العلماء: طنطاوي مثال للعالم الزاهد المدافع عن الإسلام |
حجم الخط |
|
تاريخ النشر: الجمعة 12 مارس 2010
عمرو أبوالفضل وأحمد شعبان
لم يعرف الأزهر على مدى تاريخه الطويل إماماً أثار وأثير حوله الجدل مثل الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي الذي رحل عن الدنيا في المملكة العربية السعودية أمس الأول “الاربعاء” عن عمر يناهز اثنين وثمانين عاماً إذ ولد الإمام الراحل في الثامن والعشرين من أكتوبر 1928 بقرية سليم الشرقية -مركز طما- محافظة سوهاج في صعيد مصر.
قد خاض الإمام الراحل معارك فقهية وغير فقهية ضارية وصل بعضها الي ساحات القضاء. وربما جاءت هذه المعارك ليس بسبب آراء الإمام الراحل ولكن لأنه رحمه الله تولى مشيخة الأزهر في فترة حراك مجتمعي صاخب ووسط انتشار غير مسبوق لوسائل الإعلام من صحافة وفضائيات مما جعل كل شيء قابلا للنقاش بلا محاذير حتى ما يتعلق بمقام شيخ الأزهر نفسه.
وقد استقبلت الساحة الدينية والدعوية نبأ وفاة الدكتور محمد سيد طنطاوي بحزن بالغ. وأكد العلماء والدعاة أن رحيل شيخ الأزهر خسارة كبيرة للثقافة العربية والفكر الإسلامي والتأصيل المعرفي وللأمة الإسلامية والدعوة.
ويقول مفتي مصر الدكتور علي جمعة إن الأمة الإسلامية فقدت بموت فضيلة الدكتور الشيخ محمد سيد طنطاوي المفسر اللغوي والفقيه الكبير علماً من أعلامها وكوكباً من كواكب الهداية في سمائها ورمزاً شامخاً من رموزها العظام، فقد عاش عمره في خدمة العلم والقرآن والإسلام والأزهر.
وأضاف أن موت العلماء مصيبة على الأمة خصوصاً إذا تكرر فقدهم واحداً بعد الآخر وقد ترك الدكتور طنطاوي وراءه علماً زاخراً وتفسيراً باهراً للقرآن الكريم، ويعتبر أحد أبرز دعاة العالم الإسلامي وعاش حياته داعياً الى الله عز وجل حاملا هم تبليغ رسالة الإسلام وعالميته الى شعوب الأرض وقدر الله أن يتوفاه وهو يخدم الإسلام والمسلمين في أرض الحرمين الشريفين.
وقال د. علي جمعة: ونحن نقف مودعين لهذا الرجل العالم الرباني والذواقة الإيماني وأحد المربين الذين نوروا القلوب بعلم الإسلام، وبهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وربط الناس بالله وحشدهم في ساحة هذا الدين لا يسعنا إلا أن ندعو الله تبارك وتعالي أن يغفر للشيخ ويتقبله في الصالحين ويجزيه عن الأزهر وعن العلم وعن القرآن وعن الإسلام وأمته خير ما يجزي به العلماء العاملين والدعاة الصادقين والأئمة المجاهدين، ونسأله أن يعوضنا عنه خيراً.
وقال الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر إن الأمة الإسلامية سيصعب عليها أن تعوض فضيلة الإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي في علمه وتواضعه وزهده وحرصه على قضايا أمته الإسلامية ودفاعه عنها وسعيه لاثبات الرأي الشرعي السديد بالنسبة للقضايا المعاصرة التي تواجه المسلمين في حياتهم العامة.
وأكد أن هذا الشيخ الجليل لايعوض بكل تأكيد لما تميز به من صفات أخلاقية وعلمية ولتواضعه الشديد لدرجة أن أي مواطن بسيط في أي مكان يمكن أن يتصل به مباشرة أو يدخل مكتبه بلا سابق موعد.
وقال إن الإمام الراحل كان زاهداً في الدنيا، مشيراً الى عدد من المواقف المؤيدة لذلك حيث رفض أن تتحمل جامعة الازهر تكاليف علاجه بالمستشفى عندما كانت تجرى له جراحة في القلب واصر على أن يدفع تكاليف علاجه من حسابه الخاص رغم انه كان استاذا غير متفرغ بالجامعة.
وقال د. الطيب إن الدكتور طنطاوي من أكبر علماء المسلمين على الاطلاق في تفسيره للقرآن الكريم وحرصه على الدفاع عن الحق والتصدي للقضايا الخطيرة التي تهم الأمة كما كان رائدا للتسامح والمصالحة والتعايش بين المسلمين والمسيحيين حيث عقد اتفاقيات ولقاءات مع أكبر مؤسسة مسيحية في الغرب وهي الفاتيكان وكان يدعو دائما الى الحوار بين المسلمين والغرب في إطار من الشريعة الإسلامية وتحقيق المصالح المشتركة.
وعدد د. أحمد الطيب مواقف الدكتور طنطاوي من القضايا الحياتية ومنها حرصه على ابداء الرأي الشرعي في نقل وزراعة الأعضاء والذي أصدره مجمع البحوث الإسلامية برئاسته وايده علماء المسلمين من مصر والخارج مشيراً الى دفاع الإمام الأكبر عن الصحابة ووقوفه بقوة ضد كل من يعتدي عليهم وقد تمثل ذلك في آخر مؤتمر حضره الشيخ طنطاوي حول الصحابة قبيل أيام من وفاته.
وقال إن جهود الفقيد بارزة ومشهودة في مجال الفكر والدعوة الإسلامية. مضيفاً أنه استطاع بفكره الخلاق أن يحافظ على مكانة الأزهر العلمية العريقة والعالمية وتنشيط الدور الذي يقوم به هذا الصرح في تخريج أجيال من المثقفين والعلماء ذوي التمكن والإتقان على منهج الاعتدال والوسطية.
العالم الفقيه
وقال الدكتور زكي عثمان –رئيس قسم الدعوة بجامعة الأزهر- إن موت الإمام الأكبر- رحمه الله- ليس كموت رجل من الناس بل إنه موت لكثير من العلم وموت لكثير من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن الله تعالى يحفظ البلاد بالعلماء العاملين والراحل كان عالماً وفقيهاً مجدداً.
ويضيف أن الإمام الأكبر عاش كل حياته للإسلام والمسلمين. فقد بذل الكثير لخدمة العلم والثقافة الإسلامية واجتهد في علاقته بالكتب في مختلف فروع الثقافة الإسلامية من توحيد وفقه وحديث وتفسير ولغة وأصول فقه وكان قارئاً كاتباً مفتياً.
وقال الدكتور محمد نبيل غنايم -مستشار مركز الدراسات الإسلامية بجامعة القاهرة- إن شيخ الأزهر ضرب المثل والقدوة في التعامل مع المخالفين فلم يكن يضيق صدره بسائل ولا مستفت ويتحمل من الناس ما لا يستطيع أكثر الناس تحمله. بل حتى الذين كان الشيخ يخالفهم ما كان يسبهم ولا يهينهم بل يترفق بهم ويحرص على أن يبين لهم صحيح الإسلام ولم يعرف أن الشيخ انتصر لنفسه أَبدا.
ويضيف إن د.طنطاوي -رحمه الله- كان يحرص على الكتابة لكثير من الصحف ويرد على الذين يجاهرون بالحديث في أمور الدين بغير علم بالكتاب والسنة. وكان يفرق بين من يجتهد بدافع المصلحة العامة ومن يسعى لإثارة الفتن ولفت الأنظار بالآراء المخالفة.
ويقول إن منهجه في الرد على المخالفين كان يتسم بالمرونة والرغبة في إظهار الموقف الشرعي الصحيح فكان ينظر فيما إذا كان الرأي المخالف قد خالف مخالفة صريحة للكتاب أو السنة أو الإجماع فيكون رده بأسلوب رفيع وأدب جم مع بيان الأدلة من الكتاب والسنة. وإذا كان الرأي المخالف قد خالف في مسائل الاجتهاد كان يحرص على ذكر القول الذي يرجحه بالأدلة ويفند أدلة القول الآخر وكل ذلك بلا تجريح أو لجوء لعبارات التعنيف أو التقليل من شأن المخالف.
وعبر الشيخ علي عبدالباقي –الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية- عن حزنه العميق لرحيل الدكتور طنطاوي. وقال إن الشيخ كان متفرداً في مجالات كثيرة منها حرصه على المصلحة العامة وسعيه لتطوير الأزهر والنهوض بمؤسساته.
وقال إنه كان يفتح مكتبه من أول وقت العمل إلى آخره وكذلك في منـزله فهو يرد على الهاتف، ثم يرد على الفتاوى المكتوبة التي تعرض عليه وتحتاج لعلمه الغزير، ويسمع مشاكل من يعملون معه ويسعى لحلها بهمة وأبوية وخلق رفيع.
خسارة فادحة
وأكد الدكتور محمد الشحات الجندي- الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية- أن وفاة الدكتور طنطاوي الذي كرس حياته للعلم وخدمة الإسلام والمسلمين خسارة فادحة للأمة الإسلامية التي طالما استفادت بعلمه وجهوده الخيرة التي بذلها على صعيد العلم وخدمة الإسلام والدعوة الإسلامية والعلوم والثقافة الإسلامية.
ويقول: كان رحمه الله شيخاً معلماً وموجهاً وناصحاً وحريصاً على الاهتمام والعناية بطلابه، فلقد أخذنا عنه العناية بالدقة في إصدار القرار الحكيم أو الفتوى أو الرأي، وأخذنا عنه المرونة في النقاش، وتبادل الآراء والوقوف عند الحقيقة والبعد عن التعصب للرأي.
ويضيف إن د.طنطاوي كان يحرص على المشاركة في القضايا والمسائل والبحوث العلمية، ورغم مكانته العلمية وإقرار الجميع بفضله وفقهه وغزارة حصيلته العلمية، فهو لا يتعصب لرأي وعرف عنه الحرص على أن يسمع الرأي في المسألة من كل العلماء الذين يشاركون معه في البحث، ولكنه حينما يظهر له فيها رأي يعتقده فهو يتمسك به، ولا يرجع عنه إلا بمبرر شرعي ظاهر.
ويقول الدكتور محمد عبد العزيز واصل- وكيل شيخ الأزهر- إن الفقيد كان طابعه وسلوكه في العمل النصح والرأفة والرحمة والتقدير لزملائه ومرؤوسيه في العمل ويرعى حقوقهم ويحترم مشاعرهم ويقدر جهودهم ويكره الحديث فيما يكرهون. مضيفا انه كان مثالا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان من دأبه عندما يسمع بمكان تحدث فيه مخالفة أن يطلب من أهل العلم في ذلك المكان التحقق والكتابة له فإن أكدوا له ذلك كتب للمسؤول عنه وخوفه من الله وضرورة إزالة المخالفة، وكان يتابع الأمر ليتأكد من إزالة هذه المخالفة.
وقال إنه حرص على أن يحقق أهداف ومقاصد الأزهر وغايته في نشر سماحة الإسلام ووسطيته واعتداله وتأصيل الخطاب الإسلامي المعاصر وتناول مختلف القضايا المعاصرة وإعداد الكوادر والدعاة وإتاحة الفرصة أمام المجتهدين والنابغين.
صبر جميل
وتقول الدكتورة آمنة نصير -استاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر- إن الدكتور طنطاوي كان من أبرز علماء الأمة المستنيرين ومواقفه كلها تعكس مكارم الأخلاق التي كان يتمتع بها. فقد كان عالماً وسطياً لا يعرف الغلو والتشدد. وتحمل الكثير من أصحاب الآراء المتشددة بصبر جميل. ويكفي موقفه في قضية النقاب والتي حاول البعض استغلالها بشكل سييء ولم يكتف بإعلان رأيه الواضح والذي يستند الى صحيح الشريعة والسنة من القضية وأن النقاب عادة وليس عبادة لكنه حرص على أخذ المشورة وعرض الأمر على المجلس الأعلى لعلماء الأزهر وعلى مجمع البحوث الإسلامية.
وتضيف: رحمه الله رحمة واسعة فقد كان مجاهداً في سبيل الله يحاول التصدي لكل قضية تثير البلبلة في المجتمع. وكان آخر تلك القضايا دفاعه عن صحابة رسول الله بعد أن وجد بعض التطاول من فئة تدعي العلم وللأسف وجدوا منابر من خلال بعض الفضائيات يبثون فيها هذه الادعاءات المخالفة لوصية الرسول عليه الصلاة والسلام. وآخر ما تركه بحث قيم أعده بنفسه ليفند الأكاذيب والإدعاءات المسيئة لصحابة الرسول الكريم وعرضه في افتتاح المؤتمر الأخير لمجمع البحوث الإسلامية. وكان قد طلب بنفسه مناقشة تلك القضية التي تتعلق بالتشكيك في الصحابة.
وقالت الدكتورة ماجدة هزاع -استاذ الفقه بجامعة الأزهر- إن الدكتور طنطاوي كان مثالا للأب الحنون ويحتوي الجميع وتغلبه مشاعر العطف والحنو على أبنائه ولم اقصده في مكتبه الا ووجدت بابه مفتوحاً لكل الناس ولا يرد أي سائل. وكنا نشفق عليه من الإجهاد لكنه كان رحمه الله مثالا للنشاط والتفاني في سبيل اداء رسالته والدفاع عن الدين.
وأضافت: فور سماعي نبأ وفاته تذكرت كل لقاءاتي مع العالم الجليل وكلها كانت مغلفة بالود والرحمة والإنسانية. واذكر كيف استقبلني ومعي طفلتي الصغيرة منذ سنوات وكان عمرها ثلاثة أشهر في ذلك الوقت ووجدته يتعامل معي كأب وأخذ يهنئني ويقبل يدي ورأس ابنتي بحنان فلم يكن يعرف التعالي والكبر رغم مكانته العلمية والدينية الرفيعة.
وقالت إن مواقفه الإنسانية لا تنسى وكلها دروس وعبر وكان آخر مواقفه من المدرس الذي ضرب التلميذ بقسوة لأنه لم يحفظ “سورة النحل” فقد استضاف الطفل ووالده وقدم لهما ترضية حيث لم تعجبه تلك القسوة مع الصغير حتى لا يكره الدين. بل حول تلك الواقعة الى ذكرى طيبة يفتخر بها الصغير. كما اتخذ موقفا حاسما مع المدرس وأحاله الى التحقيق.
وتقول الصحفية علا عامر: كنت قريبة من الدكتور طنطاوي على مدى ثماني سنوات. وكنت الاحظ ان برنامجه اليومي حافل بالأنشطة واللقاءات وكان من عاداته أن يعود من أي رحلة له خارج البلاد الى مكتبه ثم بعد ذلك يتوجه لمنزله وفي رحلته الأخيرة ترك حقيبة أوراقه بالمكتب وكان ذلك في نفس يوم سفره الى السعودية حيث توجه من المكتب الى المطار وكان المقرر أن يعود في اليوم التالي.
وأضافت: د. طنطاوي كان يتميز بالعاطفة الجياشة ورقة المشاعر ولن انسى موقفه وتأثره الشديد من حادث اغتصاب تعرضت لها امرأة كانت بصحبة زوجها حيث غلبته مشاعر التأثر واقترح على مجمع البحوث الإسلامية اثناء مناقشة مشروع قانون زراعة ونقل الأعضاء البشرية أن تؤخذ أاعضاء المغتصبين المحكوم عليهم بالإعدام بلا استئذان. وكان يرى أنه لابد أن يعاقب هؤلاء المتوحشون عقوبة مشددة.
شيخ الأزهر الراحل طلب العلم من المهد إلى اللحد
القاهرة (الاتحاد) - ولد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر في 28 أكتوبر 1928 بقرية “سليم الشرقية” التابعة لمركز طما في محافظة سوهاج بصعيد مصر، وبدأ -رحمه الله- حفظ القرآن وقراءة الفقه وهو في العاشرة بمدينة الإسكندرية.
وساهمت دراسته الدينية في تشكيل شخصيته حيث التحق بالأزهر، وتميز بالقدرة على التحصيل العلمي والبراعة في الحفظ، وشغف بالتفسير والحديث والقراءات.
وحصل على إجازة عالية من كلية أصول الدين في جامعة الأزهر في عام 1958. وعمل في عام 1960 إماما وخطيبا ومدرسا في وزارة الأوقاف المصرية واشتهر بالقدرة على الخطابة وأقبل الناس على دروسه التي تميزت بالفصاحة والبساطة والاعتدال.
وأمضى طنطاوي جل سنوات شبابه في البحث والاستزادة من العلم وطلب الحديث فواصل دراساته العليا وحصل على الدكتوراه في علوم الحديث والتفسير عام 1966 بتقدير امتياز من كلية أصول الدين، وتولى في عام 1968 التدريس في قسم التفسير والحديث في ذات الكلية التي تخرج فيها، ثم انتدب للتدريس في ليبيا لمدة 4 سنوات، وترقى في مسيرته الأكاديمية فتولى عمادة العديد من الكليات الإسلامية بالجامعات العربية، فأصبح في عام 1976 عميدا لكلية أصول الدين في أسيوط ، ثم عميدا للدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة في عام 1985، وعمل بعدها كعميد بكلية الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
واختير الدكتور طنطاوي في 28 أكتوبر 1986، مفتيا للديار المصرية وكان ترتيبه الخامس عشر، وشغل هذا المنصب حتى تم تعيينه شيخا للجامع الأزهر في عام 1996.
وكان -رحمه الله- واحدا من ابرز علماء الأزهر وأغزرهم علما، لا سيما في علم التفسير. وصنف في علوم القران، والسنة وعلومها ، والفقه وأصوله، وترك ثروة دعوية ودينية وفكرية كبيرة والعديد من المؤلفات التي زخرت بها المكتبات الإسلامية في مصر والدول العربية والإسلامية.
ويعد “التفسير الوسيط للقرآن الكريم” والذي يقع في أكثر من 7 آلاف صفحة وطبع منه عدة طبعات آخرها عام 1993 واستغرق في كتابته أكثر من عشرة أعوام من أهم مؤلفاته ومن أشهر التفاسير فقد نهج فيه منهجا علميا أصيلا واوجز في لفظه مع شمول معانيه، وقد جعل الله له قبولا عظيما بين الناس وانتشارا، وعده العلماء من اشمل التفاسير التي ظهرت في العصر الحديث، حيث يتسم بالبساطة والاستفاضة.
ومن مؤلفاته البارزة أيضا كتب “بنو إسرائيل في القرآن الكريم”، و”معاملات البنوك وأحكامها الشرعية”، و”الحوار في الإسلام”، و”الاجتهاد في الأحكام الشرعية”، و”أحكام الحج والعمرة”، و”الحكم الشرعي في أحداث الخليج”، و”تنظيم الأسرة ورأى الدين”، و”الرأي الشرعي في النقاب”، و”الحجاب والتصوف في الإسلام”، و”الجهاد في الرؤية الشرعية” وعشرات من البحوث والدراسات والمجلدات في مجال الفتوى والفكر الاسلامي.
وتبنى الإمام الأكبر خلال السنوات الماضية خطة لتطوير الأزهر والنهوض بمناهج عمل المؤسسات الدينية وآلياتها، وتحديث التعليم الازهري ومراجعة مناهجه فكان يدعو إلى ضرورة التركيز على استخدام العقل في المناهج وتخليص العلوم الشرعية من الإسرائيليات والحفاظ على اللغة العربية والنهوض بها وتطوير الخطاب الديني لملاحقة التطورات والمستجدات التي يشهدها العالم وكان ينادي بضرورة إعداد وتخريج دعاة يدركون الواقع وتأصيل منهج فتوى يراعي وسطية الإسلام وسماحته.
د. محمد يونس (أبوظبي)- فقدت الأمة الإسلامية فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الذي وافته المنية، عن عمر يناهز الـ82 عاماً، يوم الأربعاء الماضي .ليختتم نصف قرن قضاها في خدمة الدعوة وفق خطاب ديني يقوم على الوسطية والاعتدال، وقدم خلالها 19 كتابا وآلاف الفتاوى والآراء الفقهية التي أثار بعضها جدلا واسعا على الساحة الإسلامية .
اتبع طنطاوي خطابا دينيا يقوم على الوسطية والاعتدال منطلقا من قوله تعالى “ ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن” ولكنه أيضا طرح فتاوى وآراء كسرت الجمود الفكري في بعض المسائل الدقيقة والحساسة مثل فتاويه بشأن شهادات الاستثمار والمعاملات المصرفية الحديثة والحج المجاني الحكومي في دولة تشكو من الديون ، وإجازة عمليات نقل الأعضاء البشرية، وجواز إجهاض المغتصبة، وقراره بحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الدراسة أواخر العام الماضي. أما آخر فتاويه فقد صدرت قبل أيام من رحيله حيث رفض استبدال الأذان بفرنسا بومضات ضوئية.
تجديد الخطاب الديني
واعتبر شيخ الأزهر الراحل أن تجديد الخطاب الديني سنة كونية، مشيراً الى ان التجديد لا يعني هدم الثوابت أو المساس بأصول العقيدة، فالتجديد إنما يكون لمواكبة العصر المتطور مطالبا الدعاة ان يهتموا في خطابهم الديني بالموضوعات الممزوجة بالمستجدات والتي تشغل أذهان الناس، مؤكدا أن التجديد من أهم سمات الدين الإسلامي وسبب من أسباب صلاحيته لكل زمان ومكان.
وذكر في أكثر من مناسبة أن أبرز مقومات تجديد الخطاب الديني تتمثل فيا يلي:
أولا: ان يكون الخطاب الديني نابعاً من كتاب الله عز وجل، ثانياً: يجب ان يكون الخطاب الديني قائما ومستمدا من السنة النبوية المطهرة، باعتبارها شارحة ومفسرة لما جاء في القرآن الكريم.
ثالثاً: أن يكون الخطاب الديني مواكباً للأحداث، فيقوم الدعاة بمخاطبة الناس وحل مشكلاتهم، عن طريق مواكبة الدعاة للمتغيرات والأحداث التي يمر بها المجتمع بأن يجدد الداعية المسلم المعلومات والأفكار.
وأكد في هذا السياق على ضرورة أن يعمل هذا الخطاب على إصلاح الفرد لأن في إصلاح الفرد، إصلاح للمجتمع .
رابعاً: ان يكون الخطاب الديني قائماً على الصدق بعيداً عن الشبهات.
خامساً: أن يقوم الخطاب الديني على الوسطية والاعتدال والتواضع حتى يكون له أثره في النفوس.
واشترط الدكتور طنطاوي أن يكون خطابا عقلانيا بعيدا عن الخرافات فالإسلام لا يرفض كل ما يقبله العقل ولا يوجد صدام بينهما، كما أوضح شيخ الأزهر أن الرسل جميعا جاءوا برسالة واحدة في أصولها تقوم على التحلي بمكارم الأخلاق. وحدد شيخ الأزهر المواصفات التي يجب أن تتوافر فيمن يحمل لواء الخطاب الإسلامي، وهي –على حد قوله-: “أن يكون مخلصا لأمته، حافظا لكتاب الله، والسنة المطهرة، متفتح الذهن، دارسا للعلوم المتخصصة إعلاميا، ولديه إلمام ببعض العلوم الأخرى التي تخدمه في عمله، وأن يكون عاملا بما يقوله، ولديه غيرة على دينه وإسلامه”.
تفسير القرآن الكريم
قدم الفقيد لأمته الإسلامية عددا من المؤلفات البارزة في مقدمتها التفسير الوسيط للقرآن الكريم الذي يبلغ زهاء خمسة عشر مجلدًا وأكثر من سبعة آلاف صفحة وقد طبع هذا التفسير عدة طبعات أولها عام 1972م .و كتبه فضيلته في بضعة عشر عامًا ،و بذل فيه أقصى جهده ليكون تفسيرًا محررًا من الأقوال الضعيفة والآراء التي لا سند لها من النقل الصحيح أو العقل السليم وكان منهج فضيلته البدء في شرح الألفاظ القرآنية شرحًا لغويًّا مناسبًا ثم بيان سبب النزول إن وجد وكان مقبولا، ثم ذكر المعنى الإجمالي للآية أو الآيات ثم تفصيل ما اشتملت عليه الآية أو الآيات من وجوه بلاغية ومن أحكام شرعية ومن آداب قويمة وعظات بليغة وتوجيهات حكيمة، مُدعِمًا كل ذلك بالآيات الأخرى وبالأحاديث النبوية الشريفة وأقوال المحققين من علماء السلف والخلف. وقد توخى فضيلته في هذا التفسير أن يكشف عمَّا اشتمل عليه القرآن الكريم من هدايات جامعة ومن تشريعات جليلة وآداب فاضلة .
ومن مؤلفاته التي تركت بصمة على الساحة الفكرية “بنو إسرائيل في القرآن والسنة” الذي طبع عام 1969م ويقع في مجلدين تزيد صفحاته عن ألف صفحةٍ وقد صدرت منه عدة طبعات.، وكتاب “معاملات البنوك وأحكامها الشرعية “ وصدر عام عام 1991 واحتوت آراؤه التي آثارت جدلا في هذا المجال .
مشاركات في الندوات والمؤتمرات
شارك الدكتور طنطاوي في العديد من الندوات والمؤتمرات الدينية في مختلف أرجاء العالم ومنها مشاركاته العيد في مناسبات دينية ولقاءات علمية بدولة الإمارات، والتقى قيادة الدولة التي تحرص دائما على لقاء أصحاب الفضيلة علماء الدين ضمن برنامج ضيوف رئيس الدولة في رمضان سنويا، التي سنها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – وسار على نهجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله. وقد حضر الشيخ طنطاوي العديد من الندوات والمؤتمرات التي عقدت بالدولة ومنها مؤتمر “الهدى النبوي في الدعوة والإرشاد” الذي نظمت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف خلال الفترة من 25 الى 30 أكتوبر 2004 م في أبوظبي حيث ألقى كلمة في افتتاح المؤتمر.
مؤلفاته:
أثرى الشيخ سيد طنطاوي المكتبة الإسلامية بـ 19 كتابا ، هي:
1- التفسير الوسيط للقرآن الكريم
2- بنو إسرائيل في القرآن والسنة طبع عام
1969م ويقع في مجلدين تزيد صفحاته عن ألف صفحةٍ
وقد طُبِعَ أيضًا عدة طبعات.
3- معاملات البنوك وأحكامها الشرعية عام 1991م
4- الدعاء.
5- السرايا الحربية في العهد النبوي.
6- القصة في القرآن الكريم عام 1990م.
7- آداب الحوار في الإسلام.
8- الاجتهاد في الأحكام الشرعية.
9- أحكام الحج والعمرة.
10- الحكم الشرعي في أحداث الخليج.
11- تنظيم الأسرة ورأي الدين فيه.
12- مباحث في علوم القرآن الكريم.
13- العقيدة والأخلاق.
14- الفقه الميسر.
15- عشرون سؤالا وجوابًا.
16- فتاوى شرعية.
17- المنهج القرآني في بناء المجتمع.
18- رسالة الصيام.
19- المرأة في الإسلام - بالمشاركة.
عاش حياة حافلة بالصراع الفكري
النقاب وفوائد البنوك ونقل الأعضاء اقوى معارك الإمام الراحل
القاهرة (الاتحاد) - عاش الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الازهر الراحل حياة حافلة بالكثير من الجدل والنقد الخفي والمعلن بسبب آرائه ومواقفه التي تصدرت عناوين الصحف وكانت مثار التأييد والرفض بين العلماء والدعاة والمفكرين.
والبداية كانت ابان توليه منصب مفتي مصر عندما اصدر في فبراير 1987 فتواه الشهيرة بإباحة فوائد البنوك ورفض اعتبارها حراما لانتفاء شبهة الاستغلال الذي يميز الربا عنها وتأكيده ان معظم البنوك التي تعلن انها تقوم بمعاملات اسلامية لا فرق بينها وبين الفروع الاخرى العادية ولكنها مجرد موجة سائدة لاجتذاب الناس وان تحديد نسبة الربح هي نوع من الشرط المسبق الذي لا ضرر فيه. وخاض الإمام الراحل معركة ضارية ضد من رفضوا الفتوى واستند فيها الى ادلة شرعية وفقهية واضحة.
واثارت فتواه حول عدم مشروعية ختان الاناث جدلا اذ طالب الشيخ رحمه الله بضرورة الرجوع الى الاطباء الثقات وأكد ان ممارسة الختان في العرف المصري ليست الختان الشرعي الاسلامي.
وفي عام 1994 واجه هجوما حادا بسب موافقته على بعض قرارات مؤتمر السكان بالقاهرة الخاصة بالاسرة والمرأة والزواج والصحة الجنسية لان مخالفيه كانوا يرون أن بعض قرارات مؤتمر السكان تتناقض مبادىء الشريعة الاسلامية.
وتصدر الإمام الراحل عناوين الصحف بسبب فتواه الخاصة بجواز نقل الاعضاء.
وتجدد الجدل عندما افتى بجواز اجهاض المرأة المغتصبة في اي وقت اثناء فترة الحمل حيث تعرض لنقد من جانب معظم العلماء وزاد من سخونته اصراره على اصدار هذه الفتوى من مجمع البحوث الاسلامية وثار نقاش ساخن انتهى الى اباحة اجهاض المغتصبة خلال الشهور الاربعة الاولى من الحمل.
وفي عام 2007 اثارت فتواه بجواز تولي المرأة منصب رئاسة الجمهورية جدلا وخاض معارك مع جبهة علماء الازهر التي كانت على خلاف مستمر معه ولم يكن يعترف بهذه الجبهة.
ومن مواقفه الشهيرة انه افتى بعدم ضرورة التزام المسلمات اللاتي يعشن في فرنسا بارتداء الحجاب مؤيدا موقف الحكومة الفرنسية في ذلك، واخر مواقفه كان ما يسمى حرب النقاب عندما منع ارتداءه للطالبات واكد انه عادة وليس عبادة
قد خاض الإمام الراحل معارك فقهية وغير فقهية ضارية وصل بعضها الي ساحات القضاء. وربما جاءت هذه المعارك ليس بسبب آراء الإمام الراحل ولكن لأنه رحمه الله تولى مشيخة الأزهر في فترة حراك مجتمعي صاخب ووسط انتشار غير مسبوق لوسائل الإعلام من صحافة وفضائيات مما جعل كل شيء قابلا للنقاش بلا محاذير حتى ما يتعلق بمقام شيخ الأزهر نفسه.
وقد استقبلت الساحة الدينية والدعوية نبأ وفاة الدكتور محمد سيد طنطاوي بحزن بالغ. وأكد العلماء والدعاة أن رحيل شيخ الأزهر خسارة كبيرة للثقافة العربية والفكر الإسلامي والتأصيل المعرفي وللأمة الإسلامية والدعوة.
وأضاف أن موت العلماء مصيبة على الأمة خصوصاً إذا تكرر فقدهم واحداً بعد الآخر وقد ترك الدكتور طنطاوي وراءه علماً زاخراً وتفسيراً باهراً للقرآن الكريم، ويعتبر أحد أبرز دعاة العالم الإسلامي وعاش حياته داعياً الى الله عز وجل حاملا هم تبليغ رسالة الإسلام وعالميته الى شعوب الأرض وقدر الله أن يتوفاه وهو يخدم الإسلام والمسلمين في أرض الحرمين الشريفين.
وقال د. علي جمعة: ونحن نقف مودعين لهذا الرجل العالم الرباني والذواقة الإيماني وأحد المربين الذين نوروا القلوب بعلم الإسلام، وبهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وربط الناس بالله وحشدهم في ساحة هذا الدين لا يسعنا إلا أن ندعو الله تبارك وتعالي أن يغفر للشيخ ويتقبله في الصالحين ويجزيه عن الأزهر وعن العلم وعن القرآن وعن الإسلام وأمته خير ما يجزي به العلماء العاملين والدعاة الصادقين والأئمة المجاهدين، ونسأله أن يعوضنا عنه خيراً.
وقال الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر إن الأمة الإسلامية سيصعب عليها أن تعوض فضيلة الإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي في علمه وتواضعه وزهده وحرصه على قضايا أمته الإسلامية ودفاعه عنها وسعيه لاثبات الرأي الشرعي السديد بالنسبة للقضايا المعاصرة التي تواجه المسلمين في حياتهم العامة.
وأكد أن هذا الشيخ الجليل لايعوض بكل تأكيد لما تميز به من صفات أخلاقية وعلمية ولتواضعه الشديد لدرجة أن أي مواطن بسيط في أي مكان يمكن أن يتصل به مباشرة أو يدخل مكتبه بلا سابق موعد.
وقال إن الإمام الراحل كان زاهداً في الدنيا، مشيراً الى عدد من المواقف المؤيدة لذلك حيث رفض أن تتحمل جامعة الازهر تكاليف علاجه بالمستشفى عندما كانت تجرى له جراحة في القلب واصر على أن يدفع تكاليف علاجه من حسابه الخاص رغم انه كان استاذا غير متفرغ بالجامعة.
وقال د. الطيب إن الدكتور طنطاوي من أكبر علماء المسلمين على الاطلاق في تفسيره للقرآن الكريم وحرصه على الدفاع عن الحق والتصدي للقضايا الخطيرة التي تهم الأمة كما كان رائدا للتسامح والمصالحة والتعايش بين المسلمين والمسيحيين حيث عقد اتفاقيات ولقاءات مع أكبر مؤسسة مسيحية في الغرب وهي الفاتيكان وكان يدعو دائما الى الحوار بين المسلمين والغرب في إطار من الشريعة الإسلامية وتحقيق المصالح المشتركة.
وعدد د. أحمد الطيب مواقف الدكتور طنطاوي من القضايا الحياتية ومنها حرصه على ابداء الرأي الشرعي في نقل وزراعة الأعضاء والذي أصدره مجمع البحوث الإسلامية برئاسته وايده علماء المسلمين من مصر والخارج مشيراً الى دفاع الإمام الأكبر عن الصحابة ووقوفه بقوة ضد كل من يعتدي عليهم وقد تمثل ذلك في آخر مؤتمر حضره الشيخ طنطاوي حول الصحابة قبيل أيام من وفاته.
وقال إن جهود الفقيد بارزة ومشهودة في مجال الفكر والدعوة الإسلامية. مضيفاً أنه استطاع بفكره الخلاق أن يحافظ على مكانة الأزهر العلمية العريقة والعالمية وتنشيط الدور الذي يقوم به هذا الصرح في تخريج أجيال من المثقفين والعلماء ذوي التمكن والإتقان على منهج الاعتدال والوسطية.
العالم الفقيه
وقال الدكتور زكي عثمان –رئيس قسم الدعوة بجامعة الأزهر- إن موت الإمام الأكبر- رحمه الله- ليس كموت رجل من الناس بل إنه موت لكثير من العلم وموت لكثير من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن الله تعالى يحفظ البلاد بالعلماء العاملين والراحل كان عالماً وفقيهاً مجدداً.
ويضيف أن الإمام الأكبر عاش كل حياته للإسلام والمسلمين. فقد بذل الكثير لخدمة العلم والثقافة الإسلامية واجتهد في علاقته بالكتب في مختلف فروع الثقافة الإسلامية من توحيد وفقه وحديث وتفسير ولغة وأصول فقه وكان قارئاً كاتباً مفتياً.
وقال الدكتور محمد نبيل غنايم -مستشار مركز الدراسات الإسلامية بجامعة القاهرة- إن شيخ الأزهر ضرب المثل والقدوة في التعامل مع المخالفين فلم يكن يضيق صدره بسائل ولا مستفت ويتحمل من الناس ما لا يستطيع أكثر الناس تحمله. بل حتى الذين كان الشيخ يخالفهم ما كان يسبهم ولا يهينهم بل يترفق بهم ويحرص على أن يبين لهم صحيح الإسلام ولم يعرف أن الشيخ انتصر لنفسه أَبدا.
ويضيف إن د.طنطاوي -رحمه الله- كان يحرص على الكتابة لكثير من الصحف ويرد على الذين يجاهرون بالحديث في أمور الدين بغير علم بالكتاب والسنة. وكان يفرق بين من يجتهد بدافع المصلحة العامة ومن يسعى لإثارة الفتن ولفت الأنظار بالآراء المخالفة.
ويقول إن منهجه في الرد على المخالفين كان يتسم بالمرونة والرغبة في إظهار الموقف الشرعي الصحيح فكان ينظر فيما إذا كان الرأي المخالف قد خالف مخالفة صريحة للكتاب أو السنة أو الإجماع فيكون رده بأسلوب رفيع وأدب جم مع بيان الأدلة من الكتاب والسنة. وإذا كان الرأي المخالف قد خالف في مسائل الاجتهاد كان يحرص على ذكر القول الذي يرجحه بالأدلة ويفند أدلة القول الآخر وكل ذلك بلا تجريح أو لجوء لعبارات التعنيف أو التقليل من شأن المخالف.
وعبر الشيخ علي عبدالباقي –الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية- عن حزنه العميق لرحيل الدكتور طنطاوي. وقال إن الشيخ كان متفرداً في مجالات كثيرة منها حرصه على المصلحة العامة وسعيه لتطوير الأزهر والنهوض بمؤسساته.
وقال إنه كان يفتح مكتبه من أول وقت العمل إلى آخره وكذلك في منـزله فهو يرد على الهاتف، ثم يرد على الفتاوى المكتوبة التي تعرض عليه وتحتاج لعلمه الغزير، ويسمع مشاكل من يعملون معه ويسعى لحلها بهمة وأبوية وخلق رفيع.
خسارة فادحة
وأكد الدكتور محمد الشحات الجندي- الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية- أن وفاة الدكتور طنطاوي الذي كرس حياته للعلم وخدمة الإسلام والمسلمين خسارة فادحة للأمة الإسلامية التي طالما استفادت بعلمه وجهوده الخيرة التي بذلها على صعيد العلم وخدمة الإسلام والدعوة الإسلامية والعلوم والثقافة الإسلامية.
ويقول: كان رحمه الله شيخاً معلماً وموجهاً وناصحاً وحريصاً على الاهتمام والعناية بطلابه، فلقد أخذنا عنه العناية بالدقة في إصدار القرار الحكيم أو الفتوى أو الرأي، وأخذنا عنه المرونة في النقاش، وتبادل الآراء والوقوف عند الحقيقة والبعد عن التعصب للرأي.
ويضيف إن د.طنطاوي كان يحرص على المشاركة في القضايا والمسائل والبحوث العلمية، ورغم مكانته العلمية وإقرار الجميع بفضله وفقهه وغزارة حصيلته العلمية، فهو لا يتعصب لرأي وعرف عنه الحرص على أن يسمع الرأي في المسألة من كل العلماء الذين يشاركون معه في البحث، ولكنه حينما يظهر له فيها رأي يعتقده فهو يتمسك به، ولا يرجع عنه إلا بمبرر شرعي ظاهر.
ويقول الدكتور محمد عبد العزيز واصل- وكيل شيخ الأزهر- إن الفقيد كان طابعه وسلوكه في العمل النصح والرأفة والرحمة والتقدير لزملائه ومرؤوسيه في العمل ويرعى حقوقهم ويحترم مشاعرهم ويقدر جهودهم ويكره الحديث فيما يكرهون. مضيفا انه كان مثالا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان من دأبه عندما يسمع بمكان تحدث فيه مخالفة أن يطلب من أهل العلم في ذلك المكان التحقق والكتابة له فإن أكدوا له ذلك كتب للمسؤول عنه وخوفه من الله وضرورة إزالة المخالفة، وكان يتابع الأمر ليتأكد من إزالة هذه المخالفة.
وقال إنه حرص على أن يحقق أهداف ومقاصد الأزهر وغايته في نشر سماحة الإسلام ووسطيته واعتداله وتأصيل الخطاب الإسلامي المعاصر وتناول مختلف القضايا المعاصرة وإعداد الكوادر والدعاة وإتاحة الفرصة أمام المجتهدين والنابغين.
صبر جميل
وتقول الدكتورة آمنة نصير -استاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر- إن الدكتور طنطاوي كان من أبرز علماء الأمة المستنيرين ومواقفه كلها تعكس مكارم الأخلاق التي كان يتمتع بها. فقد كان عالماً وسطياً لا يعرف الغلو والتشدد. وتحمل الكثير من أصحاب الآراء المتشددة بصبر جميل. ويكفي موقفه في قضية النقاب والتي حاول البعض استغلالها بشكل سييء ولم يكتف بإعلان رأيه الواضح والذي يستند الى صحيح الشريعة والسنة من القضية وأن النقاب عادة وليس عبادة لكنه حرص على أخذ المشورة وعرض الأمر على المجلس الأعلى لعلماء الأزهر وعلى مجمع البحوث الإسلامية.
وتضيف: رحمه الله رحمة واسعة فقد كان مجاهداً في سبيل الله يحاول التصدي لكل قضية تثير البلبلة في المجتمع. وكان آخر تلك القضايا دفاعه عن صحابة رسول الله بعد أن وجد بعض التطاول من فئة تدعي العلم وللأسف وجدوا منابر من خلال بعض الفضائيات يبثون فيها هذه الادعاءات المخالفة لوصية الرسول عليه الصلاة والسلام. وآخر ما تركه بحث قيم أعده بنفسه ليفند الأكاذيب والإدعاءات المسيئة لصحابة الرسول الكريم وعرضه في افتتاح المؤتمر الأخير لمجمع البحوث الإسلامية. وكان قد طلب بنفسه مناقشة تلك القضية التي تتعلق بالتشكيك في الصحابة.
وقالت الدكتورة ماجدة هزاع -استاذ الفقه بجامعة الأزهر- إن الدكتور طنطاوي كان مثالا للأب الحنون ويحتوي الجميع وتغلبه مشاعر العطف والحنو على أبنائه ولم اقصده في مكتبه الا ووجدت بابه مفتوحاً لكل الناس ولا يرد أي سائل. وكنا نشفق عليه من الإجهاد لكنه كان رحمه الله مثالا للنشاط والتفاني في سبيل اداء رسالته والدفاع عن الدين.
وأضافت: فور سماعي نبأ وفاته تذكرت كل لقاءاتي مع العالم الجليل وكلها كانت مغلفة بالود والرحمة والإنسانية. واذكر كيف استقبلني ومعي طفلتي الصغيرة منذ سنوات وكان عمرها ثلاثة أشهر في ذلك الوقت ووجدته يتعامل معي كأب وأخذ يهنئني ويقبل يدي ورأس ابنتي بحنان فلم يكن يعرف التعالي والكبر رغم مكانته العلمية والدينية الرفيعة.
وقالت إن مواقفه الإنسانية لا تنسى وكلها دروس وعبر وكان آخر مواقفه من المدرس الذي ضرب التلميذ بقسوة لأنه لم يحفظ “سورة النحل” فقد استضاف الطفل ووالده وقدم لهما ترضية حيث لم تعجبه تلك القسوة مع الصغير حتى لا يكره الدين. بل حول تلك الواقعة الى ذكرى طيبة يفتخر بها الصغير. كما اتخذ موقفا حاسما مع المدرس وأحاله الى التحقيق.
وتقول الصحفية علا عامر: كنت قريبة من الدكتور طنطاوي على مدى ثماني سنوات. وكنت الاحظ ان برنامجه اليومي حافل بالأنشطة واللقاءات وكان من عاداته أن يعود من أي رحلة له خارج البلاد الى مكتبه ثم بعد ذلك يتوجه لمنزله وفي رحلته الأخيرة ترك حقيبة أوراقه بالمكتب وكان ذلك في نفس يوم سفره الى السعودية حيث توجه من المكتب الى المطار وكان المقرر أن يعود في اليوم التالي.
وأضافت: د. طنطاوي كان يتميز بالعاطفة الجياشة ورقة المشاعر ولن انسى موقفه وتأثره الشديد من حادث اغتصاب تعرضت لها امرأة كانت بصحبة زوجها حيث غلبته مشاعر التأثر واقترح على مجمع البحوث الإسلامية اثناء مناقشة مشروع قانون زراعة ونقل الأعضاء البشرية أن تؤخذ أاعضاء المغتصبين المحكوم عليهم بالإعدام بلا استئذان. وكان يرى أنه لابد أن يعاقب هؤلاء المتوحشون عقوبة مشددة.
شيخ الأزهر الراحل طلب العلم من المهد إلى اللحد
القاهرة (الاتحاد) - ولد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر في 28 أكتوبر 1928 بقرية “سليم الشرقية” التابعة لمركز طما في محافظة سوهاج بصعيد مصر، وبدأ -رحمه الله- حفظ القرآن وقراءة الفقه وهو في العاشرة بمدينة الإسكندرية.
وساهمت دراسته الدينية في تشكيل شخصيته حيث التحق بالأزهر، وتميز بالقدرة على التحصيل العلمي والبراعة في الحفظ، وشغف بالتفسير والحديث والقراءات.
وحصل على إجازة عالية من كلية أصول الدين في جامعة الأزهر في عام 1958. وعمل في عام 1960 إماما وخطيبا ومدرسا في وزارة الأوقاف المصرية واشتهر بالقدرة على الخطابة وأقبل الناس على دروسه التي تميزت بالفصاحة والبساطة والاعتدال.
وأمضى طنطاوي جل سنوات شبابه في البحث والاستزادة من العلم وطلب الحديث فواصل دراساته العليا وحصل على الدكتوراه في علوم الحديث والتفسير عام 1966 بتقدير امتياز من كلية أصول الدين، وتولى في عام 1968 التدريس في قسم التفسير والحديث في ذات الكلية التي تخرج فيها، ثم انتدب للتدريس في ليبيا لمدة 4 سنوات، وترقى في مسيرته الأكاديمية فتولى عمادة العديد من الكليات الإسلامية بالجامعات العربية، فأصبح في عام 1976 عميدا لكلية أصول الدين في أسيوط ، ثم عميدا للدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة في عام 1985، وعمل بعدها كعميد بكلية الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
واختير الدكتور طنطاوي في 28 أكتوبر 1986، مفتيا للديار المصرية وكان ترتيبه الخامس عشر، وشغل هذا المنصب حتى تم تعيينه شيخا للجامع الأزهر في عام 1996.
وكان -رحمه الله- واحدا من ابرز علماء الأزهر وأغزرهم علما، لا سيما في علم التفسير. وصنف في علوم القران، والسنة وعلومها ، والفقه وأصوله، وترك ثروة دعوية ودينية وفكرية كبيرة والعديد من المؤلفات التي زخرت بها المكتبات الإسلامية في مصر والدول العربية والإسلامية.
ويعد “التفسير الوسيط للقرآن الكريم” والذي يقع في أكثر من 7 آلاف صفحة وطبع منه عدة طبعات آخرها عام 1993 واستغرق في كتابته أكثر من عشرة أعوام من أهم مؤلفاته ومن أشهر التفاسير فقد نهج فيه منهجا علميا أصيلا واوجز في لفظه مع شمول معانيه، وقد جعل الله له قبولا عظيما بين الناس وانتشارا، وعده العلماء من اشمل التفاسير التي ظهرت في العصر الحديث، حيث يتسم بالبساطة والاستفاضة.
ومن مؤلفاته البارزة أيضا كتب “بنو إسرائيل في القرآن الكريم”، و”معاملات البنوك وأحكامها الشرعية”، و”الحوار في الإسلام”، و”الاجتهاد في الأحكام الشرعية”، و”أحكام الحج والعمرة”، و”الحكم الشرعي في أحداث الخليج”، و”تنظيم الأسرة ورأى الدين”، و”الرأي الشرعي في النقاب”، و”الحجاب والتصوف في الإسلام”، و”الجهاد في الرؤية الشرعية” وعشرات من البحوث والدراسات والمجلدات في مجال الفتوى والفكر الاسلامي.
وتبنى الإمام الأكبر خلال السنوات الماضية خطة لتطوير الأزهر والنهوض بمناهج عمل المؤسسات الدينية وآلياتها، وتحديث التعليم الازهري ومراجعة مناهجه فكان يدعو إلى ضرورة التركيز على استخدام العقل في المناهج وتخليص العلوم الشرعية من الإسرائيليات والحفاظ على اللغة العربية والنهوض بها وتطوير الخطاب الديني لملاحقة التطورات والمستجدات التي يشهدها العالم وكان ينادي بضرورة إعداد وتخريج دعاة يدركون الواقع وتأصيل منهج فتوى يراعي وسطية الإسلام وسماحته.
د. محمد يونس (أبوظبي)- فقدت الأمة الإسلامية فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الذي وافته المنية، عن عمر يناهز الـ82 عاماً، يوم الأربعاء الماضي .ليختتم نصف قرن قضاها في خدمة الدعوة وفق خطاب ديني يقوم على الوسطية والاعتدال، وقدم خلالها 19 كتابا وآلاف الفتاوى والآراء الفقهية التي أثار بعضها جدلا واسعا على الساحة الإسلامية .
اتبع طنطاوي خطابا دينيا يقوم على الوسطية والاعتدال منطلقا من قوله تعالى “ ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن” ولكنه أيضا طرح فتاوى وآراء كسرت الجمود الفكري في بعض المسائل الدقيقة والحساسة مثل فتاويه بشأن شهادات الاستثمار والمعاملات المصرفية الحديثة والحج المجاني الحكومي في دولة تشكو من الديون ، وإجازة عمليات نقل الأعضاء البشرية، وجواز إجهاض المغتصبة، وقراره بحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الدراسة أواخر العام الماضي. أما آخر فتاويه فقد صدرت قبل أيام من رحيله حيث رفض استبدال الأذان بفرنسا بومضات ضوئية.
تجديد الخطاب الديني
واعتبر شيخ الأزهر الراحل أن تجديد الخطاب الديني سنة كونية، مشيراً الى ان التجديد لا يعني هدم الثوابت أو المساس بأصول العقيدة، فالتجديد إنما يكون لمواكبة العصر المتطور مطالبا الدعاة ان يهتموا في خطابهم الديني بالموضوعات الممزوجة بالمستجدات والتي تشغل أذهان الناس، مؤكدا أن التجديد من أهم سمات الدين الإسلامي وسبب من أسباب صلاحيته لكل زمان ومكان.
وذكر في أكثر من مناسبة أن أبرز مقومات تجديد الخطاب الديني تتمثل فيا يلي:
أولا: ان يكون الخطاب الديني نابعاً من كتاب الله عز وجل، ثانياً: يجب ان يكون الخطاب الديني قائما ومستمدا من السنة النبوية المطهرة، باعتبارها شارحة ومفسرة لما جاء في القرآن الكريم.
ثالثاً: أن يكون الخطاب الديني مواكباً للأحداث، فيقوم الدعاة بمخاطبة الناس وحل مشكلاتهم، عن طريق مواكبة الدعاة للمتغيرات والأحداث التي يمر بها المجتمع بأن يجدد الداعية المسلم المعلومات والأفكار.
وأكد في هذا السياق على ضرورة أن يعمل هذا الخطاب على إصلاح الفرد لأن في إصلاح الفرد، إصلاح للمجتمع .
رابعاً: ان يكون الخطاب الديني قائماً على الصدق بعيداً عن الشبهات.
خامساً: أن يقوم الخطاب الديني على الوسطية والاعتدال والتواضع حتى يكون له أثره في النفوس.
واشترط الدكتور طنطاوي أن يكون خطابا عقلانيا بعيدا عن الخرافات فالإسلام لا يرفض كل ما يقبله العقل ولا يوجد صدام بينهما، كما أوضح شيخ الأزهر أن الرسل جميعا جاءوا برسالة واحدة في أصولها تقوم على التحلي بمكارم الأخلاق. وحدد شيخ الأزهر المواصفات التي يجب أن تتوافر فيمن يحمل لواء الخطاب الإسلامي، وهي –على حد قوله-: “أن يكون مخلصا لأمته، حافظا لكتاب الله، والسنة المطهرة، متفتح الذهن، دارسا للعلوم المتخصصة إعلاميا، ولديه إلمام ببعض العلوم الأخرى التي تخدمه في عمله، وأن يكون عاملا بما يقوله، ولديه غيرة على دينه وإسلامه”.
تفسير القرآن الكريم
قدم الفقيد لأمته الإسلامية عددا من المؤلفات البارزة في مقدمتها التفسير الوسيط للقرآن الكريم الذي يبلغ زهاء خمسة عشر مجلدًا وأكثر من سبعة آلاف صفحة وقد طبع هذا التفسير عدة طبعات أولها عام 1972م .و كتبه فضيلته في بضعة عشر عامًا ،و بذل فيه أقصى جهده ليكون تفسيرًا محررًا من الأقوال الضعيفة والآراء التي لا سند لها من النقل الصحيح أو العقل السليم وكان منهج فضيلته البدء في شرح الألفاظ القرآنية شرحًا لغويًّا مناسبًا ثم بيان سبب النزول إن وجد وكان مقبولا، ثم ذكر المعنى الإجمالي للآية أو الآيات ثم تفصيل ما اشتملت عليه الآية أو الآيات من وجوه بلاغية ومن أحكام شرعية ومن آداب قويمة وعظات بليغة وتوجيهات حكيمة، مُدعِمًا كل ذلك بالآيات الأخرى وبالأحاديث النبوية الشريفة وأقوال المحققين من علماء السلف والخلف. وقد توخى فضيلته في هذا التفسير أن يكشف عمَّا اشتمل عليه القرآن الكريم من هدايات جامعة ومن تشريعات جليلة وآداب فاضلة .
ومن مؤلفاته التي تركت بصمة على الساحة الفكرية “بنو إسرائيل في القرآن والسنة” الذي طبع عام 1969م ويقع في مجلدين تزيد صفحاته عن ألف صفحةٍ وقد صدرت منه عدة طبعات.، وكتاب “معاملات البنوك وأحكامها الشرعية “ وصدر عام عام 1991 واحتوت آراؤه التي آثارت جدلا في هذا المجال .
مشاركات في الندوات والمؤتمرات
شارك الدكتور طنطاوي في العديد من الندوات والمؤتمرات الدينية في مختلف أرجاء العالم ومنها مشاركاته العيد في مناسبات دينية ولقاءات علمية بدولة الإمارات، والتقى قيادة الدولة التي تحرص دائما على لقاء أصحاب الفضيلة علماء الدين ضمن برنامج ضيوف رئيس الدولة في رمضان سنويا، التي سنها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – وسار على نهجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله. وقد حضر الشيخ طنطاوي العديد من الندوات والمؤتمرات التي عقدت بالدولة ومنها مؤتمر “الهدى النبوي في الدعوة والإرشاد” الذي نظمت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف خلال الفترة من 25 الى 30 أكتوبر 2004 م في أبوظبي حيث ألقى كلمة في افتتاح المؤتمر.
مؤلفاته:
أثرى الشيخ سيد طنطاوي المكتبة الإسلامية بـ 19 كتابا ، هي:
1- التفسير الوسيط للقرآن الكريم
2- بنو إسرائيل في القرآن والسنة طبع عام
1969م ويقع في مجلدين تزيد صفحاته عن ألف صفحةٍ
وقد طُبِعَ أيضًا عدة طبعات.
3- معاملات البنوك وأحكامها الشرعية عام 1991م
4- الدعاء.
5- السرايا الحربية في العهد النبوي.
6- القصة في القرآن الكريم عام 1990م.
7- آداب الحوار في الإسلام.
8- الاجتهاد في الأحكام الشرعية.
9- أحكام الحج والعمرة.
10- الحكم الشرعي في أحداث الخليج.
11- تنظيم الأسرة ورأي الدين فيه.
12- مباحث في علوم القرآن الكريم.
13- العقيدة والأخلاق.
14- الفقه الميسر.
15- عشرون سؤالا وجوابًا.
16- فتاوى شرعية.
17- المنهج القرآني في بناء المجتمع.
18- رسالة الصيام.
19- المرأة في الإسلام - بالمشاركة.
عاش حياة حافلة بالصراع الفكري
النقاب وفوائد البنوك ونقل الأعضاء اقوى معارك الإمام الراحل
القاهرة (الاتحاد) - عاش الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الازهر الراحل حياة حافلة بالكثير من الجدل والنقد الخفي والمعلن بسبب آرائه ومواقفه التي تصدرت عناوين الصحف وكانت مثار التأييد والرفض بين العلماء والدعاة والمفكرين.
والبداية كانت ابان توليه منصب مفتي مصر عندما اصدر في فبراير 1987 فتواه الشهيرة بإباحة فوائد البنوك ورفض اعتبارها حراما لانتفاء شبهة الاستغلال الذي يميز الربا عنها وتأكيده ان معظم البنوك التي تعلن انها تقوم بمعاملات اسلامية لا فرق بينها وبين الفروع الاخرى العادية ولكنها مجرد موجة سائدة لاجتذاب الناس وان تحديد نسبة الربح هي نوع من الشرط المسبق الذي لا ضرر فيه. وخاض الإمام الراحل معركة ضارية ضد من رفضوا الفتوى واستند فيها الى ادلة شرعية وفقهية واضحة.
واثارت فتواه حول عدم مشروعية ختان الاناث جدلا اذ طالب الشيخ رحمه الله بضرورة الرجوع الى الاطباء الثقات وأكد ان ممارسة الختان في العرف المصري ليست الختان الشرعي الاسلامي.
وفي عام 1994 واجه هجوما حادا بسب موافقته على بعض قرارات مؤتمر السكان بالقاهرة الخاصة بالاسرة والمرأة والزواج والصحة الجنسية لان مخالفيه كانوا يرون أن بعض قرارات مؤتمر السكان تتناقض مبادىء الشريعة الاسلامية.
وتصدر الإمام الراحل عناوين الصحف بسبب فتواه الخاصة بجواز نقل الاعضاء.
وتجدد الجدل عندما افتى بجواز اجهاض المرأة المغتصبة في اي وقت اثناء فترة الحمل حيث تعرض لنقد من جانب معظم العلماء وزاد من سخونته اصراره على اصدار هذه الفتوى من مجمع البحوث الاسلامية وثار نقاش ساخن انتهى الى اباحة اجهاض المغتصبة خلال الشهور الاربعة الاولى من الحمل.
وفي عام 2007 اثارت فتواه بجواز تولي المرأة منصب رئاسة الجمهورية جدلا وخاض معارك مع جبهة علماء الازهر التي كانت على خلاف مستمر معه ولم يكن يعترف بهذه الجبهة.
ومن مواقفه الشهيرة انه افتى بعدم ضرورة التزام المسلمات اللاتي يعشن في فرنسا بارتداء الحجاب مؤيدا موقف الحكومة الفرنسية في ذلك، واخر مواقفه كان ما يسمى حرب النقاب عندما منع ارتداءه للطالبات واكد انه عادة وليس عبادة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق