المستشار توفيق وهبة يكتب:الوحدة سبيل نهضة الأمة وطريق النصر على أعدائها
لمواجهة الاخطار التى تحيق بالأمة الإسلامية من الداخل والخارج يجب أن تجتمع كلمتها وتتوحد صفوفها لكى تستطيع درء جحافل الأعداء فنحن نعيش فى عالم لا مكان فيه إلا للأقوياء.لا ينكر منصف أن بعضا من الأمة الإسلامية يمر الآن بحالة ضعف وتفكك وتخلف وتمزق .
فالإسلام محاصر من جبهتين: داخلية وخارجية
فالجبهة الداخلية: متمثلة فى الخارجين عليها بتأويلات فاسدة تتعارض مع صحيح الدين،ومع ما هو معلوم منه بالضرورة.
أما الجبهة الخارجية: فتتكون من أعداء الدين، وأعداء الأمه من دول وجماعات وأفراد وهم كثر. وهؤلاء يثيرون الشبهات ويروجون الأباطيل ضد الاسلام، ويرمون الدين بالتخلف والتعصب والارهاب. وغير ذلك مما تعرفونه جميعا وهو لا يخفى على أحد منكم.
إن أمة الإسلام فى محنة وشدة وأزمة،لا مخرج منها الابالرجوع إلى كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم.
نحن فى حاجة إلى وحدة ويقظة إسلامية راشدة، تستفيد من الإيجابيات وتنبذ السلبيات، تعيد المجد والعزة والكرامة إلى أمة الإسلام وتدفع عنها ما ألحقه بها أعداء الداخل وأعداء الخارج.
اليقظة الإسلامية المطلوبة تسبق الوحدة وتمهد لها وتنبذ العنف والتعصب والطائفية، وتعيد الأمة إلى رشدها وإلى دينها دون تطرف لتصبح بحق خير أمة أخرجت للناس كما وصفها ربنا سبحانه وتعالى حيث يقول (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)
ومن النهى عن المنكر مكافحة الفئات المنحرفة التى تتبنى أفكارا ومعتقدات هدامة وإرهابية تكفر المجتمع وتقتل المخالفين، وتستحل أموال المسلمين وغير المسلمين .
ولا يكون ذلك إلا بالعودة إلى كتاب الله وسنة رسول الله دون تشددولاتعصب ولا شطط بل التمسك بالوسطية التى دعا إليها الإسلام.
ما هى اليقظة؟
اليقظة على ضربين هما يقظة الفرد ويقظة الأمة
يقظة الفرد:
تعنى يقظة العقل والقلب والفؤاد أى صحوته من غفلته إلى الطريق السوى الذى يأمر به الدين، والابتعاد عن كل ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم. وأن يكون سنده ودليله ومرشده فى ذلك كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما يقظة الأمة:
فتعنى عودة الوعى والانتباه إليها. فالأمة يصيبها ما يصيب الأفراد من غياب الوعى نتيجة ضغوط وعوامل داخلية أو تغييب وتنويم مسلط عليها من خارجها سواء من أعدائها أو من المتربصين بها ليتمكنوا من السيطرة عليها وتوجيهها إلى ما يخدم مصالحهم وأغراضهم وهى بالقطع مصالح تتعارض مع صالح الامة وأهدافها.
واليقظة الإسلامية ترتكز على أساسين:
أولا: كتاب الله:
ثانيا: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم .
واليقظة الاسلامية المطلوبة الآن يقظة شاملة فى شتى المجالات فى الفكر، وفى العزم، وفى العمل، وفى العلم والتعليم، وفى الاقتصاد، وفى الصناعة والزراعة وفى القوة العسكرية وغير ذلك حتى تعود للأمة مجدها وفاعليتها وتصبح لها قوة فاعلة فى السياسة الدولية وفى العلاقات الإنسانية، وفى التعامل مع بلاد العالم كبيرها وصغيرها.
إن الاسلام لا يقبل أن تكون بلاده كما كانت من قبل مستوطنا ومقرا للمستعمرين والأعداء من تتار ومغول وصليبيبن وصهاينة وغيرهم، فقد ابتلى المسلمون ابتلاء عظيما وزلزلوا زلزالا شديدا.
ولما عادت لهم اليقظة والصحوة وقامت الأمة من غفوتها استطاعت أن تهزم كل أعدائها.
ولم يكن لهذه الأمة أن تقوم من كبوتها وتتغلب على هزيمتها إلا بالقوة والتماسك ووحدة الصف والهدف، ولا يكون ذلك إلا بالايمان والعودة إلى دين الله والاعتماد عليه سبحانه وتعالى .
دور العلماء فى الدعوة إلى الوحدة
إن اليقظة والصحوة التى أدت الى انتصار الأمة فى كثير من معاركها قادها رجال أفذاذ عظماء أنجبتهم الأمة. وهم كثر. ولن تعجز الأمة أن تلد أمثالهم فى كل عصر وحين .
إننا فى حاجة الى بث الحماس فى مواجهة القضايا المصيرية للأمة. ومواجهة التيارات الالحادية سواء من الداخل أو الخارج والثقافات الوافدة التى تغزوها من كل صوب وتهددها فى عقر دارها.
دور العلماء والمؤسسات والمجامع العلمية فى مجال تصحيح المفاهيم والدعوة إلى الوحدة الاسلامية
وعلماء الدين هم قادة الأمة المعتدلون والمتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، هم أصحاب دعوة الحب والتسامح، ليس لديهم حقد على غيرهم من طوائف المسلمين، إنهم يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) النحل 125
لذا لا نجد من بينهم متطرفا ولا منحرفا ولا إرهابيا فهم القلب النابض لهذه الأمة، أصحاب فكر الوسط والتسامح والرحمة.
فعلماء الاسلام هم المؤهلون لقيادة سفينة النجاة فى هذا الوقت العصيب الذى تداعت فيه الأمم على بلاد الاسلام الذين يريدون نهبها، والقضاء على عقيدتها ودينها لأنهم يعلمون أن هذا الدين هو الذى يوحد هذه الأمة ويأخذ بيدها إلى سبيل النجاة.
يقول المستشرق الأمريكى المعاصر برنارد لويس: إن الدول الإسلامية قد تسقط أو تزول كدولة بالغزو العسكرى ولكن المجتمع يظل فى حياته محكوما بقوانينه الإسلامية فى معاملاته وعلاقاته ربما عشرات السنين حتى تقوم الدولة من جديد وهى تجربة مرت بها الدولة الاسلامية التى خضعت للاستعمار عشرات السنين .
فالعلماء والمراكز والمجامع هم الذين يدفعون شبهات الارهابيين والمتعصبين وشبهات أعداء الله ويدرأون باطلهم جميعا إنهم الفئة المعتدلة المهتدية التى يجب أن تتقدم وتقود العمل الدعوى المستنير.
إنهم أهل الله،وأهل رسول الله، المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
إنهم حملة الحق المتمسكين بما كان عليه سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، الداعين إلى الله على بصيرة إنفاذا لأمر الله سبحانه وتعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالاسلام يدعو أتباعه إلى الرحمة فما بالنا نجد المتعصبين والمتشددين يعتنقون أفكارا شاذة متطرفة بعيدة كل البعد عن صحيح الإسلام. فالارهاب لا يقيم دينا ولا يصلح مجتمعا ويشيع الاضطراب والخوف بين الناس
إنهم يهدمون قواعد الدين وأسسه التى أقيمت على قيم دينية وإنسانية عظيمة من المحبة والعدل والسلام والتسامح.
إن بين أيدينا نورا ويريد هؤلاء لنا أن نعيش فى الظلام. إنهم لا يدركون
أن روح أمتنا هو الاسلام فهى لا تعيش إلابه ولا تنطلق إلامنه ولا تجتمع كلمتها إلاعليه ولا تحقق نصرا الاتحت لوائه
على العلماء والمؤسسات الدينية تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الآخرين سواء فى الداخل أو الخارج،وتعديل اتجاهاتهم الفكرية
ولا يكون ذلك إلا بيقظة أسلامية عامة يقودها علماء الأمة،أمتثالا لقول الله سبحانه وتعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)التوبة 122.
قلنا أن الأمة الاسلامية تتعرض لحملات شرسة، ومؤامرات خسيسة، ودسائس مدبرة من أعدائها المتربصين بها سواء فى داخل البلاد، من الخارجين عن إجماع أمتهم والداعين الى توهين العقيدة فى أنفس الناس وبث الشبهات والأباطيل والافتراءات ضد الإسلام عقيدة وشريعة، أو من أعدائها فى الخارج المتمثلين فى دول الاستعمار والاستكبار العالمى التى تروج للطائفية والعصبية وتنشرالفتن والدسائس وتحاول الوقيعة بين الدول الإسلامية وبين الفرق والمذاهب الإسلامية باشعال نار التعصب المذهبى بين السنة والشيعة بل وبين أهل السنة أنفسهم حتى يتعصب كل أصحاب مذهب لمذهبهم فتدب الخلافات وتنتشر الأحقاد.
وتنفصل عرى المجتمع وتضعف قواه، وينشغل داخليا بصغائر الأمور ليسهل للعدو الانقضاض على دول الاسلام دولة وراء أخرى فينهب خيراتها ويستغل ثرواتها ويبقى جاثما على صدرها حتى لا تستطيع الفكاك من سيطرته وتصبح سوقا رائجة لتجارته ومنتجاته وتظل هى فى مؤخرة الدول منشغلة بتكفير وتفسيق وتبديع بعضها بعضا .
وإذا أرادت أمة الإسلام توحيد صفوفها وتوحيد كلمتها والوقوف يدا واحدة لبناء دولة قوية عزيزة الجانب يكون لها وضعا مميزا ومؤثرا فى العالم،وضع العدو المتربص بها العراقيل أمامها وشغلها بمشكلات الطائفية والقومية والتعصب المذهبى لتبقى دولا صغيرة ضعيفة مفككة…فاحذروا الأعداء والمنافقين والكاذبين والارهابيين تفلحوا وتنتصروا
(والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق