حكم الاحتفال بليلة النصف من
شعبان
المستشار توفيق علي وهبه
تعارف بعض المسلمين منذ سنين طويلة علي الاحتفال بليلة النصف من شهر شعبان.
لكننا اذا بحثنا في كتب السنة النبوية وآثار السلف الصالح فلن نجد لهذه الاحتفالات
أي سند ديني . فلم يؤثر عن رسول الله صلي الله
عليه وسلم أنه احتفل بالنصف من شهر شعبان
كما انه لم يثبت أن أحدا من الصحابة الأطهار-وهم الخلفاء الراشدون الذين أمرنا
باتباعهم- أن أقام احتفالا خاصا بهذه الليلة بل ان الثابت شرعا و الذي أمر الصدر
الأول من المسلمين بالاحتفال به هو يوما العيدين و الوقوف بعرفات و يوم الجمعة.
وحجة الداعين إلي الاحتفال بليلة النصف من شعبان هو ما استنبطوه من قوله
تعالي في "سورة الدخان"."حم.والكتاب المبين.انا أنزلناه في ليلة
مباركه انا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم ,أمرا من عندنا انا كنا مرسلين .
رحمة من ربك انه هو السميع العليم ". "الآ يات من 1-6.:الدخان"
ولقد اختلفت العلماء في تفسير المقصود من الليلة المباركة ونبين فيما يلي
رأي كل فريق :
1- قيل أن
الليلة المباركة هي ليلة القدر وفيها أنزل القرآن الكريم جملة واحده إلي السماء
الدنيا ثم نزل منجما بعد ذلك علي النبي صلي الله عليه وسلم ويؤيد ما ذهبوا اليه قول الله
عز وجل : "انا أنزلنا في ليلة القدر" "سورة القدر".
وقوله:"شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس و بينات من الهدي و الفرقان
""الآيه 185:البقره"
2-
وقيل:المراد بليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان وهي التي يفرق فيها الرزق و الحياة و
والموت لقوله صلي الله عليه وسلم"تقطع الآجال من شعبان حتي أن الرجل لينكح ويولد له
وقد خرج اسمه في الموتي ".
3- ان
الليلة المباركة هي ليلة النصف وفيها يبتدىء تقدير الأرزاق و الحياة و الموت
وتنتهي .ليلة القدر حيث تسلم الصحف للملائكة المكلفين بتنفيذ اوامر الله سبحانه
وتعالي.
4-كما أن
هناك رأيا يقول :ان نزول القرآن جملة إلي السماء الدنيا كان ليلة النصف من شعبان أما
ابتداء نزوله منجما فكان في ليلة القدر.
و الراجح بين الفقهاء و المفسرين أن الليلة المباركة هي ليلة القدر و ليست
ليلة النصف من شعبان و يؤيد ذلك آيات القرآن الكريم ,التي تقرر نزول القرآن في
ليلة القدر وهي في شهر رمضان المعظم . وقد أوردت كتب الحديث و الفقه أحاديث نبوية قيل
أنها في فضائل شهر شعبان وفضائل ليلة النصف ولكنها أحاديث ضعيفة ونعرض منها ما
يلي:
روي الحافظ المنذري في كتابه "الترغيب و الترهيب "ان رسول الله صلي الله عليه وسلم
أخذه الأرق ليلافأخذ طريقه إلي البقيع فوقف بين القبورو اخذ يناجي ربه
ويسبحه تحت أشعة القمر و نوره الساطع و كأن السماء تفتحت . فأخذت
عائشة تتحسس مكانه فلم تجده فأخذتها الغيرة التي تأخذ النساء وذهبت تسأل عنه في بيوت
ازواجه فلم تعثر عليه فعادت ادراجها إلي البيت إذا بها تسمع الرسول يسبح في جوف
الليل وهو آت من البقيع فأسرعت إلي مخدعها و دخلت في فرشها وقد علم الرسول
بأمرها فدخل بيته و قام إلي القربة فتوضا
و أحسن الوضوء ثم قام ألي الصلاة فأطال القراءه ما شاء الله أن يطيل و أحسن الركوع
ما شاء الله أن يحسن و أطال السجود. .ثم
صمت طويلا فظنت عائشة أن الرسول قد قبض وامسكت بأصبع رجله فتحرك وسمعته يقول في
سجوده"سجد لله سوادي و آمن بك فؤادي هذه يدي التي جنيت بها علي نفسي يا عظيم
اغفر الذنب العظيم فانه لا يغفر الذنب العظيم الا الرب العظيم, أقول كما قال أخي داوود أعفر وجهي بالتراب لسيدي . اللهم
اني أعوذ بك منك سبحانك لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت علي نفسك"
ثم صحا و استغرق في السبحات و السجدات و تشهد و
انصرف من الصلاة و التفت إلي عائشة وقال :
"يا ابنة الصديق لعلك ظننت أن رسول الله قد خان بعهدك هذه الليلة . يا
عائشة لقد نزل علي الليلة آيات وتلي قوله تعالي :( ان في خلق السموات والأرض
واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي
جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب
النار ) " الآيتان 1909 -191 : آل عمران " يا عائشة ويل لمن قرأها ولم
يتفكر , يا عائشة لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالفرش
ولخرجتم الي الصعدات تجأرون وتدعون حتي تلقوا ربكم , يا عائشة أما تدرين ما هذه
الليلة ؟ " قالت الله ورسوله أعلم , قال : "هذه ليلة النصف من شعبان
يغفر الله للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويدع أهل الحقد كما هم ."
وفي رواية أخري : " ان
الله عز وجل يتجلي ليلة النصف من شعبان علي خلقه فيغفر لهم الا تارك الصلاة ومانع
الزكاة أو عاق والديه أو شاهد زور أو شارب خمر أو حاقد أو حاسد " .
ومن أبرز فضائل شهر شعبان أن
الرسول صلي الله عليه وسلم كان يكثر فيه من الدعاء وعمل الخير , كما كان يكثر فيه
من الصوم, وقد سئل صلي الله عليه وسلم : (أي الصوم أفضل بعد رمضان قال : "
شعبان لتعظيم رمضان "
والاجتماع ليلة النصف والدعاء
الجماعي فيه لم يؤثر عن النبي صلي الله عليه وسلم ولا عن صحايته رضوان الله عليهم
, ولكن الذي صح عن النبي صلي الله عليه وسلم هو فضل شهر شعبان كله لا فرث بين ليلة
وأخري وقد طلب فيه الاكثار من الصوم وعمل الخير والدعاء فيدعو كل انسان بما يحب
ولكن ليس بالطرية الجماعية المشار اليها .
فالدعاء محبب ومطلوب من كل مؤمن
في كل وقت سواء أكان في شهر شعبان أو غيره من الشهور . يقول الله تعالي : (ادعوني
أستجب لكم ) " الآية 60 من سورة غافر . وفي الحديث ان الله يحب الملحين في
الدعاء " وقوله صلي الله عليه وسلم : " ادعو الله وأنتم موقنون بالاجابة
وفق الله المسلمين الي طريق
الصواب والهدي والخير .
( ربنا لا تزغ قلوبنا بع اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق