المستشار توفيق وهبة يكتب: في ذكرى الإمام على رضى الله عنه وكرم الله وجهه
صاحب القلب العَقول واللسان المسؤول وهو أول من آمن من الصبيان، وهو ابن عم الرسول وزوج ابنته الزهراء البتول،الاحتفال بهذه الذكرى ماهو الا ثمرة من ثمار جهاد آل بيت رسول الله من اجل الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن.. ولقرب سيدنا الامام على كرّم الله وجهه وقرابته من سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقد كان أكثر الصحابة نهلا من علم الرسول واغترافا من نوره الشريففكان الامام على علماً ونوراً من علم ونور النبوة وهبه الله سبحانه وتعالى له، ولم يتيسر لغيره من الصحابة ما أودعه الله فيه من علم وفقه.
الامام موضع ثقة الرّسول :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المرجع للصحابة فى كل شيء طوال عمره الشريف، ولم يكن لأحد ان يفتى او يقضى فى أمر الا بإذنه وباقراره مصداقا لقوله تعالى: ” يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شيء فردوه الى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا” “النساء آية / 59″، وقوله جل وعلا:”وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا” “الأحزاب 136″.
عهد النبى صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة الذين سافروا الى بلاد بعيدة بالافتاء والقضاء، فقد عهد الى معاذ بن جبل بذلك حينما أرسله الى اليمن وسأله بماذا تقضى فقال: بكتاب الله، فقال فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله فقال: فإن لم تجد؟ قال: اجتهد رأيى ولا آلو، فضرب صلى الله عليه وسلم على صدره وقال: الحمد لله الذى وفق رسول رسول الله إلى ما يحبه الله ورسوله، كماعهد لبعض الصحابة بالقضاء ومنهم الإمام على ضي الله عته لأنه اكثر الناس علماً بالتشريع وبأسباب النزول،
قال كرم الله وجهه: “والله مانزلت آية إلا وعلمت فيم نزلت إن الله وهب لى قلبا عقولا ولسانا مسؤولا”
ولما سئل الامام على ما لَك أكثر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا؟ فأجاب: انى كنت اذا سألته انبأني، واذا سكت ابتدأني.. دعا له النبى صلى الله عليه وسلم أن يهدى الله قلبه، ويثبّت لسانه عندما بعثه الى اليمن فقال الامام: يارسول الله بعثتنى وأنا شاب أقضى بينهم ولا ادرى ما القضاء، فضرب النبى صلى الله عليه وسلم على صدره ثم قال: “اللهم اهد قلبه وثبّت لسانه”، قال الامام: فوالذى خلق الحبة ما شككت فى قضاء بين اثنين”.
روى الطبرى أنه لما نزل قوله تعالى: “”وتعيها أذن واعية” قال صلى الله عليه وسلم: “اللهم اجعلها اذن علي” قال الامام علي: “فما سمعت شيئا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسيته””.و كان الفاروق عمر رضى الله عنه يولى عليا خالص مودته وصافى حبه وعظيم تقديره، وبدا له ان يدعم صلته ببيت النبوة فتزوج أم كلثوم بنت الامام على وصارا اصهاراً وفى ذلك يقول عمر:” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: “كل سبب ونسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا سببى ونسبى وصهري” وكان لى به السبب والنسب فأردت أن أجمع إليه الصهر”
وفى عهد عثمان رضى الله عنه سار الامام نفس الدرب كما كان مع ابى بكر وعمر رضى الله عنهما فأخلص له النصح والمشورة، ولم يدّخر وسعاً فى مساعدته حتى تدخّل الوشاة والحاقدون فكان ما كان لكى تتم ارادة الله.
فقهه فى القضاء :
للامام على مكانة عالية فى القضاء لا يدانيها أحد ممن عاصروه، او جاؤوا بعده فقد كان أقضى أهل زمانه لأنه كان أقدر الجميع على استنباط الأحكام من كتاب الله وسنة رسوله، ثم الاجتهاد برأيه اذا انعدم النص،
وكان رضى الله عنه موضع ثقة الجميع، فكانوا يرون ان اهم القضايا واعسر المشكلات لا يحلها الا علي، لذلك قالوا: “قضية ولا أبا حسن لها”.. وكان عمر رضى الله عنه ينهى عن ان يفتى احد فى المسجد وعلى كرم الله وجهه حاضر، واعترف الصحابة جميعا بعلم الامام وفقهه، فكان عمر يقول: “والله لولا سيفه لما قام عمود الاسلام وهو بعد أقضى الأمة وذو سابقتها وشرفها” كما كان يكرر دائما:”لولا على لهلك عمر”
سبع خصال فى فضل الامام على :
قال سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم: “يا على سبع خصال لا يحاجّك أحد فيهن يوم القيامة، وأنت أول المؤمنين بالله إيمانا، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأرأفهم بالرعية، وأقسمهم بالسوية، وأعلمهم بالقضية، وأعظمهم مزية يوم القيامة”.ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: “أرحم امتى بأمتى أبو بكر، وأشدهم فى دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرأهم لكتاب الله أُبى بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبوعبيدة ابن الجراح”
من أقوال الامام كرم الله وجهه ورضي عنه :
أيها الناس احفظوا عنى خمسا، فلو شددتم إليها المطايا حتى تنضوها لم تظفروا بمثلها: ألا لا يرجون أحدكم إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحى أحدكم إذا لم يعلم أن يتعلم، فإذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم، ألا وإن الخامسة هى الصبر، فإن الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، من لا صبر له لا إيمان له، ومن لا رأس له لا جسد له”.
أن علم الامام على وفقهه منة وهبة إلهية ودعوة مباركة مستجابة من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حين قال: “اللهم اهد قلبه وثبّت لسانه” وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل:”أنا مدينة العلم وعلى بابها”.
ونختم بالذي هو خير :
( ان الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبعه باحسان الي يوم الدين وسلم تسليما كثيرا …
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق