داعش والنساء!!
مصطفى بكرىالأحد 03-08-2014 22:03
انتهت يوم الجمعة الماضى «الأول من أغسطس 2014» المهلة التى منحها تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لأهالى الموصل ونينوى لتسليم بناتهن إلى فروع التنظيم فى المناطق المختلفة لحض الراغبات منهن على ممارسة جهاد النكاح مع مقاتلى داعش فى المناطق المسيطر عليها، وتوعد بعقوبات رادعة للمخالفين. لم يكن الخبر مفاجئاً، أو صادماً، لقد سبق للمشهد أن تكرر كثيراً فى مناطق مختلفة من سوريا منذ نهاية عام 2012، حيث تم نشر فتوى تحض الفتيات على ممارسة البغاء مع المقاتلين الذين ينتمون لجبهة «النصرة» تحت مسمى «جهاد النكاح»، وفى ضوء ذلك سافرت المئات من الفتيات فى العالم العربى والإسلامى إلى سوريا حيث جرى اغتصابهن تحت هذا المسمى. لقد نصت الفتوى التى نُسبت أولاً إلى الشيخ محمد العريفى ثم عاد ونفاها على أن ممارسة «نكاح الجهاد» تجرى لمدد محددة وبعقود زواج شفهية وأن الغرض منها هو تخفيف العبء من على كاهل المقاتلين الذين يجاهدون من أجل «الدين والفضيلة»!! وقد اعترف وزير الداخلية التونسى فى هذا الوقت أن تونسيات ذهبن إلى سوريا ومارسن الجنس مع بعض المقاتلين، وهو أمر جرى مع أخريات، مما دفع السلطات التونسية إلى اتخاذ إجراءات تحول دون استمرار هذه الظاهرة التى نالت انتقادات واسعة داخل المجتمع التونسى وفى عدد من البلدان الأخرى. وخلال الأيام القليلة الماضية نقلت وكالة «أنباء موسكو» عن «أثمار الشطرى»، عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان، قيام تنظيم «الدولة الإسلامية» داعش فى العراق بإجبار نساء العراق على ممارسة «جهاد النكاح» مع مقاتلى داعش فى الموصل وغيرها من المدن التى فرض عليها التنظيم سطوته. وقالت «أثمار الشطرى» إن تنظيم داعش يجبر أهالى الموصل على تقديم بناتهن لعناصر التنظيم لاغتصابهن تحت مسمى «جهاد النكاح». وقالت نقلاً عن أهالى الموصل ونينوى النازحين إلى كردستان العراق «إن تنظيم داعش يمنح ما يعادل 800 دولار لكل من يكمل أركان الجهاد بتقديم النساء لأعضاء التنظيم، وهى الأموال التى استولوا عليها من البنوك لدى سيطرتهم على الموصل». وقالت إنهم يستخدمون أساليب الضرب المبرح على النساء اللواتى يرفضن تلبية أركان الجهاد حسبما يدعون. وأكدت أن عشرات النساء تم خطفهن فى الموصل مع عدد من الصبية الذين يتمتعون بالوسامة على أيدى مسلحى داعش تطبيقاً لجهاد النكاح. وكانت مصادر أخرى من داخل الموصل أكدت لوسائل إعلام عديدة أن التنظيم أمهل السكان فى الموصل إلى ما بعد إجازة عيد الفطر مباشرة وتحديداً الجمعة 1 أغسطس لتسليم الفتيات إلى التنظيم، وهددوا من خلال الميكروفونات بفرض عقوبات صارمة بحق كل من يتخلف عن تقديم ابنته للجهاد. وقد نشرت العديد من الصحف ومن بينها «المصرى اليوم» فى 11 يونيو 2014، أى بعد احتلال التنظيم للموصل بيوم واحد أن 4 نساء عراقيات انتحرن بعد إجبار «داعش» لهن على ممارسة جهاد النكاح فى الموصل بعد وصولهم إليها، وفقاً لتقرير أذاعته قناة «آفاق» العراقية. وقال وزير حقوق الإنسان فى العراق محمد شليع السودانى «إن مثل هذا الحادث يدل على التدنى الخلقى لمثل هذه التنظيمات الإرهابية عن طريق إهانة كرامة هؤلاء النساء، وهى ظاهرة دخيلة على المجتمع العراقى ولا تمارسها حتى أبشع العصابات حول العالم. لقد أثارت هذه الدعاوى والمعلومات التى انتشرت على مواقع الإنترنت وفى الصحف ووسائل الإعلام حالة من الذعر والخوف لدى الشارع العراقى. وهو ما أكده عضو مجلس محافظة «نينوى» محمد إبراهيم البياتى، الذى قال إن داعش تُهيئ النساء لممارسة جهاد النكاح مع عناصره.. وقال فى تصريح لراديو «المربد» إن هذا يمس عرض المواطن العراقى وشرفه ويؤذى مشاعره!! ورغم نفى بعض العناصر المرتبطة بداعش هذه الأنباء، إلا أن حقائق الوضع على الأرض تؤكد مصداقية هذه الأخبار، يعزز من ذلك وقائع ما شهدته المناطق التى سيطر عليها التنظيم فى سوريا، وتحديداً مناطق الرقة ودير الزور وبعض أحياء مدينة حلب. لم تكن تلك هى المأساة الوحيدة التى تواجه النساء فى سوريا والعراق، بل إن تنظيم داعش أصدر مؤخراً فتوى جديدة تقضى بختان كل النساء فى العراق، خصوصاً نساء الموصل ومحيطها، مما قد يتسبب فى الكثير من التشوهات الجسدية والنفسية بحق من يتم إجبارهن على الخضوع لهذا الختان، إضافة إلى وفيات عديدة يسقطن من جراء استخدام الأساليب المتخلفة فى إجراء عمليات الختان للفتيات والنساء. والغريب فى الأمر أن قرار الختان لن يسرى فقط على الفتيات اللاتى لم يتزوجن بعد، بل يسرى أيضاً على كافة النساء بلا استثناء، بمن فيهن الطاعنات فى السن. لقد أعلن تنظيم «داعش» أنه يستهدف ختان 2 مليون امرأة عراقية كمرحلة أولى، وقال إن الهدف هو إبعادهن عن الفسق والرذيلة، على حد وصف البيان الصادر عن التنظيم. وقالت الأمم المتحدة فى بيان أصدرته يوم الخميس 24 يوليو 2014 إن تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أمر بختان جميع الفتيات والنساء فى الموصل. وأكدت «جاكلين بادكوك» ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة ومنسقة الشئون الإنسانية فى العراق «إن الفتوى الصادرة من مقاتلى داعش قد تؤثر على نحو أربعة ملايين امرأة وفتاة». وأضافت «هذا أمر جديد جداً على العراق، خصوصاً فى هذه المنطقة ويثير القلق البالغ ويجب معالجته، خاصة أن هذه ليست إرادة الشعب العراقى ونساء العراق فى هذه المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين». لم يقتصر الأمر على قهر النساء وفرض الختان عليهن جميعاً بل امتد إلى فرض الملبس وشروط الخروج وحتى العادات والتقاليد تم التدخل فيها. لقد وزع تنظيم «داعش» فى دير الزور وغيرها يوم الخميس 31 يوليو 2014 بياناً يحوى مجموعة من الإرشادات الخاصة بزى النساء. فقد طالب البيان المرأة بارتداء نقاب يمنع الكشف عن أعين السيدات وعدم لبس العباءة المفتوحة التى تظهر ما تحتها من الثياب الملونة أو العباءة المزينة بالخرز وما عداه. وحذر البيان النساء من لبس الأحذية ذات الكعب العالى والملابس المزخرفة، وطالبهن بارتداء حمالات الصدر والتأكيد على ارتداء ملابس فضفاضة لا تحدد معالم الجسد، بالإضافة لعدم استخدام العطور وحظر التنظيم على النساء أيضاً الخروج إلى الشوارع أو الأسواق بدون محرم. ونقلت وكالة «رويترز» عن رجل دين عراقى فى الموصل قوله «إن مسلحى الدولة الإسلامية جاءوا إلى مسجده وأمروه أن يقرأ بياناً موجهاً إلى النساء فى مكبرات الصوت أثناء تجمع المصلين. وقد تضمن البيان تحذيراً شديد اللهجة للنساء وتوعد كل من لم تلتزم بفريضة النقاب، بأنها ستكون تحت طائلة المساءلة والحساب ومعرضاً للعقوبة المغلظة صوناً للمجتمع المسلم من الأذى وحفاظاً على الدين وسلامته من الفتنة والفساد». وقد بدأت عناصر التنظيم فى رجم نساء بالحجارة حتى الموت بزعم ممارستهن البغاء والزنى، دون وجود أدلة حقيقية وشرعية تؤكد ذلك. وقد وصل الأمر إلى حد فرض أمر على أصحاب المتاجر بتغطية تماثيل العرض البلاستيكية بحجاب كامل بزعم أنها تثير الفتنة وتحرض على الشهوة. أما عن استخدام «داعش» للنساء فى الإيقاع بالخصوم السياسيين فقد أشار إلى ذلك أحد الأمراء المنشقين عن التنظيم ويدعى «أبو دجانة الليبى» الذى قال فى مقابلة مع قناة «الآن» فى 23 يونيو 2014 «إن التنظيم يستخدم النساء للإيقاع بخصومه الذين يصعب الوصول إليهم بالطرق التقليدية». وقال الليبى «إن هناك وحدة من النساء مهمتها استدراج شباب الجيش الحر المعارض، حيث تتعرف الفتاة على الشاب من عناصر هذا الجيش، ثم تقوم بإرسال اسمه وتجرى تصفيته أو تجنيده لصالح «داعش». وقال «الليبى» إن عملية التجنيد التى كانت تقوم بها الفتيات داخل مدينة «الرقة» السورية كانت تجرى عن طريق ارتداء الزى العادى، ثم يتركن شعورهن ويجلسن فى المقاهى، حتى إنك لا تظن أنهن من داعش وكان الهدف هو جمع المعلومات من الخصوم ومعارضى تنظيم «داعش». إذن هذه هى شهادة واحد من أمراء التنظيم أدلى بها بعد أن انشق عنهم بسبب الممارسات التى لا تمت للدين أو القيم بصلة والتى كان يقوم بها التنظيم ولا يزال. لقد شكل تنظيم «داعش» لواءً من النساء باسم «لواء الخنساء» كانت مهمته مراقبة النساء وإلقاء القبض على اللواتى لا يلتزمن بتطبيق قوانين التنظيم وتعليماته. وقال بيان صادر عن التنظيم «لقد أنشأنا لواءً لرفع الوعى بديننا بين النساء ومعاقبة اللواتى لا يلتزمن بالقانون». ويقول أبوحمزة، وهو ناشط إعلامى سورى، معلقاً على دور لواء «الخنساء» فى تصريحات إعلامية «لقد أنشأت داعش اللواء من أجل ترويع النساء، وإن اللواء داهم مدرسة حميدة طاهر للبنات واعتقل عشر طالبات واثنتين من المعلمات وسكرتيرة على أساس أن بعضهن يرتدى حجاباً رقيقاً جداً». وقال أبوحمزة «إن النساء اللاتى تم اعتقالهن قضين ست ساعات فى وقت لاحق فى مركز داعش للاعتقال حيث تم جلدهن بعد إلقاء القبض عليهن، حيث جرت معاقبة بعضهن بـ30 سوطاً لكل منهن. وقد أشارت «زينب» وهى مراهقة اعتقلت من قبل عضوات اللواء فى تصريحات صحفية: «كنت أسير فى الشارع عندما توقفت السيارة فجأة ونزلت منها مجموعة من النساء المسلحات وقمن بإيقافى وإهانتى، وصحن فى وجهى، ثم أخذننى إلى أحد المراكز ووضعننى فى غرفة، وقالت إن أحداً لم يتحدث معها عن سبب اعتقالها فقط واحدة من النساء جاءت إليها وأشهرت السلاح النارى فى وجهها ثم راحت تستجوبها عن مدى معرفتها بالصلاة والصيام والحجاب. وقالت «زينب» إن الحارسة قالت لها إنها اعتقلت لأنها كانت تسير وحدها دون مرافق معها وأنها لم تكن قد ارتدت حجابها بالشكل الصحيح ولذلك يجب أن تعاقب لأنها لم تأخذ تعاليم الدين مأخذ الجدية. كانت تلك بعض مشاهد من وقائع المأساة التى تعيشها النساء تحت حكم داعش فى الأجزاء التى تسيطر عليها من سوريا والعراق. ورغم النداءات المتكررة التى أطلقتها شخصياً ومنظمات نسائية وحقوقية عديدة فإن المجتمع الدولى لا يزال صامتاً أمام القمع والانتهاك الصارخ الذى يمارس ضد آدمية وحقوق المرأة فى هذه المناطق..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق