المستشار توفيق وهبة يكتب:وحدة الأمة الاسلامية مطلب الهي
قال المولي عز وجل ( ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)”سورة الأنبياء – آية 92 “
أمر ربنا سبحانه وتعالي أن تكون أمة الاسلام أمة واحدة تعبد الها واحدا وتتبع رسولا واحدا وتتجه الي قبلة واحدة , ولكنها ابتليت بما يفرق وحدتها ويمزق شملها فالتعصب سبب رئيسي في هذه التفرقة فكل مذهب ينظر إلى أنه على الحق وغيره على الباطل وتجرأ كثير من أتباع المذاهب على تضليل وتفسيق وتبديع بل وتكفير المذاهب والفرق الإسلامية الأخرى لمجرد مخالفتهم لمذهبهم حتى ولو كان الخلاف فى الفروع لا فى الأصول. و يؤدى التعصب الى الجهل لأن من يتعصب لمذهب معين ينغلق عليه ولا يسطتيع بحث ودراسة وجهة النظر الأخرى وكما قال الإمام الشافعى رضى الله عنه لا يتعصب إلا جاهل.
إن من يتعصب لرأى معين يأخذ رأيه قضية مسلمة وإن خالفت الكتاب والسنة.
فالأئمة بشر والبشر معرض للصواب والخطأ .والأئمة رحمهم الله أمروا اتباعهم باتباع الدليل وإن كان مخالفا لرأيهم لأن كل انسان يؤخذ من رأيه ويرد إلا النبى صلى الله عليه وسلم.
فالمتعصب مخالف لإمامه ومخالف لكتاب الله وسنة رسول الله صلى عليه وسلم
– إن المتعصبين يسيئون الأدب مع من يخالف مذهبهم من أئمة المذاهب الاخرى.
وهؤلا الأئمة هم السلف الصالح يجب إحترامهم وتبجيلهم ولكن المتعصبين يوجهون أقبح الألفاظ وأحط الشتائم لهؤلا العظماء وعلى ذلك فهم على خطر، رغم أن هؤلاء الأئمة العظماء لم يدعوا أحدا الي تقليدهم وانما طالبوهم بأن يأخذوا من حيث أخذوا.
ولقد ذم الله سبحانه وتعالى هؤلاء المتعصبين فقال عز وجل (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون).
رأى أئمة المذاهب:
1- قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله (لا تقلدنى ولا تقلد فلانا ولا فلانا ولكن وخذ من حيث أخذوا) وقال:(من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة).
2- وقال الإمام مالك رحمه الله (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا فى رأيى فكل ما وافق الكتاب والسنه فخذوا به،وكل مالم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه).
وقال (كل يؤخذ من قوله ويترك إلا النبى صلى الله عليه وسلم)
3- قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله:-(إذا صح الحديث فهو مذهبى) وقال (حرام على من لايعرف دليلى أن يفتى بكلامى فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا) أى حسب ما يترجح عنده رحمه الله من دليل .
وقال (إذا خالف قولى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولى)
4- قال الإمام الشافعى رحمه الله (أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد من الناس).
وقال ( إذا وجدتم فى كتابى خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا قولى).
ونبين فيما يلى جانبا من أقوال وآراء بعض كبار المراجع لدى السنة والشيعة حول تكفير بعض المذاهب غيرها من المذاهب الاسلامية الأخري :
أولا /الصحابي الجليل أنس بن مالك:
روى أبو يعلى عن يزيد الرقاشى أنه قال لأنس بن مالك يا أبا حمزة إن ناسا يشهدون علينا بالكفر والشرك، قال أولئك شر الخلق والخليقة.
ثانيا / قال الإمام أحمد بن حنبل:
“أن الإيجاب والتحريم والعقاب والثواب والتكفير والتفسيق هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وليس لأحد فى هذا حكم، وإنما على الناس ايجاب ما أوجبه الله ورسوله، وتصديق ما أخبر به ورسوله”.
ثالثا / الإمام الطحاوى:
” قال هم أهل القبلة ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق مالم يظهر منهم شئ من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى، وذلك لأنا قد أمرنا بالحكم بالظاهر،ونهينا عن الظن وأتباع ماليس لنا به علم”.
رابعا/ الإمام الغزالى:
قال أبو حامد الغزالى:” والذى ينبغى أن يميل المحصل إليه، الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلا فإن استباحة الدماء و الأموال من المصلين إلى القبلة المصرحين بقول لا اله الا الله خطأ، والخطأفى ترك ألف كافر أهون من الخطأ فى سفك محجمة من دم مسلم “.
خامسا / بيان هيئة كبار العلماء فى السعودية:
أعلن مجلس هيئة كبار العلماء فى المملكة العربية السعودية فى بيان طويل أن الاسلام برئ من معتقد التكفير الخاطئ. وأن ما يجرى فى بعض البلدان من سفك للدماء البريئة وتفجيرللمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة وتخريب المنشآت هو عمل اجرامى والإسلام برئ منه وكذلك كل مسلم يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر.
وأوضح البيان أن من يقوم بمثل هذه الأعمال بحجة التكفير إنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة، فهو يحمل إثمه وجرمه فلا يحتسب عمله على الاسلام ولا على المسلمين.
وقال البيان:
إن التكفير حكم شرعى مرده إلى الله ورسوله، فكما أن التحليل والتحريم والايجاب إلى الله ورسوله فكذلك التكفير وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل يكون كفرا أكبر مخرجا من المله.
سادسا / أية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخارسانى.
أكد أية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخراسانى أحد كبار مراجع قم الايرانية (للعربية نت)أصداره فتوى تدعوا للتعايش مع السنة والوقوف إلى جانبهم فى المرض والموت ومساعدة المحتاج منهم. نافيا ما أورده موقع أخبارى من أنه يكفر المذاهب السنية الأربعة.
وقد جاء فى فتوى الشيخ:
” كل من يشهد بوحدانية الله تبارك وتعالى ويشهد برسالة خاتم الأنبياء صلى الله عليه واله وسلم فهو مسلم ونفسه وعرضة وماله كنفس وعرض أتباع المذهب الجعفرى مصون ومحترم ومحقون”.
وأضاف: ” وواجبكم الشرعى أن تعاشروا كل من يتشهد بالشهادتين – ولو أعتبروكم كفارا – بالمعروف وتتعاملوا معهم بالتى هى أحسن. وإذا فرض أن يتعاملوا معكم بالباطل فلابد أن تلتزموا أخلاق أئمتنا ولا تزيغوا عن طريق الحق والعدل الذى ألزمونا أتباعه.
ولو مرض منهم أحد لابد من عيادته وزيارته، ولو مات منهم ميت حضرتم جنازته وشيعتموه، ولو قصدكم بحاجة لبيتم وقضيتم حاجته، ولابد أن تسلموا الحكم لله تعالى الذى يقول (ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) سورة المائدة – آية 8.
وأن تعملوا بقوله تعالى (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا) سورة النساء- آية94.
هذا قليل من أقوال العلماء تخيرناه من أقوال كبار العلماء والأئمة رحمهم الله بمنع تكفير المسلمين وقد تبين لنا أنه لا يجوز التكفير بارتكاب المعاصى مع الايمان والإقرار بالشهادتين.
دعوة التقريب بين المذاهب طريق للوحدة
إن الدعوة الي التقريب بين المذاهب دعوة رشيدة تعمل علي جمع شتات الأمه ولم شملها في وحدة قوية تحمي الإسلام والمسلمين وتدفع عنهم غائلة الأعداء والدخلاء وكذا السفهاء ومنحرفي التفكير من الذين يدعون بدعوي الجاهليه من تعصب وتطرف وإرهاب سواء كان هذا الإرهاب فكريا أو مسلحا،وسواء اتهم الآخرين بالكفر أو اعتدي علي ممتلكاتهم أو انتهك أعراضهم فالتكفير يتبعه التفجير.
فمن يكفر الناس ويتبع ذلك بعمليات القتل وهو يحسب انه يفعل ذلك حسبه لله فهو مخطئ في الحالتين. مخطئ لتكفير المسلم , ومخطئ لقتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق.
والآن قد خفت ظاهرة التعصب المذهبي وتكفير متعصبي المذاهب بعضهم بعضا،وذلك تلبية لدعوي العقلاء من فقهاء الأمه وعلمائها وأصحاب الرأي فيها. وقد راينا كيف أن علماء السلف والخلف يستنكرون التعصب والتكفير والإرهاب بكل صوره وأشكاله.
وقد بدأت بعض الدول السنية تأخذ في قوانينها بالفقه الشيعى وان يصلي الشيعي خلف السني والسني خلف الشيعي . ويبدو ذلك جليا في مؤتمرات الوحدة الإسلامية هنا حيث يصلي الجميع سنة وشيعة خلف إمام واحد وساضرب بعض الأمثله الرمزية لهذا التطور في فقه وفكر الطرفين وإجتهاداتهم:-
اولا: في إفتتاح المؤتمر الحادي والعشرين للوحده الإسلاميه دعا آية الله هاشمي رفسنجاني في كلمته الإفتتاحية الي وقف ومنع سب الصحابه والسلف وافتي بتحريم ذلك .وكان ذلك شائعا من قبل بين العامة وكثير من العلماء .
ثانيا: مسألة طهارة أهل الكتاب فقد أصدر صديقنا ححبة الإسلام والمسلمين الدكتور محمد حسن زماني كتابا في هذا الموضوع وطرح رأيه في مؤتمر عام قدم فيه ورقة هامة وناضجة انتهي فيها الي طهارتهم .وقد تناقشنا كثيرا حول رأيه وأشرت عليه بضرورة ترجمة كتابه الي اللغة العربية لأهميته فوعد خيرا.
ثالثا: مسألة الضرب والتطبير التي كانت تحدث في الاحتفالات بمولد سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه وهي مسأله تسئ إلي الإسلام وقد دعا كثير من العلماء العام الماضي والذي قبله بتحريم ذلك، وان يكون الاحتفال بما يتناسب ومقام صاحب الذكري سلام الله عليه.
رابعا: من أحدث الإجتهادات ما صدر مؤخرا عن الشيخ حسن الصفار وهو من أكابرعلماء الشيعة بالمملكة العربية السعودية من دعوته الإخوة من الشيعة بالائتمام في الصلاة بأئمة من أهل السنة وخاصة في أيام الحج والعمرة،ولا يقيمون جماعة منفردة حتي تظهر وحدة المسلمين ولا يكون هناك ما يفرق بين جماعتهم. وكان غلاة الشيعه يرفضون الصلاة خلف أئمة أهل السنة ومتعصبي اهل السنة يرفضون الائتمام بامام شيعي.
خامسا: تم جمع الأحاديث النبويه المتفق عليها بين الشيعة وأهل السنة وتولي ذلك المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية.
وهناك إجتهادات كثيرة من الطرفين يضيق المقام عن ذكرها وقد نفرد لها بحثا آخر في المستقبل إن شاء الله تعالي.
سادسا: كانت مصر تأخذ في قوانين الأحوال الشخصية بالمذهب الحنفي لسنوات طويلة وفي تطورات تشريعة لاحقة بدأت تأخذ من جميع المذاهب الإسلامية وخاصة مذهب الشيعه الاماميه .
سابعا: هناك جامعات وكليات في ايران تدريس مختلف المذاهب الإسلاميه وكذا يقوم الازهر بتدريس المذهب الشيعي الاثني عشري وسبق ان أفتي شيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت رحمه الله بجواز التعبد علي المذهب الجعفرى.
ونرى أنه في مستقبل الأيام سيزداد التعاون بين علماء الفقه السنة والشيعة بل وجميع مذاهب وفرق الأمة الاسلامية كما سيزداد أخذ المذاهب من بعضها البعض لما يخدم مصلحة الاسلام والمسلمين . وبما يؤدي الي اندماج الأمة الاسلامية لتصير كالجسد الواحد اذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق