمارية ، وهي صاحبة المصلحة في تشرذم وتمزق وتأخر المسلمين لتتمكن من السيطرة علي دولهم ومقدراتهم واستنزاف مواردهم لصالح صناعاتها وبقائهم سوقا رائحة لتجاريها ومنتجاتها
فالولايات المتحدة تهدف من وراء سيطرتها وتدخلها في الدول الإسلامية إلي تحقيق هدفين :
الأول : ضمان استمرار نهب بترول تلك البلاد لصالحها وصالح الدول الصناعية في الغرب
ثانيا : ضمان أمن وبقاء إسرائيل
وهذا ما أكده الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون في كتابه ( الفرصة السانحة ) الصادر عام 1992 والذي وضح فيه السياسة الأمريكية تجاه العالم الإسلامي حيث ذكر أنه بعد انهيار الإتحاد السوفيتي وسقوط الشيوعية لم يبق أمام أمريكا عدو إلا الإسلام وقال : أن هدف أمريكا من تواجد ها وسيطرتها علي الدول الإسلامية هو تأمين استمرار تدفق البترول وضمان أمن وبقاء إسرائيل ورغم عدم وجود اتفاقيات مشتركة بينهم وبين إسرائيل إلأ أن هذا التزام أخلاقي تلتزم به الولايا المتحدة الأمريكية ( 6 )
هذا التحدي الذي يواجه الأمة الإسلامية يفرض عليها أن توجد نفسها وتتكتل ضد هذه الأخطار المحدقة بها .
الوحدة في الكتاب والسنة
أولا الوحدة في القرآن الكريم :-
1- يقول المولي عز وجل :- ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) (7) .
2- ويقول سبحانه وتعالي ( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )(8)
3- ويقول جل وعلا : ( إنما المؤمنون أخوة )(9)
4- ويقول سبحانه ( وتعاونوا علي البر والتقوى ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان )(10)
5- ويقول جل جلاله ( كنتم خير أمة أخرجت للناس )(11)
ثانيا في السنة النبوية الشريفة :
1- ويقول صلي الله عليه وآله وسلم :- ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى )(12)
2- ويقول رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم : ( عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة )(13)
3- ويقول : ( الجماعة رحمة والفرقة عذاب )(14)
4- ويقول : ( من فارق الجماعة شبرا خلع ربقة الإسلام من عنقه )(15)
5- ويقول : ( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) (16 )
6- ويقول عليه وعلي آله الصلاة والسلام : ( يد الله مع الجماعة ) (17)

ما هي الوحدة المطلوبة الآن :
ليست الوحدة الإسلامية المطلوبة أن تتحد الدول جميعها في دولة واحدة لأن ذلك من الصعوبة بمكان حيث تتنوع الدول في عدة قارات ، ففي الماضي كانت نوجد حكومة مركزية ، ولكن كل إقليم كان له ذاتيته وحكومته ، ويتم التعاون بينهم جميعا وبين الحكومة المركزية في عاصمة الخلافة التي كانت تبعث لهم بالتعليمات والتوجيهات ، وتطمئن علي تطبيق أحكام الإسلام وحسن معاملة المواطنين ونشر العدل والأمان في ربوع الأقاليم التابعة لها .
وعلي هذا فلا يلزم أن تكون الوحدة الإسلامية دولة واحدة ، ولكن المطلوب أن يكون هناك تكامل وتعامل في شتي المجالات : العلمية والثقافية - والسياسية - والاقتصادية .
أولا : في المجال العلمي : -
كانت الدولة الإسلامية متقدمة في المجال العلمي في الطب والفلك والرياضيات والهندسة وغيرها . وقد نبغ العلماء المسلمون في كل نواحي الحياة فكانت الحضارة الإسلامية مزدهرة عالية الشأن وفي أوج عظمتها بينما كانت أوربا تتخبط في عصور الظلام والتخلف ، وقد نقلت أوربا علوم المسلمين ودرستها في جامعاتها وأضافت إليها ما استجد من اكتشافات فتقدمت ونهضت .
بينما وقف العلماء المسلمون عند اكتشافات أسلافهم ، واكتفوا بالنهل من الحضارة الغربية ما كنا أصلاء فيه ، فأصبحنا تابعين لغيرنا في المجال العلمي .
نحن في حاجة إلي نهضة وثورة علمية تعيد للمسلمين دورهم وريادتهم في العالم ، نأخذ ونعطي ، ونتفاعل مع الآخر نساهم في بناء الحضارة العالمية الحديثة .
إننا نريد أن نسابق التقدم العلمي والتكنولوجي في العالم ولا نتخلف عن الركب ،ولا يتم ذلك إلا بمتابعة الدراسات العلمية الحديثة في جميع أنحاء العالم وأخذ النافع منها ودراسته وتطويره ، فإن عقولنا لا تقل عن عقولهم ، ولكن قد يكون هناك قصور في الإنفاق المادي في هذا المجال . فها هم علماء المسلمين الذين هاجروا و إلي الدول الغربية وإلي الولايات المتحدة الأمريكية يساهمون في بناء الحضارة الحديثة جنبا إلي جنب مع علماء تلك الدول ، بل إن بعض العلماء المسلمين يقودون التقدم العلمي والتقني هناك في مختلف المجالات حينما سنحت لهم الفرصة بذلك
فمثلا أشهر أطباء العالم من المسلمين وأشهر علماء الفيزياء والكيمياء من المسلمين ، وقد حصل أحدهم علي جائزة نوبل في الفيزياء عن اكتشاف الفيمتو ثانية ، وهو مرشح هذا العال أيضا لنوبل أخري عن اكتشاف جديد وأشهر علماء الفضاء والأقمار الصناعية من المسلمين ... وغيرهم وغيرهم ..
والعالم الإسلامي لديه من الإمكانيات المادية ما تسمح له بتوفير متطلبات الأبحاث العلمية المتقدمة لكي تجذب هؤلاء العلماء ، وتفتح المجال أما النابغين في بلادنا حتي لا يهربوا إلي بلاد أخري
يجب أن نفتح المجال واسعا أمام علمائنا ، ونمنحهم الفرصة للنبوغ والتقدم
يمكننا أن نفعل الكثير لو خلصت النوايا .



وفي هذا المجال نقترح ما يلي :-
1- الاهتمام بالدراسات العلمية في مختلف المجالات وتسهيل التحاق النابغين من أبناء الأمة بهذه الدراسات .
2- توفير ما يحتاجه الدارسون من معامل وآلات وأدوات بحثية .
3- إقامة مراكز بحوث علمية متخصصة علي مستوي عال ، كل منها في مجال معين ، وحشد كل الإمكانيات التي تتطلبها الأبحاث
4- الاستفادة من التجارب السابقة في هذا المجال سواء في الدول الإسلامية أو في أي مكان في العالم .
5- توفير الإمكانيات المادية للتمويل المطلوب لهذه الدراسات والإنفاق علي هذه المراكز وغيرها من دور العلم ، وعلي العلماء بسخاء ، وتوفير الجو المناسب والملائم لبحوثهم وتوفير الحياة الكريمة لهم
فالإمكانيات البشرية موجودة ولله الحمد ، لكن ينقصهم التخطيط والتنسيق والتمويل فلدينا دول لديها الإمكانيات البشرية من علماء ودول لديها الإمكانيات المادية فالتكامل في هذا المجال يستطيع أن يدفع بالعالم الإسلامي إلي بناء نهضة علمية حديثة ومتقدمة ويصبح في مقدمة العالم كما كان من قبل

ثانيا : المجال الثقافي :
تساهم المداخل الثقافية مساهمة فعالة في وحدة الأمة ، فقد تهزم الأمة عسكريا ، وقد تضعف اقتصاديا وسياسيا ، ولكنها ثقافيا وأدبيا تبقي صامدة منتجة مبدعة في الشعر وفنون الأدب والفنون التشكيلية وعلوم الفقه والقرآن والحديث والعلوم الطبيعة وغيرها .
وأهم مجالات الجانب الثقافي : اللغة والدين والعادات والتقاليد والقيم والأخلاق والفنون والأحكام القانونية
فالجانب الثقافي هو الذي يشكل وجدان الشعوب وأفكارها ، وهو أهم مجالات التفرد والتميز لدي الشعوب (18)
ويعمل الاستعمار العالمي المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية علي تفتيت العالم الإسلامي إلي دويلات عرقية من : عرب وبربر وأكراد وتركمان وزنوج ،أو طائفية مثل سنة وشيعة وإسلامية وقبطية ، وغير ذلك وتعمل علي بث الفرقة والخلافات بينهم . ولكن هناك مدخل هام لا يمكن للأعداء الولوج منه ، وهو ثقافة الأمة ، فالأمة لها ثقافة ممتدة عبر التاريخ تمد الأمة بعناصر قوتها
فالمقومات الثقافية الواحدة تحافظ علي وحدة الأمة ضد مخاطر التجزئة والتفتيت ، ومن هذه الثقافة وجود فرق ومذاهب إسلامية ، ووجود علماء وحكماء وفقهاء حفظوا لنا ثقافة وفكر وأدب هذه الأمة .
فالفرق الإسلامية منتشرة في كل مكان من بلاد الإسلام وكذا المذاهب الفقهية فالمذاهب المالكي في المغرب العربي ، والشافعي في مصر ، والحنفي في العراق والشام وتركيا وأواسط أسيا ، والحنبلي في شبه الجزيرة العربية في الصيغة الوهابية وفي السودان مع المهدية ، والجعفري في إيران والزيدي في اليمن والإباضي في عمان ... وهكذا .
وحكماء الإسلام عرب وعجم : الكندي عربي ، والفارابي تركي ، وابن سينا والرازي من فارس ، والقول المشهور يشهد لفارس بالسبق العلمي ( لو كان العلم في الثريا لناله رجال من فارس ) والتصوف والطرق الصوفية وحدت الأمة بين مصر والمغرب مثل أبي الحسن الشاذلي وأبي العباس المرسي والسيد البدوي ، وبين مصر والشام مثل عبد الغني النابلسي ، وبين تركيا وأواسط أسابا مثل النقشبندي ، وبين إيران والمغرب في المولوية وبين السودان وأفريقيا في التنيجانية والمرغنية والمهدية ، مجتمعات الصوفية واجتماعاتهم وحلقات الذكر ( الذكر الصحيح ) منتشرة في كل مكان توحد روح الأمة بعد تفتت ،أوطانها واحتلال أراضيها وعجز شعوبها بفعل الاستعمار العالمي
والعلوم النقلية : القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه ثقافة دينية عالمية وشعبية تجدها في كل مكتبات الأمة ومساجدها وبرامج تعليمها .
بل إن العلوم العقلية والطبيعية الخالصة ما زالت فخر الأمة ، أبدعها الرازي والخوارزمي وابن حيان من فارس ، والحسن بن الهيثم من مصر ، والنافقي من الأندلس ، أولوغ بك صاحب المراصد من سمر قند ، والطب والصيدلة للرازي وابن سينا وابن رشد وابن البيطار . كل ذلك يوحد ثقافة الأمة . وكلما اشتد التمزق علي الأرض وعظم التفتت استدعت الأمة وحدة ثقافتها وعلومها وإبداعها التاريخي المشترك (19)
فالثقافة ركيزة هامة في توحيد الأمة . وليس المقصود بذلك اندماج الدولة الإسلامية في دولة واحدة كما سبق أن قلنا، ولكن تعني وحدة المقاصد والأهداف والمصالح المشتركة ، والتنسيق والتعاون وحماية الاستقلال والتوازن في النظام العالمي والثقافة قادرة علي حماية وحدة الأمة والابتعاد بها عن عوامل الفرقة والتشتت .. الخ

ثقافة التقريب بين المذاهب الإسلامية :
من عوامل الفرقة الخلاف المذهبي الذي أدي إلي إضعاف الأمة الإسلامية لذلك يجب تفعيل ثقافة التقريب بين المذاهب الإسلامية ، وزيادة التواصل الثقافي والفكري بين القيادات الفكرية والفقهية ، وما هذه المؤتمرات التي تعقد إلا لتفعيل ثقافة الوحدة وثقافة التقارب .
ولقد اتجهت جهود المخلصين من علماء ومفكري هذه الأمة إلي الدعوة إلي التقريب فأنشئت دار التقريب بالقاهرة منذ أكثر من خمسين عاما وقد أعيد نشاطها هذا العام 2007 وبدأت تمارس عملها من مقرها في حي الزمالك بالقاهرة وكذا أقيم المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب في إيران ، وبادرت المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم بالمغرب بتأسيس هيئة للتقريب أيضا عام 2007 .
وهذه المنظمة هي معلم من معالم وحدة الأمة الإسلامية ولها دور مشهور في نشر وتدعيم الجانب الثقافي والفكري والعلمي مما يجمع ويوحد ثقافة الأمة ويدعم الدعوة إلي الوحدة الإسلامية وإلي التقريب بين المذاهب الإسلامية .
دور المركز العربي للدراسات والبحوث في مجال التقريب :
وفي هذا المجال أصدر المركز العربي للدراسات والبحوث الذي أشرف برئاسته عددين من مجلته الأكاديمية المحكمة التي يرأس تحريرها الأستاذ الدكتور / أحمد السايح عن التقريب بين المذاهب الإسلامية ، الأول عن فلسفة التقريب بين المذاهب الإسلامية ( ربيع ) 2007 ) والثاني عن الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب ( خريف 2007
ولتقوية الثقافة وتثبيتها في جميع بلاد المسلمين نري :
1- إعادة تحقيق ونشر التراث الإسلامي بعد تنقيته مما شابه من مدسوسات وإسرائيليات وخرافات ومخالفات عقدية وشرعية ، وإزالة كل ما يسئ إلي أي رموز إسلامية أو مذاهب أو فرق إسلامية مما كان سببا في توسيع شقة الخلاف بين المسلمين


دور المركز العربي للدراسات والبحوث :
وقد قمت أنا وصديقي الأستاذ الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح أستاذ العقيدة بالأزهر الشريف بتبني مشروع لتنقية وتحقيق التراث من خلال المركز العربي للدراسات والبحوث وقد صدر من هذا المشروع أكثر من خمسين كتابا ، وجاري العمل في إنجاز عدد آخر ندعو الله أن يوفقنا إلي إتمامه .
2- محاولة جمع أحاديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم المتفق عليها بين الشيعة وأهل السنة ونشرها في كل الأقاليم باعتبارها مرجعا لكل المسلمين
3- نشر ثقافة التسامح والتقريب ونبذ التعصب والعنف والفريق .
4- نشر اللغة العربية بين جميع بلاد الإسلام فهي السبيل إلي توحيد الثقافة فهي لغة القرآن والحديث والفقه والسيرة والتاريخ وهي التي تجمع شمل المسلمين في كل مكان . وعن طريق اللغة وصلت الكتب التي ألفها علماء من فارس وخراسان وطشقند وما وراء النهر إلي البلاد العربية وأن فهم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لا يكون لغير من يعلم العربية
5- يجب التمسك بالخطوط الثقافية للحضارة الإسلامية وأن تتحول هذه الثقافة إلي موقف إسلامي يمنع المسلم من أن يعتدي علي المسلم الآخر ، بل يمنعه من الاعتداء علي أي إنسان مهما كان دينه ، لأن الإسلام يرفض مبدأ العدوان .

ثالثا التكامل في المجال السياسي
وقع كثير من الدول الإسلامية تحت براثن الاستعمار الغربي منذ أوائل القرن التاسع عشر وخلاله وفرضت دول الاستعمار نظامها وحضارتها علي البلاد المستعمرة ، تحت شعار نشر رسالة الرجل الأبيض في تنوير الشعوب المختلفة والقضاء علي نظام الرق ونشر الديمقراطية (20) ، وطبقت فيها نظمها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية رغم تعارضها مع أحكام الشريعة الإسلامية . ونصبت رجالا أجانب علي البلاد الإسلامية يدينون للدول المستعمرة ، وربط أجيال من أبناء الدول الإسلامية علي الولاء للنظم الأوربية ، فأنشأت مدارس ومؤسسات للتبشير بالمسيحية تحت ستار أداء خدمات إنسانية من تعليم وصحة ورعاية اجتماعية ، وفرضوا القوانين الأوربية فانحسر مجال تطبيق الشريعة الإسلامية وأقتصر علي الأحوال الشخصية (21)
وما أن تمكنت البلاد الإسلامية من التخلص الأوربي خلال القرن العشرين حتي بدأت تعيد النظر فيما خلف الاستعمار من أثار بغية العودة إلي ذاتها الإسلامية ، وتجديد الفكر الإسلامي بما يحفظ من خصوصياته ، ويمكنه من مجاراة التقدم .
ولقد نصت أكثر بلاد الإسلام في دساتيرها علي أن الإسلام دين الدولة الرسمي وأن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع مما يعني أن يتحول المجتمع الإسلامي في تشريعاته السياسة والاجتماعية والاقتصادية ، وإن كان هذا التحول لا يزال يسير سيرا بطيئا لوجود معوقات وعقبات من بعض العلمانيين واللادينيين ومن بعض الأنظمة الحاكمة أيضا (22)
ودفعا لسياسة تحول المجتمع إلي مجتمع إسلامي يجب أن يقوم تكامل سياسي بين الدول الإسلامية يعمل علي القضاء علي السلبيات الموجودة الآن .

التكامل السياسي
ويقصد به تحقيق أهداف مشتركة في الجانب السياسي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية
فالتكامل السياسي ضرورة تفرضها متطلبات الواقع في ظل نظام دولي يجعل للقوة اعتبارا كبيرا في الحقوق والواجبات ، وهو مطلب شرعي دعي إليه الإسلام قال تعالي : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) وقال سبحانه ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبد ون )
قال القرطبي : ( إن الله تعالي يأمر بالألفة وينهي عن الفرقة فإن الفرقة هلكة والجماعة نجاة ) ( 23)
وروي عن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال : إن الإسلام ثلاث : الإيمان والصلات والجماعة ، فلا تقبل الصلاة إلا بالإيمان ، ومن آمن صلي وجامع ، ومن فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه . (24)
سبل تحقيق التكامل السياسي :
1- توحيد التشريعات ونظم التقاضي : إن أعز مفاخر التراث الإسلامي يتمثل في الشريعة الإسلامية وهي تجمع بين الدين والدنيا ولذلك تتضمن تنظيما دقيقا لحياة الإنسان الدنيوية في مجال العقيدة والأخلاق والتنظيم السياسي والقانوني والاقتصادي وهي تمثل أبرز مظاهر الوحدة بين المسلمين .
وقد ظلت الشريعة الإسلامية تحكم الأمة وتطبق وحدها في ديار الإسلام علي المسلمين وغير المسلمين علي حد سواء حتي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي حيث وقعت الأمة فريسة للاستعمار الأجنبي فبدأت القوانين الأجنبية يزاحم الشريعة الإسلامية في عقر دارها ، حتي أنحسر مجال تطبيقها ولم يبق إلا الأحوال الشخصية
وظل الأمر علي ذلك حتي تحررت الدول الإسلامية من ربقة الاستعمار وبدأت تحكم بواسطة أبنائها وكان من أهم ثمار ذلك العودة إلي تطبيق الشريعة الإسلامية : لأن الشريعة هي أهم مقومات الشخصية الإسلامية . فالشريعة هي أصلح القوانين بالنسبة للأمة الإسلامية ، والمسلم مخاطب وملتزم بأحكام الشريعة .
2- ويتصل بوحدة القوانين توحيد نظم القضاء أو نظم التقاضي فهي نتيجة حتمية لتوحيد القوانين (25 )
3- بالنسبة للبلدان الإسلامية فإن الإسلام هو أول دعوة جاءت بولاية الأمر المؤسسة علي الشورى ، والخلافة غير الوراثية ، وحقوق الإنسان ، وسيادة حكم القانون .
وهذه المبادئ في حاجة إلي آليات ومؤسسات تعمل علي تطبيقها ، كما يجب أن تنشأ مجالس شوري ومجالس نيابية تعمل علي تعديل القوانين والتشريعات القائمة ، ووضع قوانين وتشريعات جديدة مستمدة من الشريعة الإسلامية
وفي هذا الصدد نذكر أن مجلس الشعب في مصر سبق وأن وضع مشروعات قوانين عقوبات مستمدة من الشريعة الإسلامية ، وطبعت ضمن مضابط المجلس ووزعت علي الأعضاء ، ثم توقفت هذه المشاريع لأسباب مجهولة ، ولكنها موجودة يمكن أن تكون أساسا لأي عمل مستقبلي .
كذلك مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سبق وأن وضع مشروعات قوانين مستمدة من المذاهب الإسلامية المختلفة ، بمعني وجود قوانين مستمدة من كل مذهب علي حدة لتفسح المجال أمام كل دولة لتطبق التشريعات حسب مذهبها الفقهي
وهذه وتلك ثروة تشريعية يجب تفعيلها والعمل علي إصدارها كقوانين إسلامية مستمدة من الشريعة .



التكامل فى المجال السياسى يتطلب ما يلى :
أ – يجب ان يكون هناك أهداف سياسية واضحة للأمة الإسلامية يتفق عليها ولاة أمور المسلمين .
ب- ألا يكون بين أى إقليم وآخر خلاف سياسى أو يناوئ أحدها الآخر فى سياستة مع بقاء كل إقليم مستقل فى سياسته الدستورية الداخلية بشرط ان تكون موافقة لأحكام القرآن والسنة وأن تكون فى ظلها وأن تكون الشورى هى أساس الحكم من غير نظر إلى كون الحكم وراثيا أو غير وراثى.(26)
ج- تبنى مبادرات التواصل فى جميع مجالاتة النافعة .
د- إن التكامل بين الدول الإسلامية يفتقر الى التنسيق والتعاون فى تحقيق الاهداف وفهم امكانيات الدول المختلفة للعمل على ما يخدم سياسة الأمة الإسلامية (27)
ه- توحيد الجيوش الإسلامية أو على الاقل وجود نظام للدفاع الإسلامى المشترك تلتزم به كافة الدول الاسلامية ويستتبع ذلك إقامة صناعات حربية متقدمة لتسليح هذه القوات بمايضمن تفوقها العسكرى وحتى لا تكون الامة الاسلامية تحت رحمة الدول المنتجة للسلاح وهى فى الغالب دول عدوه تعطيها من السلاح ما قد تجاوزته التقنيات الحديثة بمراحل حتى تصبح أقل قوة من جيرانها- ونعنى بذلك اسرائيل – وتبقى دائما فى حاجة الى من يحميها او يمدها بالسلاح .
2- التقارب الثقافى :
إن التقارب فى المجال الثقافى حسب ما ذكرناه سابقا له أثر فعال فى حماية المسلمين من التخريب الفكرى وتوحيد رابطتهم الإسلامية وأن تظهر فى المجتمع مفاهيم الإسلام كما وأن التقارب فى الجانب الثقافى له اثر كبير فى التقارب فى الاهداف وفى التكامل الاقتصادى .
3- إزالة الموانع والعوائق التى تمنع التكامل السياسى وذلك بإلغاء أى قونين او تشريعات تخالف الإاسلام ومنع اى مظاهر غير إسلامية وأن تطبق كل المجتمعات الإسلامية احكام الإاسلام عقيدة وشريعة
4- ضرورة التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلهما منهجاً لحياة المسلم .
5- القضاء على الخلافات التى تكون بين المسلمين دولا وجماعات مصداقا لقوله تعالى )ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين ) (28) وقال صلى الله علية وسلم :أ لا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قالو :بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين فان فساد ذات البين هى الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ) .
وقول صلى الله علية وسلم ) لا يحل لمسلم ان يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذى يبدأ بالسلام ).
إن بعض الخلافات السياسية التى تحدث بين المجتمعات الإاسلامية أو فى ضمن تلك المجتمعات تعود لأاسباب سياسية طائفية ومذهبيه وهذا يشكل عنصرا مدمرا لقضية الوحدة .
فالفتنة التى تحركها الولايات المتحدة الأمريكية بين إيران وجيرانها فى العالم العربى ولا تزال توحى للجميع بأن ايران تمثل خطراً على الخليج والبلدان العربية الاخرى وذلك تمهيداً للانفراد بايران واتخاذ موقف عسكرى ضدها قد لا تنجو منه دول الخليج لأنه اذا حدث ذلك فستكون له نتائج مدمرة على المنطقة كلها (29).
ان الاعلام الغربى والأامريكى يعمل على توسيع شقة الخلاف بين المذاهب الاسلامية من جهة ويشن حملة ظالمة من جهة أخرى ضد الاسلام شريعة وعقيدة وثقافة ومقدسات فهى خطه مدبرة للنيل من الإاسلام والمسلمين (30) .
ومن ذلك يتبين ان التكامل السياسى يهدف الى تحقيق أهداف سياسية مشتركة للامة الاسلامية فهو مطلب ضرورى شرعياً وواقعياً (31)
رابعا: المجال الاقتصادى :
يبلغ عدد الدول الاسلامية 58 دوله بنسبة 28% من دول العالم البالغة 206 دولة منها 27 دولةإسلامية فى اسيا
و27 دولة فى افريقيا
و3 دول فى أوروبا
ودولة واحدة فى أمريكا اللاتينية
الامكانيات الاقتصادية والبشرية :
عدد سكان العالم الاسلامى 1279 مليون نسمة بنسبة 20.8% من سكان العالم
الموارد الزراعية : مساحة البلاد الإسلامية 30077 الف كم2 وبنسبة 22.5% من مساحة العالم وتبلغ المساحة المنزرعة 14.9% من المساحة الكلية للدول الإسلامية يزرع منها محاصيل دائمة بنسبة 2.95% ومحاصيل أخرى 11.14% .
المواد الطبيعيه تنتج الدول الاسلامية من البترول ما يعادل 35% من إنتاج العالم – ومن الفوسفات 29% ومن القصدير 35% ومن المنجنيز 12% ومن الحديد 2.2% .
الطاقة اللازمة للانتاج والاستهلاك. يبلغ انتاج الطاقة التجارية 3610.8الف طن مترى بنسبة 37.5% من إجمالى الطاقة فى العالم يبلغ المستخدم منها داخل الدول الاسلامية 988.9 الف طن مترى ويوجد فائض 2621.9 الف طن مترى وبنسبة 72.6% من الطاقة المنتجة .
بالنسبة للتكنولوجيا والتى أصبحت تمثل عنصرا هاماً من عناصر الإنتاج فى العديذ السلع والخدمات نجد العالم الإاسلامى فقير جدا فيها سواء على مستوى كل دولة أو على المستوى العام حيث يبلغ الإتفاق على البحث العلمى والتطوير لانتاج التكنولوجيا نسبة 0.2% من الناتج القومى بينما النسبة العالمية 2.18%
ومن ذلك يتبين ما يلى :-
أ – توجد موارد بشرية كبيرة ولكنها لم تستغل حيث تصل نسبة البطالة فيها 27.7%
ب – الأراضى الزراعية لم تستغل بالكامل – المستغل منها 14.9% فقط
جـ - الموارد الطبيعية كثيرة ويفيض الإانتاج على حاجة الدول الاسلامية .
د – يوجد فائض من الطاقة يمثل 72.6% .
هـ - يوجد نقص كبير فى التكنولوجيا .
ويتبين من ذلك أن الدول الاسلامية فى حاجة الى وحدة وتكامل فى كافة مجالات الاقتصاد حتى تنمو وتزدهر اقتصاديا حسب ما سيرد لاحقا.
حجم الاقتصاد : -
يبلغ الناتج القومى 1290.5 مليار دولار ومتوسط نصيب الفرد 1009 دولار بنسبة 20.6% من متوسط نصيب الفرد فى العالم الذى يبلغ 4985 دولار ويوجد خلل فى توزيع الناتج على قطاعات الانتاج .
فمثلاً ناتج الزراعة 25% والصناعة 29% والخدمات 49% بينما فى العالم فالزاعة 4% والصناعة 34% والخدمات 62% .
العلاقات الاقتصادية الدولية :-
أ – الميزان التجارى يعانى عجزاً كبير على مستوى كل دولة وعلى مستوى جميع الدول الإسلامية فلا توجد سوى 5 دول تحقق فائضاً يقدر بنحو 4543مليون دولار و53دولة تحقق عجزا 50707 مليون دولار .
فالعالم الاسلامى يعتمد فى جزء كبير من اقتصاده على العالم الخارجى وتبلغ ديونه الخارجية 879.2مليار دولار بنسبة 31.1% من اجمالى ديون العالم .
ب- بالنسبة للتجارة البينية بين دول العالم الإاسلامى فهى ضئيله جداً إذ تبلغ صادرات الدول الإسلامية للعالم الخارجى 501.1 مليار دولار سنوياً والواردات البينية 53.1 مليار دولار بنسبة 13.1% .
قيمة الانفاق على الخدمات مقارنة بمثيلاتها عالميا :
أ الإنفاق على التعليم يبلغ 3.9% من قيمة الدخل القومى بينما تبلغ النسبة العالمية 4.8% والدول المتقدمة 5.6% من الناتج القومى .
نسبة الأامية فى الدول الاسلامية 77.6% بينما النسبة العالمية 46% وتخفض فى الدول المتقدمة الى اقل من 8% .
ب – الصحة : إجمالى الإاتفاق على اللصحة 4.8% بينما النسبة العالمية 5.5% وفى الدول المتقدمة 9.8% .

تصنيف الدول الإاسلامية اقتصاديا .
حوالى 46 دولة من دول العالم الإسلامى تصنف ضمن الدول الفقيرة وأن 1148مليون نسمة من مكانها وبعدل 89.7% من عدد سكان العالم فقراء
ومن ذلك يتضح أن العالم الإاسلامى بحالته الراهنه ذا امكانيات اقتصادية كبيرة واداء اقتصادى متدنى مما يؤثر على وضعه الاقتصادى فى مواجهة العالم فى شكل تبعية واضحة ونتائج اقتصادية غير مرضية تظهر فى الفقر والتخلف الحضارى .(32)
ضرورة التكامل الاقتصادى الاسلامى :
يتبين مما سبق ان العالم الاسلامى فى حاجة الى تكامل اقتصادى لان بعض الدول لديها فائض فى الموارد البشرية وبعضها لديها فائض فى الاراضى الزاراعية والبعض الآلاخر فى الطاقة والموارد الطبيعية وباقى الدول لديها عجز وتحتاج الى دعم ومساندة لتنتمكن من النهوض والالتحاق بركب الدول المتقدمة .
ومما يسهل عملية التكامل ما يلى :-
*التكامل الاقتصادى هو فرع من أصل وهو الوحدة الإسلامية فالإاسلام نظام متكامل يمثل الاقتصاد أهم عناصر هذا النظام
*الجوار فالدول الاسلامية يقع اكثرها فى منطقة – جغرافية واحدة يجاور بعضها بعضا مما يسهل عملية الانتقال والاتصال
*سهولة التقاهم بين سكان العالم الإسلامى لا رتكازهم على ثقافة واحده نابعة من دينهم .
*التنوع البيئى والمناخى مما يجعل بعضها يكمل بعضا فى الإانتاج الى جانب تنوع الموارد والقدرات.
* وجود امكانيات كبيرة لدى الدول الاسلامية مجتمعه والجزء الاكبر منها غير مستغل مثل الأراضى والموارد البشرية ورءوس الأموال التى تستثمر فى الخارج كما أن كثيراً من صادرات البلاد الإسلامية عبارة عن موادأولية ويعاد استيرادها سلعا مصنعة .
وكان من الأولى ان تستثمر مثل هذا الموارد داخل الدول الإاسلامية نفسها
المؤسسات التى تعمل فى مجال التكامل الاقتصادى حاليا :
يوجد عدد لا بأس به من المنظمات والمؤسسات العاملة فى مجال التكامل الاقتصادى إلاأنها لازالت لا تفى بالغرض المنشود وبعضها لم يتيسر لة العمل لعدم توقيع أو تصديق بعض الدول على وثائقها وهى :-
- منظمة المؤتمر الإاسلامى وعنها انبثقت المؤسسات التالية التى أنشئت بقرارات من مؤتمرات القمة الاسلامية او المؤتمرات الوزارية المختصة .
البنك الإسلامى للتنمية
· الغرفة الإاسلامية للتجارة والصناعة وتبادل السلع
· المركز الإاسلامى لتنمية التجارة
· مركز الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية والاحصائيه والتدريب للدول الاسلامية
· الاتحاد الإسلامى لما لكى البواخر
· المؤسسة الإاسلامية للعلوم والتكنولوجيا
· اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادى والتجارى بين الدول الاعضاء هذا بالاضافة الى الاتفاقيات المواقعة بين الدول الإسلامية حول التكامل الاقتصادى ولكن هذه المؤسسات والاتفاقيات لم تصل الى الهدف المنشود ولازلنا فى حاجة الى تفعيل هذه المؤسسات وفتح المجال امامها لاداء ما انيط بها من اعمال (33)
ومن ذلك يتبين انه توجد حاجة ملحمة للتكامل الاقتصادى الإسلامى وتتوفر الإمكانيات لقيام هذا التكامل وكذا نتوفر الاسس المطلوبة لبناء هذا التكامل الاقتصادى الاسلامى:-

عقبات في طريق وحدة الامة :
ويواجه التكامل الاقتصادي الاسلامي اخطر ازماته واخرج مساراته حيث ان دول العالم تتكفل حتي نجد ان الدول الكبري والمتقدمة والغنية هي التي تسارع الي التكفل بل ان بعض التكتلات تعمل علي التعاون والتكتل مع التكتلات الاخري ([1])
إن العالم الآن يسيطر عليه الاقوياء ولا مجال فيه للضعفاء .والوضع العالمي المعاصر يحتم علي الدول الاسلامية ضرورة الاسراع في اقامة تكتل اقتصادي اسلامي لمواجهة التكتلات الكبري في العالم
فما هي الاسباب او المعوقات التي اخرت التكامل او التكتل الاقتصادي الاسلامي حتي الآن ؟
هناك بعض المعوقات والعقبات تعترض طريق الوحدة الاقتصادية وتعمل علي عرقلة مسيرة الامة الاسلامية الي التقدم نبين بعضا منها فيما يلي :-
النعرات الطائفية والعرقية ،وهي ما يستغلها اعداء الاسلام فيعملون علي زيادة الفرقة بين المسلمين بمختلف الدسائس والوسائل لتبقي الدول الاسلامية في حالة تفرق وتشرذ م ،وتبقي النزاعات الطائفية قائمة ومستمرة لذلك يجب علي قادة الامة وحكمائها واهل الراي فيها ازالة مثل هذه النعرات والتقريب بين المسلمين واشعارهم بالاخوة الاسلامية وأنهم أمة واحدة وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم القائل :( لا فضل لعربي علي اعجمي ولا لاحمر علي ابيض ولا لابيض علي احمر الا بالتقوي)
النعرات القومية ،والتعصب القومي والعنصري والقبلي : استغل المستعمرون ضعف الحكام وطرحوا افكارا القيام دول قومية خاصة أيام ضعف الدولة العثمانية مما يخلق الفرقة والعداء بين أبناء الأمة .والواجب القضاء علي كل أشكال العنصرية والتعصب ونشر ثقافة الاخوة والمحبة والتسامح بين الجميع باعتبارهم أمة واحدة مصدقا لقوله تعالي :( وإن هذه امتكم أمة واحدة وانا ربكم فاتقون)
التدخل الأجنبي : بعد أن انتهي الاستعمار العسكري وضعت الدول الاستعمارية خططا جديدة لبقاء نفوذها وسيطرتها علي البلاد شملت النواحي الثقافية والسياسة والاقتصادية
الحكام :عدم رغبة بعض الحكام في قيام وحدة وتقارب بين المسلمين ،إما خوفا علي مناصبهم وإما بدوافع خارجية كضغوط من الدول الأجنبية صاحبة المصالح في بقاء هذه الدول متفرقة وضعيفة حتي يمكنهم السيطرة علي مقدرات المسلمين واستنزاف موارد بلادهم وبقاءها سوقا رائجة لصادرات تلك الدول.
فالواجب علي المسلمين حكاما ودولا وشعوبا العمل علي القضاء علي هذه المعوقات ،والعمل يدا واحدة للنهوض بامتهم والسعي نحو التكامل في شتي المجالات بأسرع ما يمكن .
عوامل توحيد الامة :
إن كل ما في الاسلام يدعو الي تجميع المسلمين وتوحيد صفوفهم حتي أصبحت الوحدة سمة الاسلام البارزة.فالعقيدة توحد تصور المسلمين للكون في عالمي الغيب والشهادة ،والعبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج وعمرة توحد مشاعر المسلمين ،وتجمع قلوبهم علي غاية واحدة هي عبادة الله والتقرب أليه ،كما أن الحلال والحرام والعقوبات علي اختلافها تسوي بين الجميع وتوحد بينهم.(35)
عوامل نجاح التكامل :
بالرغم من ان الاعداء يعملون علي تجزئة الأمة الإسلامية الي كيانات صغيرة لتحقيق أهداف الاستعمار في اضعافها عن طريق تاكل قواها بسبب الصراعات التي تجعلها القوي المعادية بين صفوف المسلمين .
كذلك عن طريق تصغير حجم هذه الكيانات بحيث لا تستطيع ان تستكمل مقومات البناء الاقتصاد\ي .
لهذا كان لزاما علي كل بلد اسلامي ان تضع في اعتبارها تحقيق التكامل الاقتصادي للامة الاسلامية الذي ستكون له آثار اقتصادية وسياسية وعسكرية واضحة وعندما يتحقق استقلالها السياسي وتتحرر ارادتها من تحكم الدول الصناعية الكبري في المجالات الاقتصادية والعسكرية ويحظي الفرد بمستوي عيش كريم (36)
والامة الاسلامية ولله الحمد تملك عوامل نجاح التكامل الاقتصادي المنشود ومن ذلك :
التقارب الجغرافي .فالامة الاسلامية تقع في دائرة جغرافية متجاورة مما يسهل انتقال العمال ورءؤس الاموال والتجارة البينية .
تمتلك الامة من الثروات الطبيعية ومن مصادر الطاقة ما يمكنها من اقامة مناطق صناعية متكاملة لسد انتاجها حاجة مواطنيها ،وما يفيض يصدر للخارج
التقارب الثقافي والعسكري ،فالثقافة حسب ماسبق ان بينا من اهم عوامل نجاح الوحدة او التكامل بين دولها والتقارب العسكري يخلق قوة رادعة يحمي الامة من اعدائها ،ويحمي منجزاتها وثرواتها ،وتنشر الامن والامان في ربوعها .فالحق لا بدله من قوة تحميه،ووحدة الامة حق من حقوقها
وحدة العقيدة :فالمسلمون أصحاب عقيدة واحدة ،هي عقيدة التوحيد ،يعبدون ربا واحدا ويدنيون بدين واحد ،فوحدة الدين ،ودعوته الي وحدة المسلمين يسهل لهم الطريق الي التكامل والوحدة بل يفرضها عليهم فرضا .
ولا نجاح عملية التكامل الاقتصادي الاسلامي نري:
زيادة التجارة البينة بين الدول الاسلامية .
استغلال الموارد الطبيعية وتصنيعها داخل دول الوحدة الاسلامية
الغاء الحواجز والرسوم الجمركية بين تلك الدول
اقامة مناطق صناعية حرة في الدول الاسلامية
اقامة سوق اسلامية مشتركة
حرية نقل البضائع والمواطنين
استغلال الفائض البشري في بعض الدول لدي الدول المحتاجة الي عمالة خاصة تلك الدول التي تمتلك اراضي صالحة للزراعة وتحتاج الي عمالة زراعية لاستغلال وزراعة هذه الاراضي
حسن استغلال واستثمار الاراضي الصالحة للزراعة لتكون مصدرا للمنتجات الزراعية لتكفي دول الوحدة وتصدير الفائض للخارج
حرية تنقل رءوس الاموال بين الدول الاسلامية
اصدار عملة اسلامية موحدة
تكتل صناعي بتشكيل وحدات انتاج عملاقة مشتركة تتمكن من المنافسة في السوق العالمية
وضع استراتيجيات اقتصادية ومالية مشتركة لرسم الخطط المستقبلية للاقتصاد الاسلامي
دعم الدول الاسلامية الفقيرة لكي تنهض وتساهم في قوة الاتحاد والارتفاع بالمستوي ىالاقتصادي لتلك الدول
اجراء حصرشامل لاحتياجات الدول الاعضاء وحصر الموارد المالية والامكانيات المتاحة فبعض الدول لديه فائض في الاموال ونقص فى مجالات الاستثمار او ايدي عاملة مثل دول الخليج وبعضها لديه مجالات للاستثمار وليس لديه رأس المال الكافي او الخبرة والعمالة ،كالسودان ان ونوع ثالث لديه فائض في العمالة والخبرة وينقصه راس المال مثل مصر وسوريا ....وكذا باقي الدول الاسلامية ممايؤكد حاجة هذه الدول الي التكامل واقامة مشاريع اقتصادية وانتاجية مشتركة وتوزيعها في الدول الاعضاء حسب معايير اقتصادية موضوعية تراعي حاجات الدول والفائدة المشتركة (37)
توحيد السياسات الاقتصادية للدول الاعضاء او اعلي الاقل التقريب بينها .
والله نسأل أن يلهم أمتنا الاسلامية رشدها ،ويحقق لها أملها المنشود في الوحدة ،،،،،،،،،،،
إنه سميع قريب مجيب ،،،،

المستشار توفيق علي وهبه
رئيس المركز العربي للدراسات والبحوث
وعضو جماعة التقريب بالقاهرة
E-mail:wahbo_40 @yahoo.com




الهوامش والمراجع

1- سورة الأنبياء آية 92
2- سورة المؤمنون آية 53
3- الوحدة الإسلامية في السنة النبوية – د : أبو لبابة حسين / بحث ضمن كتاب الوحدة الإسلامية - الإطار النظري وخطوات التطبيق ص 239 - نشر الندوة العالمية للشباب الإسلامي - الطبعة الأولي - الرياض 1413هـ - 1993 م
4- الوحدة الإسلامية - أستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله - ص82
5- الوحدة الإسلامية – عناصرها - وموانعها - الأستاذ الشيخ محمد واعظ الخراساني – رسالة التقريب - عدد 15 - ص 8 وما بعدها
6- الفرصة السانحة - ريتشارد نيكسون - طبع دار الهلال - القاهرة - 1992 م
7- سورة آل عمران - آية 153
8- سورة آل عمران آية 104
9- سورة الحجرات آية 10
10- سورة المائدة أية 2
11- سورة آل عمران آية 110
12- صحيح مسلم ج 4 ص 1999
13- سنن الترمذي ج4 ص 466
14- مسند أحمد ج 4 ص 278 – مسند الشهاب ج1 ص 44
15- مسند أحمد ج 5 ص 180 ومسند الشهاب ج 1 ص 277
16- رواه أبو داوود - بذل المجهود في حل أبي داوود ج12 ص 111
17- مسند الشهاب ج1 ص 168
18- المستقبل السياسي للأمة الإسلامية - أستاذنا د : صوفي أبو طالب ص 513 من كتاب مستقبل الأمة الإسلامية – طبع المجلي الأعلي للشئون الإسلامية - 2003
19- وحدة الثقافة ووحدة الأمة - د : حسن حنفي - جريدة الإتحاد الإماراتية - موقع وجهات نظر الإلكتروني ,
20- كان الاستعمار الغربي ببلاد الإسلام يتذرع بحجة التنوير ونشر الديمقراطية ، وشيئأ من ذلك لم يحدث . وهي نفس الذريعة التي تروج لها الولايات المتحدة الأمريكية الآن بأنها تعمل علي نشر الديمقراطية ، وهي حجة غير صحيحة ، وستار مفضوح تخفي وراءه مطامعها الاستعمارية
21- المستقبل السياسي للأمة الإسلامية - أ.د / صوفي أبو طالب ص 572 / مرجع سابق
22- المرجع السابق ص 554
23- تفسير القرطبي ج 4 ص 159
24- التمهيد لإبن عبد البر ج 22 ص 251
25- د : صوفي أبو طالب / مرجع سابق ص 574 – 575 بتصرف .
(26)فضيلة الامام الشيخ محمد ابو زهره – مرجع سابق حتى 122
(27)التكامل السياسى بين دول العالم الاسلامى – د محمد عبد الرزاق السيد ابراهيم الطبطبائى ص 717
ضمن كتاب مستقبل العالم الاسلامى – طبع المجلس الاعلى للشئون الاسلامية – القاهرة 2007
(28)سورة الآنفال أية 46
(29)ندعو الله ان لا يحدث ذلك والا يصيب ايران المسلمة اى مكروه وان يجمع كلمة المسلمين وينصرهم على عدوهم ويرد كيد الاعداء فى نحورهم .
(30)اية الله العظمى محمد حسين فضل الله – بيان من المكتب الاعلامى لسما حته فى 9 كرم 1428هـ /29/1/2007 م .
(31)د.الطبطبائى – مرجع سابق ص 733 .
(32)التكامل الاقتصادى بين دول العالم الاسلامى – د محمد عبد الحليم عمر ص 453 وما بعدها ضمن أبحاث ووقائع المؤتمر الدولى الخامس عشر للمجلس الاعلى بشئون الاسلامية – القاهرة 2003 – والارقام والنسب الواردة فى المجال الاقتصادى عالية مستقاه من هذا البحث ومن مراجعه التى أشار اليها وهى من اصدارات البنك الاسلامى للتنمية .
(33)راجع تفاصيل أكثر عن هذه المؤسسات والمعاهدات وما يقابلها من معوفات فى :
وحدة الامه الاسلامية واجب شرعى يجب تحقية فى ظل العولمة تاليف د اسماعيل شلبى ص 199-213 وما بعدها عن اسباب تعثر الوحده الاقتصادية وكذا د محمد عبد الحليم عمر – مرجع سابقه ص 453 وما بعدها
(34) د اسماعيل شلبي – مرجع سابق ص 213
(35)[1] (الوحدة الاسلامية في السنة النبوية – د.أبو لبابة حسين ص 244 – كتاب الوحدة الاسلامية الاطار النظري وخطوات التطبيق – الندوة العالمية للشباب الاسلامي – الرياض 1413 هـ- 1993 م
(36)الاقتصاد الاسلامي ،مفاهيم ومرتكزات – محمد احمد صقر ص 94-96 ،والسوق الاوربية المشتركة وحاجة الدول الاسلامية الي التكامل الاقتصادي – الشيخ محمد عبد الرحمن بن محمد بن عيسي يعيش– ص583/584 ضمن كتاب الوحدة الاسلامية – الاطار النظري وخطوات التطبيق – طبع الندوة العالمية للشباب الاسلامي – الرياض 1993 – 1413 هـ

(37) المستقبل السياسي للامة الاسلامية – استاذنا د.صوفي أبوطالب – ص 572 ضمن كتاب مستقبل الامة الاسلامية – المجلس الاعلي للشئون الاسلامية – القاهرة 2003

ليست هناك تعليقات: