المستشار توفيق وهبه: يكتب قضية خطيرة
فهم والحمد لله ليسوا في حاجة إلى من ينسب إليهم ما ليس فيهم، لأن الله تعالى رفعهم وأعلى شأنهم. فكل المسلمين يصلون ويسلمون عليهم في صلواتهم وكذا خارج صلواتهم عندما يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلما ذكر اسمه الشريف.
وفاطمة وأبناؤها وزوجها وزوجات النبي عليهم السلام هم آل محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسله.
إنهم أثر طيب مبارك من آثاره صلى الله عليه وسلم، فيجب علينا أن نحافظ على هذا الأثر ليبقى طيبًا نقيًا طاهرًا.
إن بعض المتشيعين لآل البيت ينسبون إليهم أمورًا ينقضها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك ما يلي:
1- يدعي بعض فرق الشيعة أن هناك آيات في القرآن الكريم عن أحقية الإمام علي في الخلافة وقد أخفيت لسلبه هذا الحق مما سيأتي بيانه في الفقرة رقم (3).
2- والبعض يدعي أن الوحي كان ينزل على السيدة فاطمة عليها السلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ونسبوا إليها مصحفًا بإسمها. وينكر المعتدلون من الشيعة مثل هذه المزاعم.
3- بل هناك سور أخرى خلاف هذا المصحف لدى بعض فرق الشيعة يدعون أنها من القرآن الكريم وتدرس في بعض الجامعات المصرية في أقسام اللغة العربية لمقارنتها بالقرآن الكريم وبيان الفرق بينها وبينه لإثبات بطلانها وعدم صحتها ومنها سورة (الولاية) وسورة (النورين) ويدعون أنهما تتحدثان عن حق علي وذريته في إمامة المسلمين.
وقد تلقفت طائفة من المستشرقين والمبشرين مثل هذه المزاعم وأخذت تلعب بها بغية إثارة الشك في النص القرآني.
يقول الدكتور إبراهيم عوضين في كتابه (سورة النورين) «وقد رأيت أن أدرس إحدى هاتين السورتين دراسة علمية فحللت أسلوب سورة (النورين) لأرى مدى اقترابه من الأسلوب القرآني أو ابتعاده عنه. فثبت لي على نحو قاطع أنها لا تمت إلى القرآن بأي صلة وأن التزييف والركاكة والتناقض واضح فيها. ناهيك عن سخف معانيها» أ.هـ بتصرف.
وهذا موضوع خطير لأن الوحي انقطع بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسالة انتهت بوفاته. وهذا الإدعاء ليس في صالح آل البيت ولا في صالح الدعوة الإسلامية نفسها. بل هو اتهام صريح للرسول صلى الله عليه وسلم بالتقصير في أداء الرسالة. ويعطي لأعداء الإسلام والمتربصين به فرصة للطعن في الدين.
وينقض هذه الادعاءات قول ربنا عز وجل في كتابه العزيز: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}[المائدة:3]
والمعتدلون من الشيعة يرفضون أيضًا مثل هذه المزاعم.
4- كثير من فرق الشيعة تنكر خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وتتهمهم باغتصاب الخلافة من الإمام علي كرم الله وجهه باعتباره كان الأحق بها.
5- إن بعض فرق الشيعة غالت كثيرًا في الإمام علي إبان خلافته وفي حياته حتى وصلت به إلى درجة الألوهية. كما غالت بعض فرق الخوارج وكفرت الإمام عليه السلام.
وقد أنكر الإمام على نفسه هذه الدعاوي الباطلة وقاتل هذه الفرقة وقتل بعضهم ممن يزعمون هذه الأباطيل.
وهذه أمور انتهت بانتهاء وقتها ويجب أن يسدل الستار عليها.
وفي سبيل دعم دعوة التقريب بين المذاهب أرى وأدعو إلى أن تبدأ فرق ومذاهب الشيعة العمل على التقريب بين بعضها البعض لأن هناك خلافات شاسعة بين بعض هذه المذاهب والفرق وبعضها الآخر.
لماذا نسلم على آل البيت عليهم السلام:
وقبل أن نختم بحثنا، قد يقول بعض المتنطعين والمتحذلقين لماذا نقول لفاطمة وعلي وأبنائهما وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , عليهم السلام؟ ولماذا لا نقول رضي الله عنهم كما نقول لسائر الصحابة؟ وهل هذا تشبها بشيعة آل البيت؟ واقتفاء لأثرهم؟
ولهؤلاء نقول: لقد ألمحنا إلى جانب من ذلك عندما تحدثنا عن عدم المغالاة والتعصب والتطرف في حب آل البيت.
ونزيد الأمر إيضاحًا فنبين أن السلام على آل البيت الكرام الأطهار هو ما أثر عن أهل السنة والجماعة وعن سائر مذاهب المسلمين، وأخذًا من القرآن الكريم.
فعندما دخلت الملائكة على سارة لبشارتها بإسحاق سلمت عليها كما حكى القرآن الكريم : {رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيد}[هود:73]
بل إن الله سبحانه وتعالى وملائكته يصلون ويسلمون على سائر المسلمين كما حكى القرآن الكريم في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب:43]
وكما قلنا سابقًا إننا نصلي ونسلم عليهم في الصلاة وخارج الصلاة وهو مذهب أئمة أهل السنة الأربعة مالك وأحمد والشافعي وأبو حنيفة ففي التشهد نقول: اللهم صلى على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
وفي صيغة أخرى للصلاة الإبراهيمية: اللهم صل وسلم وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
ولقد أنزل اللهم فيهم قرآنًا حيث قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب:33]
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: يا آل بيت رسول الله حبكمو::: فرض من الله في القرآن، أنزله… يكفيكمو فخرًا أنكمو::: من لم يصل عليكم لا صلاة له.
من ذلك يتبين أنه لا غرابة إذ سلمنا عليهم في أحاديثنا وكتاباتنا وكلما ذكروا لنا أو ذكرناهم.
فلأهل السنة ولأهل الشيعة دليل شرعي في السلام على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا معهم في مستقر رحمته وسلام على الزهراء في الخالدين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق