الثلاثاء، 31 يوليو 2007

التعصب المذهبي واثره السيئ في الامة -2 بقلم المستشار توفيق على وهبه

تناول الدكتور توفيق علي وهبة في العدد الماضي نشاة التعصب المذهبي في الدولة الاسلامية وانتشار المدارس الفقهية وتاثير التعصب المذهبي علي استقرار الامة واليوم يواصل امتدادات الفكر المتشدد في حياتنا المعاصرة
لم تكن الوهابية بالسعودية ببعيدة عن الصراع والتعصب والتشدد لفكر ابن تميمة والمذهب الحنبلي ورفض الأخر تماماً مسلما أو غير مسلم وتفسيق وتبديع وتكفير جل إن لم نقل كل فرق ومذاهب المسلمين ممن لا يسير علي هواهم ويتبع افكارهم .
ولقد كان لهم مواقف متعصبة ومتشددة ضد الدولة السعودية وانقلبوا علي الملك عبد العزيز حينما اراد تحديث الدولة واعتبروا ان السيارة والتليفون واستقبال الوفود الاجنبية والاسلامية بدعة وحاربوه بالسلاح مرتين ولكنه هزمهم وشتت جمعهم فلاذوا بالفرار الي الصحاري ينفثون سمومهم وافكارهم في الشباب وتحريضهم علي حكام بلادهم حتي جاءت الفرصة بعد خمسين عاما حيث خططوا لقلب نظام الحكم واستولوا علي المسجد الحرام بقيادة جهيمان العتيبي وسمو انفسهم "بالاخوان الجدد" .
ولما هُزموا فروا أيضا إلي المناطق الجبلية وسافر عدد كبير منهم الي الجهاد في افغانستان ولما قامت حرب الخليج الثانية واستعانت السعودية بالقوات الاجنبية اشتدت وطأة المتعصبين من الوهابيين وخاصة الشباب ونجحوا في تجنيد عدد كبير وبدأ الصدام الذي نراه اليوم بينهم وبين الدولة فقتلوا الآمنين وضربوا المنشات ووضعوا خططاً للتدمير وبث الذعر والخوف بين الآمنين .
لقد استفاد هؤلاء الشباب من المشاركة في حرب افغانستان فاصبحوا اكثر تنظيما وهيكلة وتوزعوا علي جماعات منظمة تستخدم الوسائل الحديثة في مخططاتها ونظرا لان فكر التكفير هو الأصل في فكر تلك الجماعات فقد تسلل هذا الفكر المدمر إلى كثير ممن احتكوا بهم او خالطوهم من شباب الحركة الاسلامية فعادوا الي اوطانهم بفكر التكفير والخروج
ولقد تاثر بعض افراد الجماعات الاسلامية بهذا الفكر المتعصب والمتشدد وراوا في انفسهم انهم هم المدينون الحقيقيون وغيرهم خارجين عن صحيح الدين فكفروا الدولة وكفروا المجتمع واحلوا لانفسهم سفك الدماء وقتل الابرياء واسباحة الاموال والحرمات واصبح هذا الفكر يشكل خطورة علي بلاد الاسلام والمسلمين في كل مكان بل جعل العالم اجمع يلصق بالاسلام دعاوي العنف والتطرف والارهاب وهو برئ من كل ذلك فقد اساء هؤلاء المتنطعون الي الدين والي اخوانهم المسلمين ولم يجن الاسلام منهم غير الخراب والدمار ورحم الله الامام الشافعي القائل لايتعصب الا جاهل وما رأيت عالماً متعصباً .
وعندما اشتدت وطأة هؤلاء المتعصبين ونشروا الخوف والقتل والدمار داخل السعودية وشقوا عصا الطاعة . ظننت – وليس كل الظن اثم – ان المملكة ستستاصل شأفتهم وتقضي عليهم ويستريح منهم المسلمون بل وكثير من الدول التي اصطلت بنار الارهاب .
هل ابن عبد الوهاب رحمه الله برئ مما ينسبونه اليه ؟
يقول محمد ابن عبد الوهاب وما يكذب علينا سترا للحق وتلبيسا علي الخلق حيث يوهم الناس بأننا نضع من رتبة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وان ليس له الشفاعة وزيارته غير مندوبة وأنا لا نعتمد علي اقوال العلماء وأنا نكفر الناس علي الاطلاق واننا ننهي عن الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم وأنا لا نري حق اهل البيت
فجوابنا علي كل مسالة من ذلك سبحانك هذا بهتان عظيم فمن روي عنا شئيا او نسبه الينا فقد كذب علينا وافتري .
وله أراء في التصوف ورجاله علي خلاف ما ينشره اتباعه وردت في مجموعة رسائله وإحقاقا للحق نشرنا هذه الاراء حول التصوف في بحث لنا بعنوان ( الإسلام والتصوف ) شاركنا به في المؤتمر الدولي العام قبل الماضي وكذا لابنه عبد الله آراء لا تخرج عن رأي والده في التصوف حيث قال لا ننكر الصوفية وتنزيه الباطن من رذائل المعاصي المتعلقة بالقلب والجوارح مهما استقام صاحبها علي القانون الشرعي والمنهج القويم المرعي .
وهذه الآراء السديدة وما يناقضها تماما تُنقل عن طريق بعض المنتسبين الي الفكر الوهابي فما وجه الصواب في هذه الآراء وما الصحيح وما المكذوب .
ان كثيرا مما في كتب التراث دخيل عليها ودس فيها ما ليس بصحيح وفيها روايات كثيرة شابها الوضع والانتحال وكثير من الاسرائيليات وفكر غير المسلمين وهذا يدعونا الي مراجعة و تنقية كتب التراث .
وقد بدات مع صديقنا الدكتور احمد السايح مشروعاً لتنقية كتب التراث من خلال المركز العربي للدرسات والبحوث صدر منه ما يزيد علي الخمسين كتاباً حتى الآن وجاري العمل في عدد آخر ندعو الله أن يعييننا علي استكماله
* عقيدتي . الثلاثاء . 31 / 7 / 2007 م

ليست هناك تعليقات: