المستشار توفيق وهبه يكتب :رمضان شهر القرآن و الصوم و الجهاد
حكمة فريضة الصوم:
“شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي و الفرقان”
“صدق الله العظيم”
فرض الله – سبحانه و تعالي – الصوم في شهر رمضان تكريما و تعظيما لهذا الشهر,وشكرا وتقربا من المسلمين لخالقهم سبحانه و تعالي لنزول القرآن الكريم في ليلة مباركة من ليالي شهر رمضان المعظم يقول جل جلاله : “ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون .* أياما معدوادات فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام آخر وعلي الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له و أن تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون .* شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي و الفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه من كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر و لتكملوا العدة و لتكبروا الله علي ما هداكم و لعلكم تشكرون” سورة البقرة 183 /184
لقد بينت هذه الآيات حكمة فرض الصوم في شهر رمضان بالذات , وهي –كما سبق أن قلنا –أنه بدأ فيه نزول القرآن علي الرسول صلي الله عليه وسلم ,كما ورد ذكر نزول القرآن في رمضان في سورة القدر أيضا يقول الله سبحانه وتعالي : “انا أنزلناه في ليلة القدر .* و ما أدراك ما ليلة القدر*. ليلة القدر خير من ألف شهر*.تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل أمر*.سلام هي حتي مطلع الفجر”سورة القدر 1/5
و يقول جل شأنه في أول سورة الدخان “حم * والكتاب المبين * انا أنزلناه في ليلة المباركة انا كنا منذرين *.فيها يفرق كل أمر حكيم *.أمر من عندنا انا كنا مرسلين *رحمة من ربك انه هو السميع العليم *”.سورة الدخان 1/6
يقول الامام الشيخ محمد عبده في تفسير ذلك “قال الشعبي:المراد من نحو أنزلناه وأنزل فيه القرآن الابتداء بأنزلناه خصوصا و القرآن كله, و الجملة منه وان قصرت ,كل ذلك يسمي قرآنا ويسمي كتابا فالضمير في أنزلناه في هذه السورة عائد إلي الكتاب المبين في آية الدخان المتقدمة و المراد بأنزلناه شىء منه . و هو المعني من قوله “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن” أي ابتدأ فيه انزاله أي ان أول ما أنزل منه , نزل في شهر رمضان “. من ذلك يتبين أن القرآن بدأ نزوله علي الرسول صلي الله عليه وسلم في ليلة من ليالي شهر رمضان المعظم التي سماها سبحانه و تعالي ليلة القدر و هي ليلة مباركة طلب منا الرسول صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم احياءها بالعبادة و الخشوع شكرا الله تعالي علي ما أنعم بنعمة القرآن و علي ما هدانا إلي شهر رمضان من ثم يجب علينا ان نشكره سبحانه وتعالي علي نعمته “رب أوزعني أن أشكر نعمتك”
بيان فضل القرآن:
يقول صلى الله عليه وآله وصحبه و سلم في بيان فضل القرآن علينا “كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم و خبر من بعدكم و حكم ما بينكم . و هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله .و من ابتغى الهدى في غيره اضله الله . هو حبل الله المتين و نوره المبين و الذكر الحكيم و هو الصراط المستقيم .وهو الذي لا تزيغ به الاهواء و لا تلتبس به الالسنة ولا تتشعب معه الاراء و لا يشبع منه العلماء و لا يمله الاتقياء و لا يخلق على كثرة الرد و لا تنقضي عجائبه ،و هو الذي لم تنته الجن اذ سمعته ان قالو (انا سمعنا قرأنا عجبا يهدي الى الرشد فأمنا به) من علم علمه و من قال به صدق و من حكم به أجر و من دعا اليه هدى الى صراط المستقيم”
هذا هو كتاب الله و قرأنه كما بينه رسول الله صلى الله عليه و سلم يهدى الى الخير و ينهى عن الشر و ينير الطريق للمؤمنين انه معجزة نبينا عليه افضل الصلاة و اذكى السلام أفلا نكون عبادا شاكرين فنتقدم الى خالقنا جل جلاله في شهر رمضان شهر نزول القرأن الكريم خاشعين متضرعين فنصوم نهاره و نقوم ليله , نصلي لله و نتقرب اليه تعالى بقرأة القرأن ، نعم القرأن الذي يشفع للانسان يوم القيامة . يقول صلى الله عليه و سلم :” الصيام و القران يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: اى رب: منعته الطعام و الشهوة فشفعني فيه، و يقول القرأن منعته النوم بالليل فشفع فيه فيشفعان”.
ان الصوم خير عبادة يتقرب بها العبد الى ربه ففيه تشبه بالملائكة عليهم السلام و قد جعل الله سبحانه و تعالى الصوم له حيث يقول في حديث القدسى “كل عمل ابن أدم له الا الصوم فانه لى و انا أجزى به ” وقد خص الله تعالي الصوم بهذا الفضل دون باقي العبادات فقد يؤدي الفرد العبادات الأخري رياء الناس أما الصوم فهو الصلة بين العبد و ربه و سر لايعلمه الاعلام الغيوب . و ليس المقصود من الصيام الامتناع عن الأكل و الشراب و الشهوة فقط وانما هو أيضا الابتعاد عن كل الأفعال التي تغضب الخالق سبحانه و تعالي , و تبعد الانسان عن ربه كامنتاعه عن أكل أموال الناس بالباطال وقول الزور وأكل الربا و الغيبة و النميمة…الخ يقول صلي الله عليه وسلم: ” من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعمة وشرابه ” ويقول : “رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع,و قائم ليس له الا السهر”ويقول أيضا : ” ليس الصيام من الاكل و الشرب و انما الصيام من اللغو و الرفث ” وليس المقصود من الصيام الاسراف في الطعام عند الافطار و تخزين كل ما تشتهيه النفس لشهر رمضان لان الله سبحانه و تعالي لا يحب الاسراف و لا المسرفين يقول الله”ان المبذرين كانو اخوان الشياطين و كان الشيطان لربه كفورا”
يقول صلي الله عليه و سلم “ما ملأ ابن ادم وعاء شرا من بطنه ” ويقول لقمان الحكيم عليه السلام “اذا امتلأت المعده خرست الحكمة, ونامت الفطنة و سكنت الاعضاء عن العبادة”.
رمضان فيه رحمة و جنة للصائمين :
لقد جاء شهر رمضان فيجب علينا ألا نترك الفرصة تمر من أيدينا بل يجب ان نتقرب الي الله وأن نعمل بكتابه الكريم و سنة نبيه عليه السلام : فان السعيد من خرج من هذا الشهر المكرم مغفورا له .
وقد نبهنا رسول الله الي فضل رمضان حيث قال :” اتاكم شهر رمضان بركة ,يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة يحط الخطايا ويستجيب الدعاء و ينظر فيه الي تنافسكم في الخير . و يباهي بكم ملائكته فأروا الله من انفسكم خيرا فان الشقي من حرم من رحمة الله عز و جل” و قال صلى الله عليه و سلم : “ان في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل احد غيرهم ، يقال أبن الصائمون فيقومون . لا يدخل منه غيرهم . فاذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد”
رمضان شهر الجهاد و النصر :وقعت فيه أكبر المعارك التي غيرت وجه التاريخ و كان فيه النصر و العزة للمسلمين … ففيه وقعت غزوة بدر الكبرى التي نصر فيها الله سبحانه و تعالى المسلمين على الكفار, رغم قلة عددهم و كثرة العدو و عدته .
و فيه كان نصر الله و الفتح , حيث من الله على المسلمين بفتح مكة و دحر قوى البغي و العدوان و ارتفعت راية الاسلام عالية و انتصرت مبادئة السامية , و كانت غزوة تبوك هي أخر غزوات الرسول صلى الله عليه و سلم و كانت كذلك في شهر رمضان ـ و لقد حدثت كثير من المعارك الاسلامية و كان النصر فيها للاسلام منها معركة عين جالوت التي انتصر فيها المسلمون علي جيش التتار الذي دمر كل البلاد التي دخلها حتى أوقف جيش مصر زحفهم و قضى على اسطورتهم و خلص العالم من شرهم .
و كانت اخر المعارك التي خاضها المسلمون في شهر رمضان معركة العبور في العاشر من رمضان 1973 حيث دمر جيش مصر أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر و عبر أكبر مانع طبيعي و حطم أكبر مانع صناعي في تاريخ الحروب و هما قناة السويس و خط بارليف ، و كتب الله النصر لجيشنا الباسل .
أننا نتوجه الى الله سبحانه و تعالى في هذه المناسبة المباركة ندعوه ان يقبل صيامنا و قيامنا و ان يغفر ذنوبنا . كما نسأله سبحانه بحق هذا الشهر ان ينصرنا نصرا عزيزا مؤزرا علي قوي الارهاب والتكفير فنرد كيدهم وندحر اعداءنا ليبقى هذا الوطن دائما عزيزا كريما شامخا حتى يتحقق وعده سبحانه و تعالى :
(و كان حقا علينا نصر المؤمنين )
اللهم ” أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم لا الضالين ” .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق